نشاط ساخن للدبلوماسية المصرية فى 30 يوماً يطرح هذا السؤال!

هل تغيرت معادلات مصر الإقليمية؟

الخميس، 28 أكتوبر 2010 09:52 م
هل تغيرت معادلات مصر الإقليمية؟ حسنى مبارك
تقرير - جينا وليم وإبراهيم بدوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ سوريا.. الأسد أكد تطور العلاقات السورية المصرية ورحب بالجهود السعودية الكويتية لإنهاء البرود السياسى
◄◄ لبنان.. أبوالغيط يؤكد الانفتاح على التيارات اللبنانية ردا على اتهام مصر بالانحياز لـ 14 آذار
◄◄ إيران.. الأزهر يرحب بفتوى تحريم سب الصحابة ويرد بفتوى تحريم تكفير الشيعة.. رسائل على تقارب القاهرة وطهران
◄◄ العراق.. مصر تستقبل الحكيم و3 زيارات لعلاوى وزيارة المالكى وعمار تؤكد انفتاح مصر على شيعة العراق والائتلافات
◄◄ السودان.. علاقات استراتيجية مع إدارة البشير.. والعلاقة مع الجنوب واستقبال سلفاكير تأكيد لدعم مصر لوحدة السودان


يبدو الوضع الإقليمى مجمدا لكن خلف هذا السكون تجرى تحركات مصرية دبلوماسية وسياسية على أكثر من صعيد، رسائل معلنة وأخرى مخفية، وشهدت الـ30 يوماً الماضية لقاءات على مستويات عليا وأخرى فى الصف الثانى. مصر تتحرك فى الملفات الساخنة، وتحاول تحريك الملفات النائمة.

باتجاه إيران والعراق والملف الشيعى، وفى اتجاه آخر تتحرك تجاه الملف اللبنانى، تحركات باتجاه دمشق وبغداد، دون تجاهل للملف السودانى المرتبط عضويا بالأمن القومى المصرى. خريطة السياسة الخارجية لمصر شهدت انفتاحا على أفريقيا ودعوة عدد من الرؤساء الأفارقة لزيارة القاهرة آخرهم جاكوب زوما رئيس جنوب أفريقيا.

خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة كشفت التحركات المصرية الإقليمية عن تغيرات فى أسلوب التعامل مع الدول التى تشهد علاقتها مع القاهرة توترات وجمودا قديما، ومحاولات لإنهاء الفتور الذى خلفته تصريحات ومواقف عابرة من حرب لبنان 2006 مثل سوريا وقطر.
على مسار العلاقات المصرية السورية التى تعانى من برود منذ حرب لبنان 2006 والتلاسن بين القاهرة ودمشق، ظهرت بوادر تحسن من خلال التصريحات الإيجابية بين المسؤولين حيث أكد الرئيس السورى بشار الأسد أن علاقات دمشق والقاهرة جيدة وتتطور بسرعة.

وكذلك تصريحات وزير الكهرباء والطاقة السورى أحمد كيالى عن قوة ومتانة العلاقات بين البلدين. فيما أكد السفير السورى فى القاهرة يوسف أحمد أن التعاون المصرى السورى مستمر فى مختلف المجالات.

وقد كشفت مصادر دبلوماسية عربية لـ«اليوم السابع» عن جهود وساطة سعودية وكويتية لإنهاء حالة الجفاء المصرى السورى، وعقد جلسات مصالحة ومصارحة حول مختلف نقاط الخلاف خاصة فى الملفين اللبنانى والفلسطينى، مشيرة إلى أن مصر تضع قوة العلاقات العربية على رأس أولوياتها دائما.

وعلى صعيد المسار المصرى اللبنانى بدأت الإدارة المصرية تتحرك لتغيير الانحياز السابق لفريق الأغلبية بزعامة سعد الحريرى والانفتاح على القوى اللبنانية الأخرى، وهو ما أشار إليه أحمد أبوالغيط وزير الخارجية، مؤكدا التزام مصر بالتواصل مع مختلف الطوائف والقوى اللبنانية التى تعمل فى إطار الشرعية، وبما يسهم فى الحفاظ على استقرار الوضع السياسى والأمنى فى لبنان بشكل عام. وحرصت مصر على توضيح انحيازها إلى لبنان ونفى الاتهامات الموجهة للإدارة المصرية بالانحياز لفريق لبنانى على حساب فريق آخر.

أما العلاقات المصرية مع شيعة العراق فقد شهدت تحركات على أكثر من مستوى، منها زيارات زعامة الشيعة العراقيين من مختلف الكتل السياسية القاهرة والتأكيد على فهم تغيرات الخريطة السياسية فى العراق حيث تضم القائمة العراقية بزعامة الشيعى إياد علاوى الأحزاب السنية تحت لوائها، وقد زار علاوى القاهرة ثلاث مرات لبحث تشكيل الحكومة العراقية المعقدة والمتحالفة مع كتلة الائتلاف الوطنى بزعامة عمار الحكيم الذى استقبلته القاهرة مؤخرا، وفى نفس الوقت فإن ائتلاف دولة القانون بزعامة نورى المالكى اختتم زيارته لإيران وسوريا بزيارة لمصر للتأكيد على دورها الإقليمى فى الساحة العراقية، وتأكيدا لكون الدولة المصرية ترعى أى تحركات فى اتجاه وحدة العراق، والاستماع إلى كل التيارات.

وفى نفس الاتجاه فإن التقارب المصرى الإيرانى لم يقتصر على الجوانب الاقتصادية وتوقيع اتفاقيات تبادل رحلات الطيران بين البلدين، بل شهد توجيه رسائل إيجابية بإشادة شيخ الأزهر بفتوى مرشد الثورة الإيرانية على خامنئى بتحريم سب الصحابة، وكذلك قيام الدكتور أحمد الطيب بتحريم تكفير الشيعة، وهو ما اعتبره الشيعة رسائل إيجابية من المؤسسة السنية الأولى فى العالم.

عدد من الخبراء والدبلوماسيين أكدوا ضرورة أن تعيد مصر النظر فى رسم سياستها الخارجية وفق مصالحها الإقليمية، وهو ما يؤكده الدكتور عبد العليم الأبيض المستشار السابق لأمين عام الجامعة العربية فيقول: إن الدبلوماسية المصرية قادرة على تغيير نهجها وسياستها إذا توافرت الإرادة، لافتا إلى أن دورنا الإقليمى الذى شهد تراجعا خلال السنوات الماضية كان بسبب ارتباط العلاقات الإقليمية مع بعض الدول بأجندة دولية دون النظر للمصالح الاستراتيجية لمصر.

ويؤكد الدكتور الأبيض أن دولة مثل تركيا استطاعت من خلال اتباع سياسات محددة تخدم مصالحها الخاصة أن تكسب احترام العالم بحرصها على إقامة علاقات طيبة مع الشرق والغرب والحفاظ على هويتها رغم اختلاف التيارات السياسية. ويؤكد د.الأبيض أننا لا نحتاج إلى تغيير معادلات وحسابات إقليمية بقدر ما نحتاج إلى إصلاح داخلى ينعكس على وضعنا فى الخارج.

ويرى د. الأبيض أن إيران لديها طموح إقليمى توسعى ساعدت على تناميه حالة الفراغ بالمنطقة التى تشغلها الآن قوى مثل إيران وتركيا وإسرائيل، فى ظل غياب مصرى وعربى، لافتا إلى تأييده السياسة المصرية تجاه حزب الله قائلا «حزب الله يعمل لحساب إيران ويمثل خطورة على أمن لبنان والمنطقة» مضيفا «شيعة لبنان لديهم قوى عسكرية أكبر من الجيش اللبنانى نفسه ويهددون استقراره».

بينما يرى السفير سيد قاسم المصرى مساعد وزير الخارجية السابق ضرورة إعادة نظر وتقييم مخططات السياسة الخارجية بما يخدم مصالحنا وأن تكون مبادرة مد الخطوط الجوية مع قوة إقليمية مثل إيران نابعة من سياسة مدروسة وبداية لتصحيح مواقف خاطئة، حتى لو رفضنا الضغوط الأمريكية. مشيرا إلى أنه إذا كان من الطبيعى أن يكون لكل دولة مصالح، فالمهم هل هذه المصالح فى إطار التنافس المشروع بين كل الأمم أم أنها تتصادم معنا، لافتا إلى ضرورة إحداث نوع من التنسيق مع إيران، لأن المخاطر الأمنية التى تهددنا واحدة ويضيف قائلا «لا أتخيل وجود تنسيق استراتيجى بيننا والولايات المتحدة التى تدعم إسرائيل بكل قوة فى حين نغفل أو نتجاهل التنسيق مع قوة مثل إيران يمكن أن تكون سندا لنا وتقوى مواقفنا المشتركة التى تهدف إلى خلق كيان وهيبة للمنطقة».

ولم يستبعد السفير قاسم إمكانية إحراز تقدم فى إنهاء التوتر بين القاهرة وحزب الله رغم الاتهامات التى وجهت إلى عناصر من حزب الله بالتخطيط لتنفيذ هجمات إرهابية من شأنها الإضرار بالأمن القومى المصرى، لافتا إلى أن الداخل اللبنانى نفسه يحاول أن يتناسى الخلافات ويبتعد عن الفتنة بمبادرة نجل الحريرى، والاتصال بقيادات حزب الله وزيارة سوريا رغم اتهامات ضدهما بالضلوع فى اغتيال والده، لذا علينا إطفاء الحرائق لا إشعالها لدرء الفتن والصراعات التى تصب فى صالح المتربصين بنا.

اما الدكتور عادل عبد المنعم سويلم أستاذ دراسات إيرانية بجامعة عين شمس فيرى أن التطور الأخير فى العلاقات ما بين القاهرة وطهران يقتصر على المستويين الاقتصادى والشعبى ولعبت فيه التجارة والبيزنس الدور الرئيسى وإن كانت تمثل بادرة خير إلا أن الأهم أن يتطور ذلك التقارب إلى فتح الملفات الأمنية والسياسية لرأب الصدع فى العلاقات الدبلوماسية للبلدين.

ويعتقد د.سويلم أن هذه التطورات لا تمثل مقدمة للمزيد وما هى إلا مجرد تقارب بعيد عن فتح الملفات الأمنية والسياسية التى لا ترتيط من قريب أو بعيد بتبادل الأسفار والرحلات والتجارة بين البلدين والتى تمت بمبادرة من رجال أعمال فى القطاع الخاص، مشيرا إلى أن هذا التقارب لن يؤدى إلى تنامى العلاقات بين الطرفين ولا يعنى فتح تلك الملفات الساخنة.

وإذا أرادت مصر أن تعيد حساباتها الإقليمية عليها أن توقف المد القادم من قوى إقليمية أخرى بالتأكيد على دورها الفاعل فى إدارة ملفات عديدة مثل ملف فتح وحماس وغزة وغيرها من المبادرات التى تحفظ لمصر جزءا من ريادتها وتقطع الأيدى الراغبة فى تقليص حجمها الإقليمى.

على مسار العلاقات المصرية السودانية التى تشهد تقاطعات واتهامات للقاهرة بدعم الدولة القادمة فى جنوب السودان 2011 وهو ماردت عليه مصر على لسان السفير حسام زكى المتحدث باسم الخارجية أن المشروعات المصرية فى الجنوب لا تعنى دعما مصريا للانفصال.

حيث احتفظت مصر طوال الوقت بعلاقات قوية مع الرئيس البشير وإدارة السودان، ولم يكن تحركها فى أى اتجاه مناقض لمصالح السودان، التى تمثل عمقا استراتيجيا لمصر. وقد احتفظت مصر باتصالات مع كل الأطراف السودانية حيث استقبلت مصر سلفاكير ميارديت نائب الرئيس السودانى الذى التقى بالرئيس مبارك بعد وزير الخارجية أحمد أبو الغيط والوزير عمر سليمان. وتضمنت مباحثات سلفاكير مناقشة الوضع فى السودان بشكل عام.
وفى نفس السياق قال السفير السودانى فى القاهرة عبد الرحمن سر الختم إنه بحث مع وزير الخارجية أحمد أبو الغيط كل القضايا المتعلقة وما تقوم به مصر تجاه المسائل السودانية الملحة خاصة قضايا تحقيق السلام والاستقرار فى دارفور.

ويقول هانى رسلان الخبير بمركز الدراسات السياسية بالأهرام ومدير برنامج السودان إن مصر لا تستطيع التدخل لمنع الانفصال لأنه حصيلة تراكمات داخلية طويلة المدى، وحق تقرير المصير أصبح حقا للجنوب بموافقة حكومة السودان وباقى القوى السياسية، ولذلك لا تستطيع مصر التدخل أو تعارض تنفيذ الاستفتاء لأنهم أصحاب الشأن. ولهذا اضطرت مصر إلى تحويل سياستها لقبول حق تقرير المصير وكان نوعا من التحول الهادئ للحفاظ على الهدف الأساسى وهو الوحدة.

ويؤكد رسلان أن السودان وصل الآن للمرحلة الانتقالية، ومن مصلحة المنطقة أن يتم الانفصال، لأنه سوف يساعد على الاستقرار ووجود علاقة تعاونية أكبر بين الشمال والجنوب. وقال إن مؤشرات العلاقة بين الطرفين علاقة صراعية وليست تعاونية، ويجب على مصر تحسين هذه العلاقه وجعلها تعاونية.

ويوضح رسلان أنه بالنسبة لأزمة النيل فإن الجنوب سوف يكون الدولة الحادية عشرة، ويوجد مجموعتان المجموعة التى وقعت على اتفاقية عنتيبى ومجموعة المصب وهى مصر والسودان، لذلك فالدولة الجديدة مهمة، وهى التى تستطيع حل المشكلة أو تعقيدها، وفى الأغلب سوف تنضم لمجموعة عنتيبى لأنها أقرب لها فى المصالح، ومن مصلحتنا أن تكون علاقتنا جيدة معها، ودولة جنوب السودان تفتقر للبنية التحتية بشكل مطلق وهى دولة حديثة، ولكى تستمر لابد أن تأخذ مساعدة من الخارج ويوجد طرفان يساعدانها الآن وهى الولايات المتحدة وإسرائيل، وليس من مصلحتنا ترك الساحة لإسرائيل، ولابد من وجود علاقة تعاونية معها ويجب التدخل لنزع فتيل التوتر بين الشمال والجنوب.

ويتفق معه السفير روبير إسكندر سفيرنا فى إثيوبيا أن مصر لا يمكنها تغيير سياستها تجاه انفصال أو وحدة السودان لأن هذا حق أصيل للشعب السودانى رغم أننا مع الوحدة ونحافظ أيضا على علاقات جيدة مع الجنوب.

من جهته يرى د.زكى البحيرى أستاذ الدراسات الأفريقية بجامعة المنصورة أن الدبلوماسية المصرية غابت لسنوات عن أفريقيا، وفضلت عدم التدخل فى مشكلات دول مثل أوغندا وإثيوبيا لتترك بذلك فراغا كبيرا استغلته قوى أخرى لاستغلال المنطقة مثل إسرائيل والصين وإيطاليا وأمريكا.

ويشير البحيرى إلى أن تغيير سياسة دولة ليس بالأمر السهل ويستغرق سنوات طويلة من العمل السياسى والتطوير الاقتصادى والتجارى والأهم الآن هو الحفاظ على التواجد بخلق علاقات مستدامة مع السودان، ودول حوض النيل بتشجيع رجال الأعمال على الاستثمار بتلك الدول لكن القطاع الخاص يفضل الاستثمار فى دول أخرى وهى عقدة تاريخية.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة