بدأت فى الأيام الثلاثة الماضية فى سرد تفاصيل اللقاء الذى دعانى إليه الصديق الدكتور خالد جمال عبد الناصر شفاه الله فى منزله، وكان بحضور باتريس لومومبا، ابن الزعيم الإفريقى الكبير الذى اغتالته بلجيكا وبمشاركة من المخابرات الأمريكية، واستطاعت مصر تهريب أبناء لومومبا إلى القاهرة لتنقذهم من مذبحة كانت متوقعة لهم، وحضر اللقاء الصديق أمين إسكندر، وكيل مؤسسى حزب الكرامة، كما حضر جانبا منه عبد الحميد جمال عبد الناصر.. واستكمل ما بدأته.
تحدث باتريس عن أن هناك أشياء مؤلمة فى قصة تهريبهم إلى مصر، وبصعوبة بالغة قال: "كانت هناك أشياء مؤلمة مثل وداع الوالد لنا وإحنا ماشيين، لم نكن نعرف إيه اللى بيحصل فى البلد (الكونغ)، والوالدة نفسها لم تكن تعرف أنه سيتم تهريبنا، ولهذا فوجئت بكل شىء".
وقبل أن ينتهى باتريس من كلامه ألح عليه خالد عبد الناصر: "أكمل.. أكمل يا باتريس"، فقال باتريس: "رغم أن سنى كان صغيرا إلا أننى لا أنسى أبدا لحظات وداع الوالد لومومبا لنا قبل أن نخرج من المنزل حسب أوامر عبد العزيز أسحق للوصول إلى المطار، أمسك الوالد بنا، أنا وفرنسوا وجوليانا، وآخذ كل واحد فى أحضانه وهو يقول: "خلوا بالكم من بعضكم، أنتم رايحين لأبوكم جمال عبد الناصر وهو هيخلى باله منكم.. لازم تدرسوا وتتفوقوا"، يضيف باتريس: "لم نكن نعرف أنها آخر مرة سنراه فيها، لكن هو كان يعرف أنها المرة الأخيرة لهذا لم نزلت دموعه ونحن فى طريقنا للخروج من المنزل".
سادت لحظات من الصمت فى المكان ثم واصل باتريس سرد ذكرياته وخرجت الكلمات منه بطيئة: "بعد اغتيال أبى بسنوات عرفت من أمى ونحن هنا فى القاهرة أنه كان يعرف أن قوات موبوتو (رئيس الكونغو فيما بعد) والتى كانت تحاصر البيت لو أمسكت به ونحن موجودون كانوا سينفذون فينا مذبحة جماعية، وكان هذا أكثر ما يؤلمه، وكان يفكر فى.. هل سينفذون ذبحنا قبل اغتياله حتى يشاهدنا فيتعذب قبل أن يتم قتله، أم ستتم عملية قتله قبل أن يأتى علينا الدور"، ويضيف باتريس: "على فكرة كان فيه اقتراح بأن يتم توزيع كل واحد من أبناء لومومبا إلى زعيم إفريقى، يعنى واحد يذهب إلى الزعيم الغينى سيكوتورى، وواحد يذهب إلى نكروما زعيم غانا، وواحد يذهب إلى جمال عبد الناصر، وبعد ذلك تلحق الأم ومعها رولا إلى واحد من هؤلاء الزعماء، لكن الوالد رفض هذه الخطة بعد أن وافق عليها وقال: "فليذهب أولادى إلى جمال عبد الناصر هو سيكون والدهم بالفعل"، وجئنا لنعيش بالفعل فى القاهرة ما يقرب من 30 عاما حتى عدنا إلى الكونغو "وأضاف باتريس: "بالمناسبة يا جماعة، جمال عبد الناصر ولومومبا التقيا مرة واحدة فقط فى أكرا بغينيا عام 1958".
بينما كان الحديث يتدفق فى الجلسة قرر خالد جمال عبد الناصر أن يتصل تليفونيا بالفريق سعد الدين الشاذلى، ونفذ قراره بالفعل:
_ أهلا يا سيادة الفريق أنا خالد جمال عبد الناصر، ومعى الآن ضيوف يتحدثون تهريب أبناء لومومبا إلى مصر ودورك العظيم فيها، وبالمناسبة معنا هنا باتريس ابن لومومبا.
_ يرد سعد الدين الشاذلى، ثم يعطى خالد التليفون إلى باتريس.
يتحدث باتريس والفريق سعد وبعد الترحيب يسأل الفريق سعد باتريس عن حقيقة اعتذار بلجيكا عن عملية الاغتيال ودعوتها لأسرة لومومبا للسفر إليها لحضور جلسة الاعتذار، ويؤكد باتريس للشاذلى أنهم بالفعل تلقوا دعوة لكنهم لم يحضروها لأنهم يرفضون الاعتذار.
أعطانى باتريس التليفون لأتحدث مع الفريق الشاذلى الذى قال: "فى قضية لومومبا كنا نعمل جميعا تحت راية جمال عبد الناصر، وهى الراية التى أقلقت الاستعمار فى الدول العربية والإفريقية".
سألت الفريق سعد الدين الشاذلى: "بعد كل هذه السنوات ما هى ذكرياتك الآن عن قصة اغتيال لومومبا ومساعدة جمال عبد الناصر له؟.
سعد الدين الشاذلى: "كنت قائد الكتيبة العربية التابعة للأمم المتحدة فى الكونغو، وكان ثلثها من المصريين والسوريين، لأننا كنا أثناء الوحدة المصرية السورية، وكان هذا أول اشتراك مصرى خارج الحدود، وأثار هذا غضب أمريكا على عبد الناصر، حيث رأوا أنه ينظر إلى إفريقيا بأهمية تأتى من نظرته الشاملة للأمن القومى لمصر والعرب"... يستكمل ....
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عمر امين الطيب السودان امدرمان
اصلها اليوم السابع حبيبتي
تحيا مصر ام الدنيا اهل الواجب واخت بلادي