فى أزهى سنوات تطبيق الخصخصة فى مصر مع سنوات النصف الثانى من تسعينات القرن الماضى، كانت الدعاية المغرضة والضخمة ضد القطاع العام تتواصل يوماً بعد يوم، وكان أسوأ ما فيها أنها كانت تقوم على أن مسألة البيع هى مشروع قومى فى حد ذاته، أما سنوات البناء التى قامت على العرق والجهد فتم تصويرها وكأنها كانت كوابيس عاش فيها المصريون، ولا سبيل إلا بالتخلص منها بصرف العفاريت التى تأتينا فى الأحلام بسببها.
كانت الأقلام المسنونة تخط بسمومها فى قلب القطاع العام ومصانعه فى شتى المجالات الإنتاجية، ومع توالى عملية البيع ورفع شعار الخصخصة كهدف قومى، كانت الآلة الإعلامية والسياسية تنقل لنا كل يوم شهادات من مؤسسات دولية ليست لها قيمة لتشيد بالخصخصة، ووصل الأمر إلى أننا كنا قرأ خبرا يومياً فى الصحف، عن أن مسئولاً جاء من دولة ما، لكى يعرف كيف طبقت مصر الخصخصة بهذه البراعة والكفاءة، وكيف تم التطبيق دون أى أضرار على العمال.
كان المسئولون يتعاملون مع هذه القضية وكأنهم توصلوا إلى طاقة السحر، لجلب الرفاهية إلى المصريين، وأنهم لا يبيعون وإنما يقدمون أكبر خدمة للاقتصاد المصرى، ومع هذا الاعتقاد الكاذب كان كل من ينتقد هذا المسار يأخذ نصيبه من الاتهام بأنه دقة قديمة، وأنه لا يجارى التقدم والتطور فى العالم، وأنه اشتراكى فى زمن لم تعد فيه للاشتراكية أى مجال.
وبعد كل هذه السنوات، ماذا اكتشفنا؟
اكتشفنا أن كل ما حدث هو بيع علنى لثروات مصر إلى مستثمرين بعضهم نصابين وأفاقين لا يهمهم سوى جنى الأرباح بأى وسيلة كانت، والشاهد على ذلك ما يحدث فى بعض الشركات التى تم بيعها مثل "طنطا للكتان"، وعمر أفندى، وانهيار قطاع صناعة النسيج، وهناك أمثلة أخرى دفعت بعض المسئولين إلى الإعلان صراحة عن خطأ الخصخصة والبيع ومنهم من طالب صراحة بالتأميم، وأمام ذلك ألا يجوز أن يتم محاسبة الذين كانوا السبب.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة