مع خبر الموت نستدعى على الفور القاعدة الإسلامية الذهبية: "اذكروا محاسن موتاكم"، ونظل نعمل بها بعض الوقت مع الذين اختارهم ربهم إلى جواره، حتى يستقر المقام فى حديث الأحياء عنهم بذكر محاسنهم وسيئاتهم، وكلما كانت كفة المحاسن أكبر كلما كانت سيرة الراحل أطول وأبقى.
وحين يأتى الموت للشخصيات العامة تحديداً، يقفز الحديث عنهم من البعض بدرجة قد ترتفع معها هذه الشخصية إلى المكانة التى لا يكون فيها محلاً للخطأ، فى مقابل آخرين يتحدثون عنها كما لو أنها لم تفعل حسنة واحدة، ولا يستثنى أحد من ذلك بما فيهم شيخ الأزهر فضيلة الشيخ محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر، الذى وافته المنية أول أمس الأربعاء فى السعودية، وتم دفنه فى مقابر البقيع بالمدينة المنورة، وهى المقابر التى دفن فيها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا السبب تهفو إليها قلوب المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، متمنية أن تكون رقدتها الأخيرة فى هذا المكان الطاهر.
الشيخ محمد سيد طنطاوى كان واجهة الفتوى الدينية لما يقرب من ربع قرن مضى منذ أن شغل منصب مفتى الديار المصرية عام 1986، ثم أصبح شيخا للأزهر بعد رحيل الشيخ جاد الحق 1996، وأذكر للمفكر الكبير المستشار طارق البشرى فى مقال له عن الشيخ جاد الحق أنه اعتبر أن أهم مميزاته طول الفترة التى شغل فيها منصبه أنه جاهد وحاول أن يجعل لمنصبه استقلاليته المعهودة عن رغبات النظام، ولم يسلم البشرى هذا المعنى على طول الخط للشيخ جاد الحق، وإنما قال إنه حاول، ومن هذه النقطة التقيمية للشيخ جاد الحق يأتى الحديث عن الشيخ محمد سيد طنطاوى رحمه الله، وهذا ما نتحدث عنه غداً.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة