يوم براءة هيكل أمام منصة القضاء

الجمعة، 24 ديسمبر 2010 02:14 ص
يوم براءة هيكل أمام منصة القضاء السادات
محمود سعدالدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ ننشر تفاصيل مذكرة هيكل للنائب العام التى يبرئ فيها السادات من سم عبدالناصر فى «فنجان القهوة».. وحيثيات براءته من اتهام صلاح نصر
◄◄ لم يتعد هيكل حدود النشر المباح فى إطار الموضوعية فى حديثه عن صلاح نصر

فى الوقت الذى كان الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل يحصل فيه على حكم البراءة فى القضية المرفوعة ضده من عائلة صلاح نصر مدير جهاز المخابرات العامة حتى نكسة يونيو عام 1967، كان على موعد مع القضية المرفوعة ضده من رقية السادات ابنة الرئيس الراحل أنور السادات، والتى اتهمت فيها هيكل بالتشهير بسمعة والدها، بسبب قصة فنجان القهوة التى ذكرها هيكل على قناة الجزيرة، وقال فيها إن الرئيس السادات أعد فنجان قهوة لجمال عبدالناصر أثناء انعقاد مؤتمر القمة العربية الطارئ فى سبتمبر عام 1970 لوقف حمام الدم بين الفلسطينيين والأردنيين، وقام السادات -حسب رواية هيكل- بإعداد فنجان قهوة لعبدالناصر أثناء احتدام المناقشات مع ياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وقتئذ، وتوفى عبدالناصر بعدها، ورأت رقية السادات أن ماقاله هيكل هو تشهير بوالدها بدرجة ترقى إلى تورطه فى اغتيال جمال عبدالناصر عبر فنجان القهوة، وعلى أثر ذلك قامت برفع دعوى قضائية ضد الكاتب الكبير الذى أرسل بدوره مذكرة قانونية إلى النائب العام المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود يفند فيها الاتهامات المنسوبة إليه فى بلاغ رقية السادات.

قال هيكل فى مذكرته التى اطلع عليها مكرم محمد أحمد باعتباره نقيبا للصحفيين قبل إرسالها إلى مكتب النائب العام، أنه كان شاهد عيان على الواقعة، وأبدى انزعاجه لما أثير حولها فيما يتعلق بتأويل البعض لها، وشرح علاقته بالسادات وسجنه لمعارضته له، وأنه قال فى عنفوان سلطة السادات ما قاله فى غيابه.

ودعم هيكل مذكرته للنائب العام بـcd يتضمن تسجيلا كاملا للحديث الذى ورد فى سياقه الموضوع واضعا 5 نقاط رئيسية له على ما ورد بالتسجيل، جاء بها أن الحديث كله كان عن المشهد الأخير فى مؤتمر على مستوى القمة العربية فى لحظة شديدة الحرج من الصراع العربى الإسرائيلى، وأن اليوم الأخير من المؤتمر توافق مع اليوم الأخير من حياة جمال عبدالناصر وذلك ما استدعى الوقوف أمام النهاية الحزينة لذلك الفصل من التاريخ العربى، وملابسات اللحظة الأخيرة من حياة رجل أدى دوره للتاريخ العربى الحديث حتى النفس الأخير، مشيرا إلى أن الحديث عن المؤامرة التى أدت لقتل عبدالناصر فإنه لم يصل إلى يقين يقطع به فى شأن ما يمكن أن يكون قد وقع، مؤكدا أن عبدالناصر لديه تاريخ مرضىّ وموروث لحق آخرين من عائلته غير عبدالناصر، كما أنه لم يكن خافيا أن هناك مكائد لعبدالناصر.

وأكد هيكل أن ذلك هو ما أشار إليه فى دقائق قليلة ضمن حديث طويل، وأن ذكره رواية فنجان القهوة المسموم والرئيس السادات، كان استطرادا منطقيا فشرح ملابساتها كشاهد عيان نافيا إمكانية قبولها واستحالة تصديقها، لأسباب إنسانية وعاطفية وأخلاقية وسياسية وعملية، مشيرا إلى أنه تابع ما نشر حوله بوسائل الإعلام المختلفة وأنه لمن سوء الحظ أن المعايير المهنية للصحافة أصابها الترهل لأنه لا يحدث فى أى مكان فى العالم المستنير أن يقرر بعض الناس شيئا فى حديث اعترفوا أنهم لم يروه أو يسمعوه أو يتحروا تفاصيله أو يرتجعوا أو يدققوا منطوقه، قبل التطوع بالحكم والإبرام فيه، وأبدى هيكل فى المذكرة انزعاجه مما أثير حول الواقعة رغم أنه وجد من يصحح أثره من الكتاب والساسة مثل منصور حسن وزير الإعلام الأسبق والمؤتمن الأقرب على أسرار السادات.

ووصف هيكل نفسه فى نهاية المذكرة بأنه رجل هيأ نفسه لمسؤولية معتقداته صوابا كانت أم خطأ، وأنه على يقين أن هذه أول واجبات الصحفى والكاتب أن يعرض ما عنده على الرأى العام بكل ألوان الطيف فيه، وأن مواقفه عبر عشرات السنين أظهرت أنه يقول ما عنده ويترك الناس يحكمون بأنفسهم كرما وتفضلا أو ينتظرون حكم الأيام عليه صبرا وحسن نية.
وأوضح هيكل للنائب العام قربه الشديد من السادات واختلافه مع توجهاته فى حياته ومعارضته لسياساته ودخوله السجن بسبب ذلك فى ظروف شهيرة، وأنه يعتبر ما حدث معه من طبائع الأشياء فى العالم الثالث، حيث إنه لم يقل فى غياب الرئيس السادات عن سياساته وتوجهاته شيئا يخالف ما قاله عنه فى حضوره وفى عنفوان دولته وسلطته، مضيفا أنه ربطته بالسادات صداقة طويلة كانت موضع اعتزازه ولا تزال، لكن الرؤى فى شكل مستقبل الوطن تحتم على كل منهما أن يقف ويرفع يده وصوته ليعلن أين هو، وأشار إلى احترامه للسادات الإنسان والصديق فى الشأن الخاص، أما فى الشأن العام «فكلانا أعطى ما يستطيع وبذل قصارى جهده» وأن الباقى فى صون التاريخ وحفظه.

ومن قضية «فنجان القهوة» إلى قضية صلاح نصر والتى حصل فيها على الحكم بالبراءة يوم 29 نوفمبر الماضى، بعد نحو عام ونصف من النزاع القضائى مع عائلة صلاح نصر ممثلة فى ابنه وشقيقه، مطالبين فيها بتعويض مليون جنيه، ودارت حول ما اعتبرته عائلة صلاح نصر إساءة للرجل، فى واقعتين ذكرهما هيكل على قناة الجزيرة فى برنامجه «تجربة حياة»، وهما زيارة نصر لمعبد «الكاماسوترا» فى الهند وعلاقة ذلك بالكبت الجنسى، والثانية تتعلق بلقاء سرى بين نصر والسفير الأمريكى، ودارت فيه معلومات عن التقارب بين جمال عبدالناصر والسوفييت .

براءة هيكل استندت إلى أنه بعد الاطلاع على تفريغ حلقة البرنامج تأكد أن هيكل لم يتحدث عن نصر بصورة غير لائقة، تستوجب تحقيره وسط أبناء وطنه أو تنال من سمعته وشرفه، إنما كان تفريغا لذكريات يستفيد منها المجتمع بمعرفة الحقائق حول حقبة زمنية هامة فى تاريخ الوطن، بالإضافة إلى أن هيكل لم يتعد حدود النشر المباح فى إطار الموضوعية وحسن نية فى استخدام العبارات الملائمة.

وعن الواقعة الأولى بشأن لقاء نصر بالسفير الأمريكى يوم 9 يونيو 1967، قال رجائى عطية المحامى فى مذكرة دفاعه إن اللقاء جاء بمبادرة شخصية من تلقاء نصر، وأخبر فيها السفير الأمريكى بمعلومات هامة مفادها، أن هناك محاولات للتأثير على جمال عبدالناصر ليتوجه للسوفييت، وأنه من المحتم على أمريكا أن تتخذ مبادرة فى الأمم المتحدة مواليـة للعرب، وأضاف رجائى أن هيكل لم ينسب إلى نصر فى هذا الحديث أى تهمة تتعلق بوطنيته، وإنما انتقده فقط فى سوء التقدير وسوء التصرف، فضلا عن أن نصر طلب من السفير الأمريكى أن يكون لقاؤهما سريا، لانه لو علم أحد به فسيدفع هو ثمنه غاليا بأن يفقد منصبه، ويشير رجائى إلى أن عائلة نصر حركت دعوى قضائية ضد هيكل بحجة أن هيكل استند فى سرد تلك الواقعة إلى وثيقة من وثائق المخابرات العامة مما يخالف الحظر الوارد بالقانون رقم 1 لسنة 89، غير أن الصحيح أن هيكل تحدث عن الواقعة من منطلق وثيقة أمريكية من وثائق وزارة الخارجية الأمريكية، التى أفرجت عنها وأعلنتها على موقعها بالإنترنت تحت رقم 228 برقية من السفير الأمريكى بالقاهرة إلى وزارته ومسجلة ضمن الأرشيف الوطنى، وملفات الإدارة ر.ج 59 من الملفات المركزية 1967 69 سياسى 27 العرب/ إسرائيل فى الساعة الواحدة و58 دقيقة صباحًا بتوقيت واشنطن.

أما الواقعة الثانية فتتعلق بما قاله هيكل عن نصر على «الجزيرة» ونصه: «يمكن فى حاجة فى شخصيته مكبوتة، كان معانا مرة فى رحلة فى الهند وراح شاف معابد الكاماسوترا وهى تمثل فى الأدب الهندى رؤى فى الجنس، وأن الجنس هو لحظة السمو الأعلى التى تتصل بالمشاعر الإنسانية بالكون»، وهى العبارة التى رأت عائلة نصر أنها سب وقذف من هيكل للرجل، بأنه يعانى من كبت جنسى، ورد رجائى عطية على ذلك، بأن هيكل لم يذكر أى عبارة ماسة بحق نصر أو خادشة لحيائه لشرفه، مؤكدا أن هيكل أشار فى الحديث إلى أن الأسطورة الهندية فيها حكايات طويلة مؤصلة قد لا يجوز أن تؤخذ أخذا سطحيا والتفلسف فيها بحكايات بعيدة عن إطارها الدينى أو الأسطورى فى الهند، وأضاف رجائى عطية أن الدكتور هانى نجل صلاح نصر هو الذى فضل الحديث فى تلك القصة وتفاصيلها وبدأ يتناول أعمال المخابرات العامة فى أحاديث صحفية تضمنت والده بالإساءة والتجريح، كما فعل فى حواره مع برنامج «القاهرة اليوم» على قناة الأوربت، الذى أكد فيه أن والده كان على اتصال بالسفارة الأمريكية، كما ذكر أن استغلال النساء والفنانات بعمل المخابرات إنما كان بقرار اتخذه والده بعد قيام جميع أجهزة المخابرات فى العالم باستخدام الجنس فى عملها.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة