قطب العربى

كمال الشاذلى في موسوعة جينيس

الثلاثاء، 02 نوفمبر 2010 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من حق الوزير السابق والنائب المخضرم كمال الشاذلي علينا أن ندعو له بتمام الصحة والعافية، فهذه هي أخلاق المصريين النبلاء، ومن حقنا عليه هو وأمثاله أن نقول له كفى، امنح الفرصة لغيرك وواصل عطاءك وخدماتك لأبناء دائرتك وأبناء مصر جميعا من خلال علاقاتك المتشعبة برموز الحكم الحالي والسابق واللاحق.

حين شاهدت صور النائب كمال الشاذلي في أول ظهور جماهيري له بين أبناء دائرته معلنا ترشحه للمقعد النيابي من جديد، شعرت بالمرارة البالغة، لأن الرجل الذي تجاوز السبعين من عمره، ويعاني من هذا المرض العضال – شفاه الله- لا يزال متمسكا، بل ملتصقا بكرسي مجلس الشعب الذي هو أقل كثيرا من حجمه، لكنها شهوة الاستحواذ على كل شيء ولو كان صغيرا.

46 عاما قضاها الشاذلي في مجالس مصر النيابية بدءا من مجلس الأمة وانتهاء بمجلس الشعب، وهو يريد الآن تجاوز نصف القرن في البرلمان بعد أن ينهي الدورة الجديدة التي ترشح لها، ليصبح بذلك – ربما- أقدم برلماني في العالم ، ويدخل بذلك موسوعة جينس للأرقام القياسية من باب البرلمان.

ما الذي يضير الشاذلي لو رشح أحد أبنائه أو أحد أقاربه أو حتى أصدقائه من أبناء الباجور الأصلاء؟ وماذا تستفيد الحياة السياسية والبرلمانية من ترشحه وهو بهذه الحالة التي لم يعد فيها قادرا على العطاء، وهو في أمس الحاجة فيها للراحة من عناء وعنت السياسة، وإعطاء جسده حقه(إن لربك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، ولجسدك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه).

ما هي الرسالة التي يريد الشاذلي إيصالها من خلال الترشح وهو في هذا السن وبهذه الحالة؟ اللهم إلا تأكيد قناعات استقرت وهي أن كل مسئولي وقيادات هذا النظام أقسموا أن لا يموتوا إلا فوق كراسيهم، وأن لا يعطوا أي فرصة للتجديد، وللأجيال الشابة حتى لو كانوا أبناءهم.

أستطيع أن أتفهم تعاطف أبناء دائرة الباجور مع نائبهم، بسبب ما قدمه للآلاف منهم من خدمات وإن كان الأمر ليس مطلقا فهناك من أهل الباجور من لم يستفد ولن ينتخب الشاذلي، وقد حدث ذلك من قبل خلال ترشح رجل الأعمال إبراهيم كامل ضده في انتخابات سابقة، حيث حصل هذا الأخير على عدد مقدر من الأصوات رغم كل ما فعله به الشاذلي ورجاله، وجهاز الدولة وشرطتها، وها هو اليوم يعود للتحدي في مواجهة الرجل المريض هذه المرة، الذي فقد بريقه، وفقد سلطته أو جزءا كبيرا منها بعد إبعاده عن أمانة التنظيم في الحزب الوطني وإبعاده عن كرسي الوزارة.

جزء كبير من تعاطف أبناء الباجور مع نائبهم العائد من رحلة علاجية طويلة في أمريكا هو تعاطف إنساني لا سياسي، وإذا جرت انتخابات حرة في الباجور فقد نرى مفاجأة من العيار الثقيل وقد نرى نهاية دراماتيكية لرحلة الشاذلي السياسية.

تحدث الشاذلي في مؤتمره الجماهيري حديثا عاطفيا لدغدغة مشاعر الناخبين، وقال" إن مقعده الذي احتفظ به لمدة 46 عاماً لن يذهب إلى أي دخيل أو غريب على أهل دائرة الباجور، وسيقف جميع أبناء الباجور صفاً واحداً للدفاع عن هذا المقعد يوم الثامن والعشرين من نوفمبر" وكأن هناك غزاة للباجور يريدون السطو على الكرسي بدون وجه حق، وكأن المرشح المنافس ليس من أبناء الباجور، وليس مقيدا في دائرتها الانتخابية.

هل تمثل عودة الشاذلي بهذه الطريقة نجاحا لرجال الحرس القديم الذي تلقى العديد من الطعنات من رجال لجنة السياسات؟ ربما تكون الإجابة بنعم خاصة في ظل حالة صراع مكتوم بين الجناحين تسبب في تأجيل المؤتمر العام للحزب إلى ما بعد الانتخابات رغم انتهاء كل الترتيبات الخاصة به.

يبدو أن الشاذلي يريد من ترشحه دعم زملائه في الحرس القديم، الذين يتعرضون الآن لضربة جديدة باستبعاد رموزهم ومرشحيهم لمجلس الشعب عبر قوائم الحزب الرسمية لصالح رجال أحمد عز، وربما يريد الرجل المريض إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن يبدو أنه عاد إلى الحلبة في الوقت الضائع .

حتى لو فاز كمال الشاذلي- وغالبا ما سيفوز سواء بأصوات حقيقية أو وهمية- إلا أنه لن يكون هو كمال الشاذلي الذي كنا نعرفه، متنفذا، متحفزا، أمرا ناهيا، يحرك الأغلبية في البرلمان بإشارة يد أو إيماءة عين، ترتعد منه فرائص النواب، ويغيرون مواقفهم 180 درجة بناء على نظرة أو حركة خفيفة منه.

أنصح الشاذلي أن يقر في بيته، ويستغفر لأخطائه التي اقترفها بحق الحياة السياسية والبرلمانية، وربما يستطيع ان يكفر عن هذه الأخطاء بمواقف جديدة دعما للتغيير والإصلاح فمن شروط التوبة الصادقة الندم على ما فات والتعهد بعدم ارتكاب الخطأ مجددا ورد الحقوق لأصحابها.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة