يحكون فى علم الإدارة عن قصة طريفة حول تجربة نفسية وسلوكية نفذت على فيل أفريقى أطلقوا عليه نيلسون، وهو فيل ضخم ولد بأفريقيا من سلالة قوية وتمتع لأشهر قليلة برعاية أمه وقطيعه وبالحرية الرائعة التى تمنحها الغابات الأفريقية الواسعة من دفء وأنهار وحرية، وتم صيده غدرا ونقل إلى أحد حدائق الحيوانات فى الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك بدأت التجربة العلمية لإخضاع نيلسون الصغير السن والهائل البنية والذى وصل وزنه حينها إلى 300 كجم .. فوضعوه فى ركن بعيد وعلقوا فى قدمه سلسلة بكرة حديدية ضخمة وتركوه وحيدا لأيام واكتفوا بتقديم طعام له فى أوقات محددة .. وصرخ نيلسون كثيرا وبكى بعد أن ضاعت منه عشيرته وحريته وبكل الغضب حاول أن يتحرك وأن يهرب من هذا المكان الموحش الذى تركوه وحيدا فيه لكن كرة الحديد كانت تعصر قدميه فيوقفه الألم ومع الوقت بدأ يفقد الأمل فى تحريك نفسه والتخلص من ثقل الكرة الحديدية ورضخ الفيل وسكن مكانه واعتاد على وحدته حتى إنهم وضعوا حوله سور ضعيف ليشاهده الناس ضمن حيوانات الحديقة، ومرت الأعوام ونيلسون كما هو لا يتحرك إلا فى حدود السلسلة التى تربطه بالكرة الحديدية ورغم أن نيلسون وصل وزنه إلى أطنان والكرة الحديدية أكلها الصدأ وأصبح وزنها مضحكا بالنسبة لوزن نيلسون وقوته الهائلة إلا أنه لم يحاول أن يهرب أو أن يتحرر لأنه يرى الكرة الصدئة أكبر منه وأقوى، الغريب أن إدارة الحديقة بدلت الكرة الحديدية بأخرى خشبية بعد أن تهالكت الأولى تماما ولم يلحظ نيلسون الفرق فقط كان يكتفى بعشرة خطوات حول الكرة الخشبية، وظل الناس يزورون نيلسون ليتعجبوا من هذا الكائن القوى الضخم الذى يسيطرون عليه بكرة خشبية يستطيع أى شاب تحريكها بسهولة، الكل كان يعرف أن نيلسون أقوى بكثير من الكرة الخشبية الوحيد الذى لم يعرف ذلك هو نيلسون نفسه، وقصة نيلسون هى قصتنا جميعا ونحن نقف عاجزين عن حل عشرات القضايا لأننا خائفين من تجارب الماضى أو معتقدات الطفولة، عاجزين عن التحرك أو التقدم أو التغيير بفعل تراث من الطاعة والخنوع والرضا بالحال أيا كان.. فى حياتنا الشخصية أو السياسية أو حتى الدينية هناك دائما سلسلة آخرها كرة حديدية أو خشبية نقف أمامها عاجزين ونحن الوحيدون الذين لا ندرك أنها تافهة وأننا أقوى بكثير وأن الحرية ليست تجربة طفولية نخافها ونبتعد ... إن التغيير أو التقدم أو حتى الفضول لمعرفة أنماط أخرى من الحياة تجربة عسيرة على شعب ربط نفسه بمجرى النيل لسنوات طويلة وصنع حوله العشرات من القيود النفسية والسلوكية حتى لا يتحرك، الغريب أن نيلسون قد يدرك ولو لوهلة أنه أقوى بكثير من الكرة الخشبية ولكن الحقيقة أنه خائف من أن يخرج من القفص لأنه أصبح مع الأيام أضعف من أن يعتمد على نفسه فتركها صاغرا لعمال الحديقة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة