قطب العربى

الرقابة الشعبية والمواطن الصحفى

الأحد، 19 ديسمبر 2010 07:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من وسط ركام الانتخابات الأخيرة وظلماتها، كانت هناك طاقات نور، تكشف معدن هذا الشعب، وصلابته، وقدرته على ابتداع وابتكار البدائل لكل صعب ومستحيل، شباب غض، فى العشرينات والثلاثينات، فعل ما لم يخطر ببال جبابرة السلطة وجلادوها، وتمكن باستخدام أدوات بسيطة من كشف وفضح عمليات تقفيل اللجان، وتوثيقها ونشرها على الملأ بكل وسيلة ممكنة، وإن لم تصل قدرتهم بعد إلى حد منع الجريمة.

مساء أمس السبت، استمتعت بمشاهدة عروض قصيرة لمجموعات من هؤلاء الشبان والفتيات فى ندوة "المواطن الصحفى" بنقابة الصحفيين، ورغم وجود عشرات المقاطع المرئية "الفيديو" لعمليات التزوير فى الفضائيات ومواقع الإنترنت، إلا أننى شاهدت وجبة أدسم من تلك الفيديوهات خلال الندوة، وكان اللافت أن من قام بتصويرها ليسو مصورين محترفين، لكنهم مجرد شباب وفتيات هواة متطوعون تحولوا إلى صحفيين، حين غاب أو غيب الصحفيون والمراسلون، منهم من أدلى بصوته ومنهم من كان مقاطعا للتصويت، لكن مقاطعته لم تمنعه من القيام بعمل إيجابى لكشف التجاوزات.

هذه هى مصر الجديدة، شباب متنوعون فكريا وسياسيا، لكنهم متحدون فى مواجهة الفساد والانحراف، لم يتعللوا بقصور الإمكانيات، ولا بقلة الخبرة، بل راحوا يستخدمون هواتفهم المحمولة وكاميراتهم الصغيرة فى رصد عمليات التسويد، ونقلها للعالم، ونجحوا بذلك فى كسر حالة الحصار الذى فرضته السلطة على الفضائيات والصحف التقليدية، وأمدوا تلك الفضائيات والصحف بمئات اللقطات المصورة والمرئية، كما استقبلت صفحة وحدة الرصد الميدانى ما يزيد عن أربعة ملايين زائر يوم الانتخابات فقط، والآن يستعد هؤلاء الشباب لتجميع كل تلك اللقطات فى عمل واحد، لاستخدامه فى عمل قانونى محلى وربما دولى ضد الذين تم تصويرهم صوتا وصورة وهم متلبسون بالجريمة.

ودع هؤلاء الشباب الخوف، وبلغت الجرأة بأحدهم أن يتنكر وسط بلطجية أحد المرشحين باعتباره واحدا منهم، ليقوم بعملية "بث مباشر" لوحدة الرصد التابع لها، لما يفعله هؤلاء البلطجية وما يخططون للقيام به، لم يكن هذا الشاب البطل يبحث عن بطولة وهو يعرض حياته للخطر بهذه العملية الفدائية بين مجرمين محترمين لا عقل لهم ولا قلب، بل كان ما يهمه هو كشف أعداء الوطن وأعداء الحرية.

نحن إذاً أمام متغير جديد فى ساحة العمل السياسى والشعبى، فقد عوض هؤلاء الشباب جزئيا غياب الإشراف القضائى وغياب لجان الرقابة المحلية أو الأجنبية، وطرد مندوبى المرشحين، ومع تراكم خبرتهم، وانتشار ثقافتهم، وانضمام الآخرين إليهم سيكون حضورهم وتأثيرهم أقوى فى الانتخابات المقبلة، خصوصا مع تطوير عملياتهم كما ونوعا، مثل وضع المزيد من البيانات على الفيديوهات والصور التى يلتقطونها توضح مكان وزمان ومناسبة التصوير حتى تظل سجلا محفوظا للأجيال القادمة.

الأمل معقود أن تحتضن نقابة الصحفيين، والمنظمات الحقوقية المعنية بحرية الرأى والإعلام هؤلاء الشباب دون أن تتاجر بهم، أو تحرفهم لأجنداتها الخاصة، والأمل معقود أيضا أن تنتقل هذه التجربة البديعة إلى عموم الدول العربية التى تشهد انتخابات صورية مثل مصر، والأمل معقود كذلك أن يمتد عمل هؤلاء الشباب لمراقبة وتصوير وكشف وتوثيق كل المخالفات فى كل مواقع العمل وليس فقط فى الانتخابات.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة