د. أحمد حسن السمان

عام على خطاب أوباما فى القاهرة.. وصعود أنقرة

السبت، 05 يونيو 2010 08:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عام واحد كان كافيا لتغيير موازين القوى ومراكزها فى العالم العربى والإسلامى لتتراجع القاهرة وتتقدم أنقره فى السباق المصيرى لتحدى العقول والقلوب الحاسم لمستقبل هذه المنطقة من العالم.

قبل عام وتحديدا فى 4 يونيو 2009 ألقى الرئيس الأمريكى باراك أوباما خطابا للعالم الإسلامى من قلب جامعة القاهرة لإيمانه أن مصر هى المكان الذى يمكن أن يجد فيه آذانا صاغية بين المسلمين.

خطاب أوباما فى القاهرة جاء بعد نحو شهر من خطاب مماثل وجهه اوباما من قلب البرلمان التركى فى انقرة حمل فيه لغة تصالحية كبيرة مع العالم الإسلامى.. قال أوباما فى نسخة خطابه التركية إن بلاده ليست ولن تكون أبدا فى حرب مع الإسلام، وعبر عن تقديره العميق للدين الإسلامى، وتعهد بالعمل على سد الفجوة بين بلاده والعالم الإسلامى.

أفكار أعاد تكرارها فى القاهرة ولكن السبب الذى دفعه إلى القيام بخطابه القاهرى تمثل فى أن خطاب أوباما فى نسخته التركية، على غير ما كان متوقعا، وجد آذانا صماء فى العالم الإسلامى ولم يكن له الصدى الذى كانت الإدارة الأمريكية ترغب فيه.. وسرعان ما اختار أوباما القاهرة ليوجه من خلالها رسالة مسموعة فى إطار مساعيه لرأب الصدوع مع العالم الإسلامى.. رغم انتقادات عدد كبير من مستشاريه لهذا الاختيار نظرا لسجل القاهرة فى مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان.. وتم ترشيح عدد من العواصم الأخرى مثل جاكرتا فى اندونيسيا وهو ما أشارت إليه عدد من الصحف الأمريكية فى ذلك الوقت.

فى يونيو الماضى جاء أوباما إلى القاهرة وألقى خطابه الذى ساعد فعليا فى تحسين صورة بلاده فى العالم الإسلامى، إلا أن مواقف واشنطن من سياسات تل أبيب اضاعت جزءً كبيرا من زخم هذا التحسن.

ما يهمنا هو التأكيد على المكانة الكبيرة التى كانت تحتلها مصر قبل عام والتى تم إهدارها بسبب سياسات لا يمكن تفسيرها تتجاهل قضايا العالمين العربى والإسلامى بحجة أنها قضايا تستنفذ الجهد والطاقات رغم انها قضايا مصيرية وحيوية مرتبطة الأمن القومى المصرى.

أطراف عدة عملت على دعم الدور التركى بشكل يؤثر على الدور المصرى بشكل غير مقصود كما عملت القاهرة باستمرار غلقها لمعبر رفح.. وهو ما لم يكن كافيا لعلاجه القرار الذى صدر بعد الهجوم على قافلة الحرية بفتح المعبر الى اجل غير مسمى لدخول العالقين والجرحى وذوى الحاجات الإنسانية.. كما أسهم الهجوم الإسرائيلى على سفينة مرمرة التركية.. ولعل العنصر الأهم هو القرار التركى بالتوجه نحو الشرق وعمقها الإسلامى وهو ما كان مبعث مواقفها خلال العام الماضى والتحركات والزيارات التى قام بها زعماؤها الى المنطقة والتى يتوافق معها فى النهاية الموقف الحازم والقوى الذى اتخذته السلطات التركية من العدوان الإسرائيلى على سفينة مرمرة التركية الذى أدى إلى مقتل 9 اشخاص ثمانية منهم أتراك.

ويساعدنا على ادراك المكانة التركية الجديدة موقف رمزى ولكنه ذو دلالة كبيرة بعد ان تصدر السفير التركى فى القاهرة اجتماع السفراء العرب فى الاجتماع الطاريء لمجلس الجامعة العربية الذى جاء بعد الهجوم الإسرائيلى على قافلة الحرية، والقى السفير التركى الكلمة الافتتاحية فى اجتماع الجامعة العربية الطاريء الذى عقد يوم الثلاثاء 1 يونيو.

صحيح أن مصر لا تجرى مناورات منتظمة مع الجيش الإسرائيلى كما تفعل تركيا.. ولا توقع صفقات بالمليارات مع الصناعات العسكرية الإسرائيلية كما توقع انقرة.. لكن الإشادة والاعجاب بالمواقف التركية يزدادان كل يوم فى الوقت الذى تخسر فيه مصر بانتظام قوتها الناعمة ونفوذها عربيا وإسلاميا وإقليميا.

وفى هذا الإطار شهدت المنطقة تغيرين فى قضيتين رئيسيتين مرتبطتين بموضوعنا.. اولاهما التغير الإيجابى الضخم فى النظرة الى تركيا فى العالمين العربى والإسلامى التى تحولت من نظرة مشككة بسبب ذكريات سلبية لدى البعض عن الخلافة العثمانية ولدى البعض الآخر بتخليها عن تلك الخلافة وتوجهها العلماني.. والثانية هى خسارة مصر وبسرعة رصيد ضخم وقوة ناعمة كبيرة والمحزن فى الموقف ان يتم هذا بدون وقفة تحاول معالجة الأسباب الحقيقية لهذا التراجع.

إن تراجع القاهرة السريع وصعود أنقرة الصاروخى خلال عام واحد يؤكد قابلية المنطقة لإحداث تغيرات سريعة.. وهو ما يتطلب تغيير الرؤى والسياسات والأولويات لاستعادة المكانة اللائقة بمصر.. رغم أن استعادة هذه المكانة لن يكون فى كل الأحوال على حساب تركيا.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة