قبل ثلاثة شهور تقريبا، وفى اتصال هاتفى تعليقا على مقال لى تناول مصر وأفريقيا، قال لى وزير الخارجية أحمد أبوالغيط، إن مصر لم تغب عن الساحة الأفريقية أبدا، وأمدنى الرجل بمعلومات وفيرة تؤيد كلامه، وضمن ما ذكره أبوالغيط، أنه كانت هناك محاولات دؤوبة من أجل استيراد اللحوم من إثيوبيا، وللأسف تم إجهاضها بسبب كلام صحفى غير مسئول عن إصابتها بالأمراض، وهو ما ترتب عليه ضياع فرصة فى العلاقات الاقتصادية بين البلدين، كانت ستعود بالفوائد على أكثر من صعيد.
وبعد كل النداءات التى شددت على الالتفات إلى أفريقيا، لأن من أرضها تأتينا مياه النيل، تحركت الحكومة وسافر رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف إلى إثيوبيا، وأثمرت الزيارة عقد اتفاقيات كثيرة من بينها استيراد اللحوم والحيوانات الإثيوبية، وإجراءات لتكوين شركة مساهمة للاستثمار فى مجال مزارع تسمين العجول.
إجراءات التعاون لم تقتصر على اللحوم والعجول، وإنما امتدت إلى إرسال مصر لقافلة طبية كل ثلاثة أشهر إلى أديس أبابا، وهو ما يعنى رغبة فى توسيع شرايين العلاقات بين البلدين، وهذا إجراء حميد لو تم التعامل معه بجدية، وفهم عميق لمقتضيات الأمن القومى المصرى، الذى يبدأ من حتمية الحفاظ على مياه النيل، لكن المثير فى القضية كلها هو أن هذه الإفاقة من جانب مصر ليست جديدة، فهى تحدث على شكل هبات موسمية، كلما عبر أى طرف من الأطراف الأفريقية التى يمر فى أرضها نهر النيل عن ضيقه من حصة مصر فى مياه النهر، وتصميمه على إعادة القضية إلى نقطة الصفر.
الهبات الموسمية التى نسعى من خلالها إلى إرضاء الصديق الأفريقى، تقودنا إلى القول بأن الغضب الأفريقى هو الذى يثير الانتباه لدى دوائر صنع القرار فى مصر، مما يعطى إيحاء بأن العمل الدبلوماسى فى هذا الشأن يعيش وفقا لرد الفعل، وليس وفقا لاستراتيجية مرسومة لا تقف عند التعامل بالقطعة مع الأزمات التى تجد بين الحين والآخر.
الهبات الموسمية تشير أيضا إلى أن الدائرة الأفريقية غائبة عن نشاط رجال الأعمال المصريين، مما أعطى الفرصة لنشاط إسرائيلى أكبر فيها، وإذا كان رجال الأعمال يسعون إلى الربح السريع، فإن دوائر صنع القرار وفى خلفيتها العمل الدبلوماسى عليها أن تبحث عن السبل التى تجرهم جرا إلى أفريقيا بقناعة أن الحفاظ على الأمن القومى لا يقف أمامه رغبة رجل الأعمال فى جنى الأرباح.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة