لم أجد وصلة كلام من مسئول كبير فى الحزب الوطنى حول طريقة التعامل مع إسرائيل، أسوأ من تلك التى قالها أحمد عز فى اجتماع اللجنة المشتركة للعلاقات الخارجية والشئون العربية بمجلس الشعب.
رد عز على مطالب النواب بطرد السفير الإسرائيلى من مصر احتجاجا على اعتداءات إسرائيل الغاشمة على الأقصى، بلغة لا تراعى طبيعة الموقف الذى يتعرض له المسجد الأقصى الذى لا يعد شأنا فلسطينيا فقط، وإنما هو شأن إسلامى ومسيحى وعربى. قال عز إن مصلحتنا الأولى هى المصلحة المصرية، وإن أى حديث عن موضوع آخر لا يهم مصر مخالف للدستور، ودلل على حجته بكلام غريب قائلا: «إن البرلمان الفرنسى لا نجد عضوا فيه يتحدث عن مواطنين غير الفرنسيين وإن أول من تبكى عليه مصر هو المواطن المصرى، وإن الذكاء السياسى يتطلب دعم قوى السلام الإسرائيلية، وإن تقويض جناح السلام بإسرائيل سيكون له نتائج مختلفة»، وأضاف، أن المواطن الفلسطينى يجب أن يكون أول من يبكى على نفسه ونحن سنكون ثانى من يبكى عليه.
افتقد هذا الكلام إلى الكياسة السياسية، وارتكن إلى لغة ضيقة يتصور منها المصرى البسيط، أن مواردنا الآن تذهب إلى مساندة فلسطين، كما تصور أن الخير كل الخير يأتى من تلك العلاقة الرسمية التى تربط مصر بإسرائيل، وفوق هذا وذاك لا نعرف من أين جاء عز بكلامه عن البرلمان الفرنسى، وتصويره لنا على أنه برلمان ضيق الاهتمام إلى الحد الذى لا يتحدث فيه مثلا عن قضايا ترتبط بأمن فرنسا القومى، ويقينى ان الديمقراطية الفرنسية التى نفتقد مثلها هنا فى مصر، كانت ستكفل الحرية الكاملة للنواب الفرنسيين لمساندة الدولة المجاورة لفرنسا لو كانت هذه الدولة تحت الاحتلال مثل فلسطين، وتعانى من مشكلة مثل مشكلة القدس.
جانب آخر مما قاله عز يبدو منه أنه يردد أسطوانة قديمة ثبت فشلها، ولم يعد أحد يتحدث عنها الآن وهى دعم قوى السلام الإسرائيلية، فالمجتمع الإسرائيلى هو الذى جاء بنتنياهو على تطرفه، وجاء بليبرمان على وقاحته، وجاء بكل الذين يتوسعون الآن فى سياسة الاستيطان، وجاء بكل الذين يدمرون الأقصى الآن، فكيف يكون الحديث بعد ذلك عن أن هناك فى إسرائيل قوى للسلام، أما كلامه عن أن المواطن الفلسطينى يجب أن يكون أول من يبكى على نفسه ثم نبكى عليه نحن، فتلك لغة تبدو وكأننا نعاير الفلسطينيين على ما هم فيه، واللهم لا شماتة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة