فى خلطة سحرية بين التاريخ المصرى القديم والحديث، كتب الروائى الرائع محمد المنسى قنديل روايته الجميلة: "يوم غائم فى البر الغربى"، تقرأ فى الرواية عن الاحتلال الإنجليزى لمصر، والزعيم مصطفى كامل والزعيم محمد فريد والحزب الوطنى الذى أسسه مصطفى كامل وجريدة اللواء المعبرة عنه، والمثال العبقرى مختار واللورد كرومر ومذبحة دنشواى، ونقرأ عن اخناتون وتوت عنخ آمون وحور محب ، وعن المسجد والكنيسة والأمل والانكسار.
نقرأ كل ذلك فى خلطة روائية ساحرة امتدت الى ما يقرب من 600 صفحة، لم أشعر بالملل أبدا وأنا أقرأها.
وإذا كان المفتاح الأهم للإبهار والتشويق فى أى رواية يبدأ من أسلوب الحكى واللغة وبناء الرواية ودراما الشخصيات فيها، فإن محمد المنسى قنديل استطاع أن يمتلك كل هذه الأدوات فى روايته، التى يتخذ فيها من قصة اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون المحطة الدرامية للرواية، ومن خلالها يتم توزيع كل أحداث الرواية وتلعب عائشة دور البطولة لهذه الأحداث.
فعلت هذه الرواية معى فعلا جميلا يستحق الذكر خاصة أنه يمس آراء بعض الذين أبدو إعجابهم بالرواية، لكنهم فى نفس الوقت قالوا إن المؤلف كان بوسعه أن يستغنى عن نحو 200 صفحة تتحدث دراميا عن الملك أخناتون، وابنه توت عنخ آمون، وهذا الاستغناء كان سيؤدى إلى تقليل حجم الرواية بالدرجة التى تغرى فى القراءة، أما هذا الفعل فيتمثل فى أننى وبالرغم من شغفى الشديد بقراءة التاريخ، إلا أن هذا الشغف لا يمتد كثيرا إلى التاريخ القديم وفى القلب منه التاريخ الفرعونى، وأعتمد أكثر على السمع كوسيلة للتزود بهذا التاريخ، والمؤكد أن هذا عيب وقصور ولأرى عيبا فى البوح به.
المهم أننى بقيت على هذه الحال رغم قناعتى بأنه لكى نفهم تاريخ مصر وخصائص الشعب المصرى لابد من الإبحار فى التاريخ قديمه وحديثه، ولما قرأت رواية "واحة الغروب" للمبدع العظيم بهاء طاهر، جذبنى بأسلوبه الشاعرى فى الجزء الخاص بالإسكندر الأكبر والذى كتبه بدراما رائعة، ودفعنى ذلك إلى البحث عن المزيد عن هذا القائد التاريخى ليس من ناحية معاركه التى غيرت التاريخ، وإنما دراما الإنسان التى عاش فى ظلها، وهذا بالضبط ما فعله محمد المنسى قنديل حين تحدث عن أخناتون فى روايته "يوم غائم فى البر الغربى"، تحدث عنه بدراما الإنسان التى تساهم فى فهم خلفية معركته الدينية من أجل التوحيد، ومثلما فعلت مع الإسكندر، فعلت مع أخناتون حيث بحثت فى جنبات مكتبتى عن المزيد عنه، وكذلك سألت أصدقائى، وعاد الفضل فى ذلك كله إلى الرواية التى حملتنى إلى المزيد من حب قراءة التاريخ، ولا أقول ذلك حتى أبرر وجود ال200 صفحة عن أخناتون فى الرواية، فأنا لم أشعر بأن هذا شىء مقحم عليها وإنما أقوله من باب أنه حين تجنح الروايات إلى التاريخ دون تشويه وافتعال فإنها تمنحنا فرصة جميلة لمعرفة ما نجهله عن هذا التاريخ، وهذا ما فعله محمد المنسى قنديل فى روايته الجميلة:"يوم غائم فى البر الغربى".
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة