ضياء رشوان

ماذا يجب أن تفعل المعارضة فى عامى الانتخابات؟

الجمعة، 30 أبريل 2010 03:54 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄قائمة انتخابية موحدة فى كل الدوائر يتم الإعلان عنها مبكراً

ماذا ستفعل المعارضة المصرية فى مواجهة الاستحقاقات الانتخابية الكبيرة والمتوالية التى سيشهدها العامان الحالى والقادم؟ هذا هو السؤال الذى يطرح نفسه الآن على قوى المعارضة نفسها، وعلى معظم المحللين والمتابعين للشؤون المصرية، وأيضاً على قيادات الحزب الوطنى الحاكم، والاستحقاقات هى أربعة: انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى فى يونيو القادم، وبعدها انتخابات مجلس الشعب فى أكتوبر الذى يليه، ثم انتخابات المجالس الشعبية المحلية فى مارس 2011، وبعدها انتخابات رئاسة الجمهورية فى بداية شهر سبتمبر التالى له.

والحقيقة أن تعامل قوى المعارضة مع تلك الاستحقاقات الانتخابية يرتبط مباشرة ويتداخل مع مطالب واضحة تتفق عليها كل هذه القوى تقريباً، تتعلق بإجراء تعديلات دستورية جديدة للمواد 76 التى تنظم انتخابات رئاسة الجمهورية، و77 التى تحدد مدد ولاية الرئيس، و88 التى تتعلق بالجهة التى تشرف على الانتخابات العامة فى مصر.

ويبدو واضحاً من مراقبة تحركات قوى المعارضة فيما يتعلق بقضيتى المشاركة فى الانتخابات العامة، والمطالبة بتعديلات دستورية جديدة، أنها تفصل بينهما وتتعامل مع كل منهما باعتبارها قضية مستقلة عن الأخرى. كما يبدو واضحاً من نفس التحركات أن هناك تناقضاً حاداً بين مواقف المعارضة من المشاركة فى الانتخابات العامة، ربما باستثناء قليل لانتخابات رئاسة الجمهورية، وبين مواقفها فيما يخص التعديلات الدستورية، حيث لا تطرح فيما يخص الأولى أى شروط قانونية أو إدارية لإجرائها، فيما عدا بعض الشروط العامة غير المحددة حول ضرورة نزاهتها وحيادها بما يفيد استعدادها التام لخوضها ضمن السياق الذى ستضعه لها حكومة الحزب الوطنى دون تغيير. بينما تبدو مواقف نفس قوى المعارضة تجاه التعديلات الدستورية أكثر تفصيلاً وتحديداً، والإلحاح عليها أكثر إصراراً من مواقفها تجاه المشاركة فى الانتخابات العامة القادمة.

والحقيقة أن تحليل مواقف المعارضة تجاه هاتين القضيتين يبرز عدداً من الملاحظات الخطيرة أولها.. أنه بالرغم من الاختلاف البين فى مواقف المعارضة من قضيتى الانتخابات والتعديلات الدستورية، فإنها تشترك فى الحالتين بعدم تبنيها أى استراتيجية محددة للتعامل معهما وبخاصة الأخيرة. فهى فى حالة الانتخابات العامة تبدو متبنية اختيارا واحدا، وهو المشاركة فيها مع قدر من الضغوط العامة غير المحددة على الحكومة وحزبها الوطنى لتحسين شروطها، وهو نفس الأمر فيما يخص التعديلات الدستورية التى لم تحدد طريقة محددة ودستورية لإجرائها، ولا موقفاً واضحاً فى حالة عدم استجابة الحزب الحاكم لها.

ويعنى هذا بصورة مباشرة أن قوى المعارضة لا تطرح فى الحقيقة سوى خيار واحد للتعامل مع القضيتين، وهو المشاركة فى الانتخابات العامة أيا كانت شروطها وسياقها، وعدم تحديد مواقفها العملية فى حالة رفض ما تقترحه من تعديلات دستورية قوى المعارضة، بما يعنى أيضاً استعدادها- أو بعضها على الأقل- للمشاركة فى الانتخابات الرئاسية. بصياغة أخرى، تبدو قوى المعارضة حتى اللحظة قابلة لاستبعاد الخيار الثانى الذى يمكنها اللجوء إليه فى حالة رفض مطالبها وشروطها سواء للانتخابات العامة أو للتعديلات الدستورية، وهو خيار المقاطعة الإيجابية.

وترتبط الملاحظة الثانية الرئيسية بالفصل المشار إليه لدى قوى المعارضة على المستوى الحركى والإجرائى بين قضيتى الانتخابات والتعديلات الدستورية، حيث يعد واحداً من أهم وأخطر الأخطاء الاستراتيجية التى وقعت ولاتزال فيها خلال المرحلة الحالية الحرجة التى تمر بها البلاد. فعلى أكثر من صعيد تبدو القضيتان شديدتى الارتباط، حيث من ناحية لا يمكن فصل تعديل المادة 88 الخاصة بجهة الإشراف على الانتخابات العامة، ومطالبة المعارضة بعودته إلى القضاء، عن الانتخابات العامة التى ستبدأ أولى حلقاتها بعد أقل من شهرين.

كما أنه من ناحية ثانية، يبدو واضحاً أن البرلمان الحالى غير مهيأ، للقيام بالتعديلات الدستورية المطلوبة، الأمر الذى يحيلها إلى البرلمان الجديد الذى ستكون بذلك انتخاباته هى أحد المداخل الرئيسية للعبور إلى إجراء التعديلات الدستورية. ومن ناحية ثالثة فإن هناك ارتباطاً لا شك فيه بين قدرة المعارضة ونجاحها فى إدارة مواقفها من انتخابات مجلسى الشورى والشعب، وبين قدرتها على مواصلة ضغوطها من أجل تعديلات دستورية تتعلق بانتخابات الرئاسة، فهى إذا وفقت فى الأولى، فسيضيف إليها ذلك ثقة أكبر والتفافاً جماهيرياً أوسع فيما يخص الثانية، والعكس أيضاً صحيح.

من هنا فمن الواضح أن قوى المعارضة المصرية تحتاج اليوم لإعادة قراءة لمواقفها الحالية تجاه القضيتين الرئيسيتين فى الحياة السياسية المصرية، بما يؤدى إلى إعادة صياغة استراتيجية حركية جديدة لها، تضع فى اعتبارها جميع الملاحظات السابقة. ويمكن فى عجالة اقتراح الملامح والخطوط العامة لهذه الاستراتيجية بصورة مختصرة.

أول هذه الملامح، هو أن تبذل قوى المعارضة الحريصة على مستقبل البلاد أكثر من حرصها على مستقبلها الخاص ومصالحها المباشرة، كل ما تستطيعه من جهود من أجل التجمع حول برنامج مفصل ومحدد للتغيير والإصلاح، ضمن هيكل تنظيمى موحد لها جميعاً، لايستبعد أى قوة منها توافق على هذا البرنامج، وهذا هو الشرط الأول الذى لن يكون بدونه أى معنى لأى اقتراحات أخرى. ثانى الملامح هو أن تصر قوى المعارضة ضمن برنامجها وهيكلها الموحدين على ضرورة الإصلاحات الدستورية كما تقترحها للمواد المشار إليها سابقاً، على أن يتضمن هذا الطرح موقفاً واضحاً للمعارضة فى حالة عدم الاستجابة لها تجاه الانتخابات الرئاسية تحديداً، وهو موقف المقاطعة الإيجابية الذى يتضمن التحرك الجماهيرى والإعلامى الواسع لشرح أسبابه.

وثالث الملامح هو أن تتوافق المعارضة ضمن الهيكل الموحد المشار إليه على قائمة موحدة لمرشحيها لانتخابات مجلس الشعب، وإذا أمكن الشورى بالرغم من ضيق الوقت، تضم جميع رموزها وأعلامها، بحيث تشمل كل دوائر الجمهورية، ويتم إعلانها فى وقت مبكر تحت شعار «الإصلاح الدستورى».

ورابع الملامح هو أن تتحرك قوى المعارضة ومعها قائمة المرشحين بصورة جماهيرية وإعلامية مكثفة، لإعلان شروطها المفصلة لخوض انتخابات مجلس الشعب التى تتعلق بتعديلات عاجلة ومحددة فى التشريعات القانونية المنظمة لها، بما يضمن أكبر قدر ممكن من النزاهة والشفافية، بما يضع الحزب الحاكم فى اختبار حقيقى لنواياه تجاه تعديلات ممكنة من الناحية الواقعية، وضرورية لأى انتخابات يتوافر لها الحد الأدنى من الشروط الديمقراطية.

وينصرف خامس الملامح إلى تبنى المعارضة بصورة واضحة وحاسمة للخيار البديل فى حالة إصرار الحزب الوطنى الحاكم على رفض التعديلات القانونية الضرورية والممكنة بعد تحججه بصعوبة إجراء تعديلات دستورية، وهو المقاطعة الإيجابية للانتخابات العامة المنتظرة فى مصر خلال العامين الحالى والقادم بالصورة المشار إليها سابقاً، الأمر الذى يجعل الحزب الوطنى من الناحية الواقعية والنظرية المنفرد وحده بالهيمنة على البلاد، وخروج كل قوى المعارضة من معادلة الحكم، بل ومن النظام السياسى برمته، وهو الأمر الذى إذا تحقق توافق حوله، فسوف يحتاج إلى استراتيجية أخرى.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة