غادة عبود

حقوق المرأة على...

الإثنين، 19 أبريل 2010 07:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يوم المرأة، جمعية المرأة، مؤتمر المرأة، برنامج المرأة، و تطل علينا دائما امرأة تستطيع بسهولة مستفزة أن تعرف أنها من سيدات المجتمع الراقي. أو بالأحرى الطبقة المترفة من المجتمع، ( تعرف ذلك لأن شكل عباءتها لا تقل تكلفتها عن 3 آلاف ريال. أو لو كانت من دولة عربية كمصر او لبنان من الساعة الماسية أو الشنيون) و بعنجهية تامة تطالب و تناشد السيدة المترفة المدللة بمساواة المرأة بالرجل و تؤكد على أحقية المرأة فى أن تتولى مناصب قيادية كما الرجل. و أن تعامل كمواطنة من الدرجة الأولى و ليس من الدرجة الثانية. كنت أشاهد مقابلاتهن التلفزيونية و أتساءل "كيف طالت المعاناة هذه الأيدى الناعمة ذات الأظافر المطلية بعناية، لتتكلم عن أخواتها النساء الائى يحفرن بأيديهن فى الصخر حتى ذابت أناملهن؟!

و اذا رصدتم فحوى ما يقال فى الخطابات داخل جمعيات حقوق المرأة أو اللقاءات التفزيونية لن تجدوا شيئا الا التكرار. تكرار نفس المطالب، تكرار نفس الأجوبة، تكرار نفس وجهة النظر الواحدة للأمور، تكرار نفس المناشدات دون أخذ أى موقف جاد. حتى المصطلحات ذاتها لم تتغير منذ الثمانينات و حتى يومنا هذا!! و لكن هناك أمور أخرى فى تطور مستمر كموضة الملابس، تسريحة الشعر و لونه، و طبعا لون طلاء الأظافر. ثلاثون عاما من الصمت و مراقبة من يتحدث عن المرأة. بس خلاص مش قادرة أسكت أكتر من كدة.

المرأة اللى بجد بتعانى و بتنزل الشارع علشان يبقى معاها حق الرغيف و السكن ما عندهاش وقت "تتكلم" عن حقوق المرأة لأنه ظروفها الآجتماعية و الاقتصادية فرضت عليها تنزل الشارع و "تأخذ" حقها علشان تعرف تعيش. و هنا ينتفى النوع "أنثى" أو "ذكر" و فضل بس حاجة واحدة أنه هذا الكيان الذى يركض وسط الزحام بحثا عن البقاء، و مجرد البقاء، يبحث فقط على أن يحترم ك "انسان".

تعالوا نستعرض مثال حى عن المرأة التى تعانى عشان تعيش. و نسيت أصلا من الشقا ان هى مرأة مع انه شغلها كله عن المرأة. المثال هو: و لامؤاخذة الست بتاعت الحلاوة (دى بقى موجودة فى كل بلد عربي) . الست دى عادة بتبقى عايشة فى الأحياء العشوائية. بتصحى 7 الصبح تجرى تركب مواصلات و تعافر و تزق عشان تلحق معادها مع واحدة من حبايبى بتوع المرأة عشان عندها فطار عمل. تجرى تاخد شمال القاهرة لجنوبها من ميكروباص لأتوبيس عشان عندها عروسة او اتنين، و بعد العرايس فى المعازيم و أكيد المدامات، تستحمل بهدلة الشوارع و زعيق الزبونة اللى مش عاجبها الشغل، تسكت و تراضي. و تخاطر انها بتدخل بيوت فى أحياء مختلفة و أطباع زبائن متنمرة و متحكمة عشان تاكل لقمتها و تعيش. و تفضل تجرى لغاية ما يخلص يومها الساعة 2 بالليل تاخد مواصلات لغاية الحى العشوائي.

عارفين بقى بتعمل ايه بالفلوس؟ بتدفع مصاريف دروس ولادها و بتجهز البنات ولو عندها ابن كبير تحوش و تقرص على نفسها عشان يقدر يتجوز و يفتح بيت و تساعد جوزها فى مصاريف البيت، ده لو كان جوزها مش سايبها أصلا وهى المضطرة تكون الأم و الأب.

عايزاكم كدة تتخيلوا معايا لما الست بتاعت الحلاوة دى بتمشى فى الشارع بتمشى ازاي؟ ميريام فارس مثلا؟ لأ. بتمشى زى العسكري. و طريقة كلامهم عاملة ازاي؟ هند رستم؟ لأ. ست جدعة تاهت منها رقتها و أنوثتها فى سبيل البحث عن لقمة العيش. و لما بتسألهم أنتوا نفسكم فى ايه؟ دايما بيبقى الجواب "نفسى أطمئن على ولادى واعلمهم و اجوزهم."

الجواب ده مش هو نفسه اللى هتلاقى راجل ساعى فى مكتب أو قهوجى بيقوله؟ يبقى المفروض نتكلم عن ايه و نطالب بايه؟ حقوق المرأة؟ ولا حقوق الانسان؟ مش لما ناخد حقوق الانسان أولا، نبقى نتكلم بقى فى المرأة و فى الرجل؟

أنا نفسى لو يتم عمل تجربة مع سيدات المجتمع بتوع المرأة دول، و يختاروا كدة واحدة من الخليج، واحدة من الشام، و واحدة من مصر، و ينزلوهم الشارع و يشتغلوا مراسلات لأى قناة اخبارية لمدة اسبوع. بس و نفسى أتفرج نبرة صوتهم و مشيتهم و حتى وجهة نظرهم للحياة هتتغير ازاي؟ بدل ما هما ممشينها نظرى كدة و كمان عايزين يقنعونى انهم حاسين بيا و قالك انا فى حساباتهم.

أنا أفهم ان المرأة بتبقى مرأة فى البيت زى ما الراجل المفروض لو عايز يثبت نفسه يتفضل فى البيت. بس اللى انا جربته انه فى المكتب و الشارع مافيش مجال لوجود المرأة زى بالظبط مافيش مجال لوجود راجل.بس فى مجال لوجود انسان.

عزيزاتى سيدات المجتمع الراقى و الرايق ياريت لو تغيروا الأيدلوجية البالية اللى انتوا بتتكلموا عنها و كلمونى بلغة أفهمها. لغة الشارع اللى أنا منه لأن لغتكم المنمقة الملونة كأظافكم الجميلة لم تعد تنفع. و لو زادكم هذا المقال عنادا و عتادا...

يبقى اسمحولى أقول عفوا حقوق المرأة على... على.... على ايه؟ على راسى من فوق طبعا... لأ ما نسيتش أكيد انى من الحرافيش وانتم من المحيط للخليج صفوة المجتمع. بالمناسبة، هو الاجتماع اللى جاى امتى عشان ألحق أعمل شوبنج؟
* اعلامية سعودية .








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة