فوجئ الكثيرون وأنا معهم بما كتبه عدد من الكتاب الكبار الذين يصنفون بأنهم ليبراليون عن قناة "أون تى فى" المعروف عنها أنها منبرهم ووجهوا إليها سهام النقد الصادمة، وطعنوها بخنجر الرجعية عندما فتحت شاشتها لعرض وجهة نظر مغايرة لآرائهم، انطلاقا من إيمانها وقناعة القائمين عليها وقبلهم مالكها رجل الأعمال المصرى القبطى المهندس نجيب ساويرس، بحرية إبداء الرأى والرأى الآخر، وحملوها مسئولية وصف الكاتبة والناقدة المسرحية صافى ناز كاظم لمجموعة من الكتاب والشعراء والصحفيين الكبار الذين نفخر بأنهم حملة مشاعل الحرية والليبرالية والتنوير بـ"اللادينيين"، وأن القناة تساهم فى نشر الاتهامات بالتكفير والمساهمة فى حالة العطب العقلى التى أصابت المجتمع المصرى.. ومع تقديرى واحترامى لوجهة النظر التى بنيت على حلقة واحدة من برنامج مانشيت الذى يقدمه الإعلامى جابر القرموطى عندما فجر قضية الفتنة الطائفية المتغلغلة فى نسيج المجتمع المصرى وكيفية مواجهتها والقضاء عليها؟ التى أثارت جدلا واسعا وصل مداه للهجوم على قناة "أون تى فى" ليست هى المعيار الوحيد الذى نقيس عليه إذا كانت القناة ليبرالية وتنويرية أم أنها تكفيرية وظلامية تدعو للرجعية والانغلاق، لأنها استضافت كاتبة لها رأى مخالف ومغاير لآرائهم التى أحترمها وأقدرها وهو ما يستوجب علينا ألا ننظر إلى نصف الكوب الفارغ، وأن نحكم على الكل وليس الجزء، وننصب أنفسنا قضاة ونصدر أحكاما على ما اجتزأناه من سياق الحديث، للتأكيد على أن القناة تحولت لمحكمة تفتيش تضع الأفكار والأقلام تحت المقصلة..
أكاد أزعم يا أساتذتى أننى متابع جيد لما تبثه "أون تى فى" من برامج، وإن كان لديكم نفس المساحة التى أعطيها لنفسى لمشاهدة القناة لكان لديكم الفرصة لإصدار حكم موضوعى على توجهات القناة.. وأدلل على قناعتى على سبيل المثال لا الحصر أن القناة كانت من أوائل المنابر الإعلامية التى ساندت المفكر الدكتور سيد القمنى عندما طالب البعض بسحب جائزة الدولة منه، كما كان موقفها واضحا من أى حروب يتعرض لها المثقفون من زعماء التيارات الظلامية.. دافعت عن كرامة نصر حامد أبو زيد عندما تم منعه من دخول الكويت.. ووقفت إلى جانب أحمد عبد المعطى حجازى عندما لاحقته الدعاوى القضائية.. وناقشت بجرأة منع البهائيين من حضور مؤتمر منع التمييز بنقابة الصحفيين..
من هنا كونت قناعتى بأن قناة "أون تى فى" هى بالفعل منبر للتنوير والحرية، ومطلوب منها ألا تحرم طرفا من حق الحديث والإدلاء بوجهة نظره التى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظرها، طالما أن هناك من يرد عليه.. وأن تكون هذه الشاشة متاحة لكل التيارات وعلى المختلفين مع ما يطرح من أفكار اللجوء إلى الحوار الذى هو الرهان الوحيد، من أجل خلق مجتمع يعتز فيه المواطن برأيه دون أن يصادر حرية الأخرى.
أساتذتى.. التقاليد الإعلامية تقتضى بأن تتيح الفرصة لكل الأطراف حتى لا تصبح كمن يقدم عزفا منفردا أو يغنى فى صالة تخلو من المستمعين.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة