هل أصيب الوسط الرياضى فى مصر بمرض الزهايمر؟ سؤال لايحتاج إلى طبيب متخصص فى الأمراض النفسية لتشخيص حالته، ولا جهد كبير من القراء للتأكد من هذه الحالة المرضية التى تجعل الذاكرة تنسى الأحداث القريبة فقط، وتحتفظ بالأحداث البعيدة، فقد تحول أصحاب الصرخات والصيحات المدوية التى أصابت العلاقات المصرية الجزائرية بشرخ عميق ولعبت مفعول السحر فى إنهاء أسطورة ساويرس الاقتصادية فى الجمهورية الجزائرية إلى أقلام ناعمة وكلمات رقيقة تقدم النصح والإرشاد لاتحاد الكرة وتدعوه إلى الصلح والسلام على رئيس الاتحاد الجزائرى، وكأن شيئا لم يحدث والشعوب لم تتأثر بما قيل هنا وهناك، وماحدث على كافة المستويات من سلبيات نتيجة التصريحات النارية والكلمات العنترية والتصرفات التى أطلقها الثنائى زاهر- روراوة.
التقى الرجلان رئيس الاتحاد المصرى لكرة القدم سمير زاهر، ومحمد روراوة رئيس الاتحاد الجزائرى ورفاقهما فى صحبة القطريين رئيسى الاتحاد الآسيوى والقطرى، وتقابلا بالأعناق وانهالت القبلات وتنافس المتصالحان فى توجيه الشكر لأصحاب الضيافة فى مشهد مغاير تماما لما حدث فى الخرطوم أمام الرئيس السودانى عمر البشير، وأعلن الرجلان من العاصمة القطرية أنه تم إسدال الستار على صفحة الماضى دون إدراك لمشاعر الشعبين وما أحدثاه من فتنة وفرقة وعنف واضطرابات كادت أن تتحول إلى نار تلتهم بعضاً من صفحات التاريخ العريق بين البلدين لولا تدخل الكبار.
لسنا ضد الصلح، بل إنه ضرورة لابد منها، ولكن لسنا مع غياب المحاسبة واللعب على مشاعر الناس هنا وهناك وإطلاق التصريحات غير المسئولة والعبارات المثيرة وتجييش وسائل الإعلام للدفاع على أوهام تدور فى أذهان بعض الشخصيات.
كان على الرجلين الاعتراف بالخطأ والخطيئة التى ارتكباها فى حق أنفسهم وشعوبهما والاعتذار عما فعلاه وما أحدثاه من انكسارات وآلام فى النفوس وتأثير على الاقتصاد، ولكن الرجلين أسقطا كل ذلك من حساباتهما وكأن ما فعلاه شىء شخصى لا علاقة للناس به من قريب أوبعيد.
انفض الصلح دون اعتذارات وكأن الإهانات شىء عادى وما حدث من أزمات على العديد من المستويات شىء طبيعى لا تستوجب محاسبة الأشخاص الفاعلين والتحقيق معهم لإدراك نتائج أفعالهم، بل الغريب فى الأمر أن الحكومات باركت هذه التصرفات وانساقت وراءها هنا وهناك.
بل ذهب الكابتن سمير زاهر إلى ماهو أبعد من ذلك، فقد طالب أنس الفقى وزير الإعلام وأسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون بمواجهة منتقديه ومنتقدى رحلة المنتخب المصرى إلى قطر، وكأن اتحاد الكرة يملك ملف نظيف خال من المخالفات والإهانات والأحداث المثيرة سواء فى أزمة مصر- الجزائر أو فى زيارته إلى دبى.
لا نجحد حق زاهر ورفاقه فى الإنجازات التى حققوها والبطولات التى حصدوها ولكن الانكسارات التى فعلوها تركت جرحا غائرا فى العلاقات والنفوس، فالخروج من كأس العالم والأزمة مع الجزائر وقصة الهدايا فى دبى وغيرها من القضايا الداخلية تفتح الباب للنقض على مصرعيه، وتجعل الجماهير تترقب رحلة النتخب فى قطر وخاصة أنها رحلة ليست بريئة تماماً، بل تبدو مثيرة للشك والريبة بعد إلغاء مباراة الأردن والموافقة على مباراة قطر، ولكن يبدو أن الاتحاد أصيب بمرض الزهايمر وأصبح يتصرف مثل الرئيس الأمريكى الأسبق ريجان الذى يعانى من هذا المرض فيتذكر ما فعله من سنوات طويلة ولكنه لا يدرى ما حدث معه من أشهر قليلة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة