مدحت حسن

جولة جديدة من مواجهة التطبيع الثقافى

الخميس، 08 أبريل 2010 09:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كل علاقة بإسرائيل، اعتراف، أو صلح، أو تطبيع، أو تعامل، أو تعايش... هى الخيانة بحذافيرها (جمال حمدان)، كتب الراحل العظيم جمال حمدان هذا الكلام قبيل رحيله، اعتراضا على محاولات التقارب مع إسرائيل التى بدأت تسرى فى أوصال الكثير من الفئات داخل المجتمع منذ توقيع إتفاقية كامب ديفيد، ومنذ هذا التاريخ لا تتوقف المحاولات الإسرائيلية عن التقارب الثقافى مع المصريين، وتسعى بكل الطرق للمشاركة فى أى محفل ثقافى مصرى أو عربى وتنجح بعض محاولاتها على استحياء، وتفشل فى أغلب الأحيان بفضل بقظة المبدعين المصريين وإصرارهم.

وهذا الأسبوع كانت القاهرة على موعد جديد من محاولة اختراق ثقافى كان بطلها المركز الثقافى الفرنسى بالقاهرة، هذا المركز كان يحظى باحترام الكثير من المثقفين المصريين وتقام به الكثير من الأنشطة الراقية، ويحرص منذ عدة سنوات على تنظيم لقاء سنوى تحت شعار مهرجان الصورة، بهدف إتاحة الفرصة أمام قطاع من المواهب السينمائية الشابة لعرض إبداعاتها، وهو مجهود يحسب للمركز، ولكنه هذا العام اختار أن يكون من بين أفلام المهرجان فيلم لمخرجه إسرائيلية، وبدأت القصة التى فجرها المخرج أحمد عاطف الذى كان مرشحا لعضوية لجنة التحكيم بإعلان اعتذاره عن المشاركة، بسبب وجود هذا الفيلم ثم قيام المركز بإعلان سحب الفيلم، إلى هنا والقضية يمكن أن تقبل، ولكن ما حدث بعد ذلك من تدخل الخارجية الفرنسية وإصرارها على عرض الفيلم، مما دفع باقى المخرجين المصريين لإعلان انسحابهم من المهرجان.

وفى المقابل أصدرت الخارجية المصرية بيانا شديد اللهجة مؤيدا لموقف المبدعين المصريين، ثم بدأت بعض الصحف الفرنسية تمارس ضغطا شديدا على المخرج المصرى الذى فجر الأزمة، وأخيرا أعلنت وزارة الثقافة فى خطوة متأخرة تنظيم مهرجان مواز للمبدعين الذين كانوا سيعرضون أفلامهم فى المركز الفرنسى.

ما حدث وما به من سلبيات أرى فيه بعض الجوانب الإيجابية، أولها يقظة المخرج أحمد عاطف وإلمامه من خلال خبراته بتاريخ وجنسيات الكثير من المخرجين ومخاطرته بإعلان تحديه للحركة الصهيونية فى فرنسا، بالرغم من ارتباطه مع الكثير الإنتاجيه هناك، وثانيا الموقف المشرف جدا لوزارة الخارجية وبيانها الموجز والقوى والذى جاء ردا طبيعيا على تصرف الخارجية الفرنسية، وثالثا حالة الترابط التى بدا عليها السينمائيون الشباب المشاركون فى المهرجان، وكلهم من الباحثين عن فرصة لعرض أعمالهم، ولكنهم كانوا أكثر إيمانا بأهمية اتخاذ موقف يرفض التطبيع حتى لو ضاعت منهم فرصة عرض أفلامهم، وهو ما يؤكد لنا أن الأجيال الجديدة من المبدعين سيحافظون على ما فعلته الأجيال الأخرى من المثقفين من اعتبار التطبيع الثقافى خطا أحمر لن يجبرنا أحد على أن نتخطاه.

* كاتب صحفى بالأهرام.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة