عصام عبدالعزيز

بين جمال مبارك ونور والعريان.. أيها الشعب لا تحزن

الخميس، 05 مارس 2009 05:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ فترة ليست بالقليلة بدأت تنتشر نغمة ثابتة فى الشارع السياسى المصرى، بدأت على مستوى العامة والبسطاء، ثم انتشرت إلى أن وصلت إلى الكثير من المثقفين والسياسيين بل وأصحاب الاتجاهات والأيديولوجيات المختلفة.

هذه النغمة هى وضع كل أمل مصر فى التغيير فى شخص الدكتور أيمن نور، مع احترامى وتقديرى لشخصه العزيز. وذلك على اعتبار عدة عوامل أهمها صغر سنه وجرأته وطلاقته فى الخطاب، وعلى رأس هذه العوامل دخوله انتخابات الرئاسة الماضية وحصوله على أصوات أعلى من رئيس الوفد الدكتور نعمان جمعة، وحصوله على المركز الثانى بعد الرئيس مبارك.

ثم يأتى سجنه المفاجئ والصادم ثم الإفراج عنه الأكثر مفاجأة والأكثر صدمة لغرابة توقيت حدوثه. كل هذا أستطيع فهمه وتفسير انتشار ظاهرة الدكتور نور بين عامة الشعب الكادح الذى يقع تحت نير الاستغلال والإهانة والفقر. فالشعب الذى تعود على حكم الفرد ووجود الزعيم كمحور رئيسى فى النظام السياسى، وتحكم هذا الزعيم فى كل شىء، لابد أن يبحث عما يعوض هذا الفراغ، وقد وجد ضالته فى كاريزما الدكتور نور، هذا الشعب البسيط الذى لا يبحث عن برنامج حزبى ولا إجابات شافية لمشاكل متراكمة عليه حتى دفن تحت نيرها. هذا الشعب الذى هرول أغلبه إلى حضن الإخوان بمنطق مشابه دون أن يسأل ماذا سيقدمون من حلول خارجة من برنامج سياسى واضح المعالم.

أجل أستطيع أن أتفهم كل هذا ببساطة لأننى من نسيج هذا الشعب، ولكن ما لا أفهمه هو موقف النخب السياسية والثقافية، سواء المستقلة أو حتى التى تنتمى إلى أيديولوجية ما، فتارة يصرخ صوت ليبرالى، يطالب الدكتور أيمن نور بالدخول مرة أخرى فى معركته السابقة على رئاسة مصر، وتارة يأتى صوت إخوانى ليطالب بتنصيب الدكتور رئاسة الوزراء فى حكومة انتقالية مختلطة. وهكذا.

والسؤال إذا كان الأمر كذلك، فهل هؤلاء المطالبون يريدون فعلاً الدكتور أيمن نور أم يريدون حزب الغد الذى أسسه ووضع برنامجه الدكتور أيمن، أم يريدون الاثنين معاً؟ وإن كانوا يريدون الحزب أو الحزب بزعيمه، فهل قرأ السيد الليبرالى برنامج الحزب؟ أو اطلع الصديق الإخوانى على فصوله ومقترحاته، أنا شخصياً لا أعتقد، لأنه ببساطة من يقرأ البرنامج السياسى لحزب الغد ـ وأدعى أنى قرأت نسخه المتعددة- يستطيع أن يكتشف بسهولة أن البرنامج الاقتصادى وهو الأهم والأشمل، لا يختلف كثيراً عن برنامج الحزب الوطنى الاقتصادى ونظرته، بل ولا يختلف كذلك كثيراً عن رؤية الإخوان الاقتصادية، فكلهم يعتمدون على الأسس والقواعد نفسها مع اختلاف طفيف فى التفاصيل، وما يؤكد على ذلك عملياً، فليذكرنى أحدهم بخمسة مواقف سواء للإخوان أو لحزب الغد تخص الكادحين من عمال مصر وفلاحيها، فليذكر أحدهم بمواقف الإخوان والغد من قضايا مثل قضايا قانون العمل الموحد أو أراضى الإصلاح الزراعى أو طرد الفلاحين من أراضيهم فى كمشيش وبهوت وغيرها، لقد خرج الآلاف من الإخوان يهتفون وينددون بموت 1300 غزاوى فى الحملة الأخيرة على غزة ولم نر هؤلاء الآلاف يقفون خلف ضحايا العبارة الذين تجاوزوا الألف أيضاً، ماتوا بلا حرب ولا احتلال ولا كانوا فى دولة حرب.

لم نر من أنصار الإخوان أو الغد ألفاً ولا مائة يخرجون مدافعين عن عمال المحلة أو مناهضين لقانون المعاش المبكر أو طرد أهالى العمال من مساكنهم بعد خروج العامل من وظيفته.

لم يحدث ولن يحدث لأن هذه القضايا تخص البسطاء والكادحين، ولا تخص الإخوان ولا حزب الغد، وبالتأكيد لا تخص الحزب الوطنى. ويبقى سؤال قد يطرحه البعض، إذا كان ما تقوله صحيحا، فأين الاختلاف وما هو الخلاف بين الثلاثة؟

إن الخلاف ليس فى الاستغلال والفساد وسيطرة رأس المال ورجال الأعمال على السلطة، فلو حكم حزب الغد لن يختلف سوى الأسماء، مع هامش أوسع من الحرية الكلامية والمشاركة السياسية المحدودة، التى سوف تستمر لفترة، حتى يحدث تصادم فى المصالح والرؤى، فيستخدم الحزب الحاكم، الغد حين ذاك، أدواته لإدارة هذا الصدام لصالحه.

أما الإخوان فحدث ولا حرج، بداية من عدم وجود برنامج سياسى واضح مقروء منذ صدور نسخة غير مكتملة فى نوفمبر 2007، لم يرض عنها أحد حتى من الإخوان أنفسهم ويكفى كلام دكتور عصام العريان عنه فى ذلك الوقت، إلى آرائهم فى المناحى الاقتصادية والاجتماعية. وآرائهم فى خصومهم السياسيين.

إن الخلاف ليس مع شخص الدكتور أيمن نور الذى أكن له كل تقدير واحترام، كما أكن للسيد جمال مبارك كل تقدير واحترام، وكذلك بالطبع للدكتور عصام العريان. ولكن فيما يمثله هؤلاء الأشخاص من سياسات من واجبنا أن نطلع عليها وندرسها ونناقشها، ثم نرفضها أو نقبلها.

أيها السادة إننا نريد تغييراً جذرياً يحقق ما يحلم به هذا الشعب، والذى لم يستطع الحزب الوطنى بعد 40 عاماً من تحقيقه، وبالتأكيد لن يحققه حزب الغد الخارج من نفس أرضيته الاقتصادية والاجتماعية والخارجية، وبالتأكيد لن يحققه الإخوان بصوتهم العالى ونظرتهم المحدودة.

فمن الإخوان للغد للوطنى.. أيها الشعب لا تحزن








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة