د. أحمد حسن السمان

حلايب محاولة للفهم

السبت، 03 يوليو 2010 07:28 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تصريحات الرئيس السودانى عمر البشير حول حلايب وكونها "سودانية.. وستظل سودانية" أثارت تساؤلات حول طبيعة التوجهات السودانية تجاه مصر فى الفترة القادمة خاصة ان هذه التصريحات جاءت فى أجواء استعراض قوة تجاه مصر وليبيا وتشاد مجتمعين.

قبل ايام خرج وزير الخارجية السودانى الجديد على كرتى، بتصريحات وصف خلالها الدور المصرى فى السودان بأنه لا يزال متواضعا تجاه قضايا مهمة تؤثر فى العمق الاستراتيجى لها، مضيفا أننا ظللنا نشكو ضعف معلومات مصر عن الحياة السياسية فى السودان وتعقيداتها.

وبالمناسبة ينتمى كرتى إلى حزب المؤتمر الوطنى الحاكم الذى يقوده البشير وكان يتولى منصب وزير الدولة بوزارة الخارجية فى الحكومة السابقة ويعرف بأنه إسلامى متشدد.

ورغم الاتصالات التى أعقبت تلك التصريحات وتأكيدات المسئولين فى البلدين أنهما تجاوزا الأزمة التى أثارتها تصريحات وزير الخارجية جاءت تصريحات البشير الأخيرة لتصب الزيت على النار وتثير تساؤلات حول دوافعها.. خاصة اذا وضعناها فى سياق التحركات الإقليمية الأخيرة التى اتخذتها الخرطوم والتى تثبت بما لا يدع مجالا للشك ان السودان تمارس دورا اقليميا تحاول تضخيمه ولو على حساب مصر.

فقبل أيام أعلنت السودان إغلاق حدودها مع ليبيا فى ظل التوتر بين البلدين بسبب وجود خليل إبراهيم زعيم حركة العدل والمساواة المتمردة بدارفور، فى ليبيا.

وكان إبراهيم قد اتخذ من تشاد قاعدة له لكنه طرد من العاصمة التشادية فى مايو الماضى، بعد تدخل سودانى واضح ومن ثم لجأ إلى ليبيا الأمر الذى آثار غضب الخرطوم التى تطالب بتسلمه وبمساعدة الإنتربول فى اعتقاله.

وقبل هذا وذاك اتخذت الخرطوم موقفا جرئيا بإعلانها تجميد عضويتها فى مبادرة حوض نهر النيل، بعد رفض خمس من دول المنبع التراجع عن اتفاقية لتقاسم المياه بمدينة عنتيبى الأوغندية وهو القرار الذى تبعته تصريحات مصدر مسؤول بوزارة الخارجية، بأن القاهرة تدرس تجميد نشاطها بمبادرة حوض وادى النيل كما فعلت الخرطوم.

فما هى دوافع الخرطوم فى سياساتها تلك؟. هناك طرح يقول إن تصريحات البشير تأتى فى إطار سعى الخرطوم إلى تأكيد دورها الإقليمي.. أو ربما لمواجهة مشاكل داخلية متزايدة.. عبر توجيه الاهتمام وخلق مشاكل خارجية لصرف الانتباه عن المشاكل الداخلية.. ويمكن ان تكون تصريحات تكتيكية تستهدف التأكيد على وجود خلاف بين البلدين يمنع تعاونهما العسكرى فى مواجهة تحركات قد تضر حقوقهما المائة.. وفى هذا السياق زعمت صحيفة "بوسطن جلوب" الأمريكية أن مصر والسودان يعتزمان شن حرب جوية ضد دول حوض النيل. وذلك فى سلسلة أكاذيب نشرت مثلها صحف اخرى مرتبطة بشكل وثيق بالصهيونية واللوبى الموالى لإسرائيل.

أنا شخصياً أميل إلى من يقول إن تصريحات البشير تأتى فى سياق تقليدى اتبعه مسبقا عندما تكثر عليه المشاكل الداخلية عبر اللجوء المعتاد الى إثارة مسكلة حلايب.

ومن اللافت أن تصريحات البشير تأتى فى أول زيارة له بعد انتخابه رئيسا فى انتخابات شابتها انتقادات واتهامات بالتدخل والتزوير وقاطعتها قوى سياسة داخلية عديدة.

لقد قال البشير انه بصدد الجلوس مع القيادة المصرية لحل مشكلة حلايب ولا اعتقد ان إعلانه ان حلايب "سودانية وستظل سودانية" سيسهل مثل هذا الحوار.. ولكنه يمثل نوعا من الهروب من مشاكله الداخلية بافتعال ازمة لا معنى لها مع الشقيق المصري.

الحقيقة المؤكدة وسط هذا كله ان المصالح الاستراتيجية بين الشعبين على المحك وان المشكلة الرئيسية التى تواجه السودان ليست حلايب ولكن تحدى ادارة الملفات الداخلية المعقدة واهمها استحقاق الاستفتاء المقرر فى عام 2011 حول الجنوب.. وإقليم دارفور الذى أعلن البشير أن العام الحالى سيكون عام حل ازمة الإقليم.. فهل حلايب يمكن ان تعوض خسارة الجنوب أو دارفور..أم أن بوصلة الأولويات غائبة عن الخرطوم.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة