الأسرار التى تظهر كل يوم فى قضية طارق عبد الرازق المتهم بالجاسوسية لصالح إسرائيل، تؤكد أن النظرة الطبيعية من إسرائيل نحو دول المنطقة، هى نظرة عدائية حتى لو كانت هناك اتفاقيات سلام موقعة بينها وبين هذه الدول، وأن السلام الذى تتحدث عنه ليس إلا هدنة منها تستثمره فى تخريب دول المنطقة، والعمل الدائم منها للقضاء على أى خطوة دفاعية تسعى إليها هذه الدول.
وكما فعلت من قبل بضرب المفاعل النووى العراقى فى مطلع ثمانينيات القرن الماضى وتدميره كاملا، وقتلت العالم النووى المصرى يحيى المشد الذى أشرف على بناء هذا المفاعل، أقدمت على جريمة أخرى من نفس النوع فى عام 2007 ضد سوريا بالاعتداء على المفاعل النووى السورى وتدميره كاملا، وذلك بعد أن حصل الموساد على كل المعلومات من عميل سورى يدعى صالح النجم، العقيد فى المخابرات العسكرية السورية والمسئول الأول عن الملف النووى السورى، وهى المعلومات التى حصل عليها طارق عبد الرازق من صالح النجم، وشملت كيفية بناء المفاعل وكيفية تخصيب اليورانيوم، ونقلها عبد الرازق إلى الموساد وبعدها وقعت جريمة تدمير المفاعل.
الجرائم الإسرائيلية لم تقف عند تدمير المفاعل النووى السورى، وإنما امتدت إلى جريمة قطع كابلات الإنترنت البحرية عن مصر، طبقا لما ذكره طارق عبد الرازق فى التحقيقات، وإذا كانت جريمتها ضد سوريا تدخل من باب العداء المتبادل، فإن اتفاقية السلام مع مصر تجعلها فى موضع عدم العداء، فلماذا تلجأ إسرائيل إلى التجسس؟
الإجابة تأتى من الفهم الأصيل لطبيعة الصراع مع إسرائيل، والتى تديره وفقا لمبدأ أن الصراع بيننا وبينها هو صراع وجود الصراع حدود، هذا المبدأ الذى ذكره الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ونسيناه فى زخم الحديث عن السلام الذى أصبح خيارا إستراتيجيا من طرفنا فقط، لكنه ليس كذلك من وجهة نظر إسرائيل.
التفاصيل والأسرار التى تظهر يوميا فى قضية طارق عبد الرازق، وشبكة التجسس التى كان على رأسها تقودنا إلى ضرورة العودة إلى البديهيات فى الصراع مع إسرائيل وأول هذه البديهيات أن صراعنا معها ليس صراع حدود وإنما هو صراع وجود.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة