ليس أسهل من استدعاء وقائع الغضب التى انتهت باعتداءات بين مصر والجزائر عقب كل مباراة كرة قدم تجمع البلدين، وليس أسهل من التوقف أمام هذه الوقائع بعقيدة أن هناك ثأرا متبادلا يجب أخذه، وليس أسهل من ترك مصير العلاقات بين البلدين فى أيد جماهير مشحونة لا تعى أن تفريغ شحنة غضبها بوسائل غير مشروعة، من شأنه أن يؤدى إلى أضرار بالغة تؤدى إلى هدم ما صنعه الآخرون من بناء.
أقول ذلك على خلفية ما ذكره الأستاذ خالد الشيخ فى تعليقه الغاضب على مقالى "فتنة الإعلام الرياضى بين مصر والجزائر"، وذكر فيه 8 وقائع تشمل اعتداءات من جماهير جزائرية ولاعبين جزائريين على مصريين عقب مباريات جمعت البلدين، وتحدث أيضا عن طرد مدرسيين مصريين من الجزائر.
وعلى الرغم من أن هذه الوقائع صحيحة، لكن الأستاذ خالد الشيخ لم يذكر مثلا أن بعثة الفريق القومى المصرى لم تتحدث عن أى تجاوزات حدثت معها فى المباراة التى أقيمت فى الجزائر فى بدء أدوار مباريات تصفيات الوصول إلى كأس العالم.
ولم يتحدث عن كارثة الطوبة التى قذف بها أحد المشجعين الموتورين أتوبيس الفريق الجزائرى، وهو فى طريقه من مطار القاهرة إلى الفندق قبل مباراة القاهرة التى انتهت بفوز مصر بهدفين، وترتب عليها إقامة المباراة الفاصلة فى أم درمان بالسودان، ولم يذكر الأستاذ خالد أيضا العبارة المستفزة: "مصر مقبرة الغزاة"، وظهرت على شاشة لوحة إستاد القاهرة قبل مباراة مصر والجزائر فى القاهرة، ولم يذكر مثلا ما فعله الإعلام الرياضى فى مصر من تحريض أدى إلى شحن الجمهور بطريقة مؤسفة.
أعلم أن ذكر الوقائع السابقة لن يعجب البعض، وسيتم تفسيره بطريقة غاضبة ربما تؤدى إلى اتهامنا بالتفريط فى وطنيتنا، لكن قول الحقيقة هو أقصر الطرق لتشخيص أى داء، والقصد مما ذكرت أن وقائع التجاوزات موجودة عند الطرفين، وإذا توقف طرف منهما عند أن الطرف الثانى هو الذى يرتكب الذنوب دون غيره، فسيعنى أننا نمضى فى طريق مجهول، وحسنا ما فعلته الدبلوماسية المصرية من اتصالات مع الدبلوماسية الجزائرية، وإذا كان الحديث عن العروبة فى الطرفين لم يعد يعجب البعض، ويراه لغة قديمة يجب التخلى عنها، فالأجدر فى الرد على هؤلاء أن نقول لهم إن عروبتنا هى قدرنا الذى لا فكاك منه، وبدلا من تضييع الوقت فى أحاديث الهدم، فلنستثمره فى انتهاز فرصة أى لقاء عربى كرويا أو فنيا أو اقتصاديا للتقارب أولا وأخيرا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة