لماذا أصبحت اتهامات العمالة والتخوين والكفر سابقة لأى حوار داخل هذا البلد، لماذا أصبح الالحاد موازياً لأى دعوة لبناء دولة مدنية، ولماذا أصبح الخلاف مع المعارضة عمالة للنظام، والخلاف مع الحكومة نكراناً للجميل؟!
لماذا تصبح عروبتك محل شك إذا ما انتقدت نظاماً عربياً لا إنجاز لديه سوى معاداة أمريكا وسقوط جزء من أرضه تحت الاحتلال؟ ولما تصبح عقيدتك وإيمانك بالله عز وجل، محل شك إذا تجرأت وقلت يوماً إن نبينا محمد "ص" قال: "أنتم أعلم بأمور دنياكم".. أو دافعت عن حقاً لشريك قبطى يقتسم معك الهم والفقر والجهل على حد سواء، لماذا أصبح الصراخ بديلاً للحوار؟
لماذا الاختلاف حول جدوى ترشح البرادعى للرئاسة، رغم إيمانك مسبقاً بصدق نواياه، يضعك تحت طائلة تهم العمالة للنظام، ولماذا يعدك الناس مختلاً إذا ما ذكرتهم أنه بموجب القانون الحالى اتفقنا أو اختلفنا معه، فلا يجوز للرجل خوض الانتخابات.. ولماذا إذا ما اعتبرت تكاسل المعارضة على مواجهة التوريث منذ بداية صعود جمال مبارك فى الحزب الوطنى خطأ جسيما ربما لم يعد ممكن تداركه الآن، تصبح من أصحاب الأقلام التى تسميها المعارضة "فاسدة".. وإذا ما اختلفت مع حكومة نظيف ووزرائه أصبحت ملاحقاً باتهامات من نوعية عدم الفهم وغياب الوعى ونكران الجميل.
لماذا السؤال عن جدوى ما يفعله أيمن نور فى تلك الأيام، وماذا يريده من وراء مؤتمراته وجولاته، وهل يحق لزعيم الغد، خوض أى عملية انتخابية قبل مرور خمس سنوات ـ بموجب القانون ـ على خروجه من السجن على خلفية تزوير توكيلات الحزب لا رد عليه سوى صرخة واحدة : حرااام عليك يعنى عاجبك اللى قاعدين على قلبنا؟
لماذا يختزل فعل مقاومة الاحتلال على أرض فلسطين الحبيبة فى حركة حماس، ويصبح أى خلاف مع الحركة بمثابة اختلاف حول جدوى المقاومة وعمالة للاحتلال؟ لماذا يصبح الخلاف مع الإخوان المسلمين خلافاً مع الإسلام السياسى برمته.. لماذا نسينا قوله تعالى: "إنا خلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا"؟ لماذا أصبحنا أكثر ميلاً للهدم ونسينا واجبنا فى البناء؟.. لماذا تجاوز المقدس حدود الدين، وأصبح لدى الجميع مقدسات سياسية وفكرية لا تقبل الحوار، ويصبح كل من يخالفها عدواً أو جاهلاً أو ناكراً للجميل؟!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة