يحتاج المسؤولون الإيرانيون إلى الكثير من التدقيق فى تصريحاتهم التى ترتبط بالشأن العربى، وأن يفصلوا بين ما هو حماسى وما هو واقعى، وبين ما هو حقيقى فى التاريخ، وما هو مغالطات منهم، والشاهد على ذلك تصريحات السفير الإيرانى فى لبنان غضنفر ركن آبادى والتى قال فيها إن شعبية الرئيس الإيرانى نجاد فاقت شعبية جمال عبدالناصر، وإن حفاوة الاستقبال الذى تمتع به نجاد خلال زيارته إلى لبنان، فاق الاستقبالات التى كانت تصاحب عبدالناصر.
كلام غضنفر هو استخفاف بالغ بتاريخنا العربى، وقياس ليس فى محله فالشعبية التى وجدها نجاد فى لبنان، تأتى من طائفة واحدة هى طائفة الشيعة، كما أن حزب الله هو الذى نظم خروج جماهير الشيعة لاستقباله، ومعروف أن التكوين الطائفى فى لبنان فيه سنة ومسيحيون ودروز، وأغلب أبناء هذه الطوائف الثلاث، لا يرون مصلحتهم فى المشروع الإيرانى، وبالتالى لا يرون فى نجاد زعيما يعبر عنهم، وقياسا على ذلك فإن نجاد هو بالتدقيق رئيس لإيران، وإن أراد مسؤولون إيرانيون أن ينصبوه زعيما خارج حدود بلاده، فليكن ذلك على الشيعة ليس أكثر. تصريحات المسؤول الإيرانى تدل على أنهلم يشاهد حجم الاستقبالات الشعبية لجمال عبدالناصر فى الدول العربية أو الأفريقية أو الآسيوية، كان الملايين يخرجون له بعفوية ودون ترتيبات، وإذا كان غضنفر لم يشاهد تسجيلات لتلك اللقاءات، فالمؤكد أنه- بحكم وجوده فى العاصمة اللبنانية بيروت- استمع من السياسيين اللبنانيين عن خروج الملايين فى سوريا لاستقبال عبدالناصر، بعد إعلان الوحدة المصرية السورية عام 1958، وبلغت الحفاوة بالجماهير السورية أن حملت سيارة عبدالناصر من على الأرض، وفى هذه الأثناء عمت المظاهرات فى لبنان تأييدا لعبد الناصر، وزحف عامة الشعب اللبنانى إلى سوريا للاستماع إلى أول خطاب لعبدالناصر فى سوريا بعد الوحدة.
كلام السفير الإيرانى لا يمكن التوقف أمامه من باب أنه يحيلنا إلى الماضى، فهو يقصد الحاضر بمحاولة الايحاء بأن المشروع الإيرانى أصبح قبلة الجماهير العربية، وهذا هو التزوير بعينه.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة