د. أحمد حسن السمان

الظواهرى والبرادعى وماما أمريكا

السبت، 18 سبتمبر 2010 07:49 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استطاعت شعوب المنطقة أن ترى حقيقة الفزاعة الأمريكية أو "خيال المآتة" الذى يرفعه البعض لنشر النفور والرفض لفكرة ما أو شخص معين، أما الحكومات فقد ظلت على رعبها منه، ودليلنا على ذلك بيانات القاعدة ووضع المسيحيين فى مصر.

كمدرس جامعى للإعلام فإن أجمل ما أفرزته شبكة الإنترنت كوسيط إعلامى هو التفاعلية التى أتاحت للقراء المشاركة فى صنع الرأى العام عبر التعليق على الأخبار والمقالات، وأتاحت لمثلى من المتخصصين فى الإعلام معرفة تقريبية لتوجهات هؤلاء القراء، وبتحليل مضمون هذه التعليقات على الخبر الذى جاء فيه وصف الظواهرى للدكتور محمد البرادعى بأنه "مبعوث ‏العناية الأمريكية‎"، نصل إلى نتيجة مفادها أن ما قاله الظواهرى أحدث نتيجة عكسية لما كان يصبو إليه.

فتعليقات القراء، التى يميل معظمها إلى أن يكون صادقا وعفويا، انتقدت فى مجملها موقف أيمن الظواهرى الرجل الثانى فى تنظيم القاعدة بل واتهمته وتنظيمه بالعمالة لأمريكا ووصفه البعض بأنه مبعوث العناية الشيطانية، يأتى هذا بالرغم من وجود تعليقات تتبنى موقف الظواهرى، وهذا التباين هو موضع الجمال فى شبكة الإنترنت، وأحد أسرار قوة موقع اليوم السابع.

لكن الملفت للنظر هنا أمرين؛ أولهما أن أغلب القراء لم ينساقوا وراء اتهام البرادعى المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأنه سيدير المعارضة لحساب أمريكا كما أدار المنظمة الدولية لحسابها فيما يتعلق بالبرنامج النووى العراقى، بل جاءت معظم التعليقات مؤيدة للبرادعى، أما الأمر الثانى فهو اتفاق الظواهرى مع بعض كتاب الحكومة فى اتهام البرادعى بالعمالة ‏لأمريكا فى إطار هجومهم على مشروعه للتغيير، وهو ما يطرح تساؤلات حول توجهات الطرفين تجاه الولايات المتحدة باعتبارها فزاعة حقيقية لهم.

ولعل ما يؤكد ذلك هو موقف حكومتنا من الكنيسة، فبشهادة صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية التى قالت إن الكنيسة الأرثوذكسية المصرية تعتبر الآن بمثابة دولة ‏مستقلة بنفسها، حيث إنها تتمتع بنفوذ قوى أدى الى زيادة سلطة البابا ‏شنودة الثالث إلى حد لا يسمح بالجدال معه، على حسب تعبير الصحيفة.

ورغم أن الصحيفة الأمريكية أرجعت ذلك الى غياب الدولة، إلا أن الحقيقة التى تفسر هذا النفوذ تعود إلى قدرة الكنيسة على إدارة التنظيمات القبطية فى المهجر واستخدامها كعصا تضرب بها فى واشنطن لتحقيق أهدافها، فى ظل سيادة مفهوم الفزاعة الأمريكية لدى السلطات الحاكمة فى مصر وهو ما أدى إلى تزايد سلطة الكنيسة إلى هذه الدرجة، ولعل أفضل من تناول هذه الفكرة هو الكاتب المبدع علاء الأسوانى فى مقال بعنوان "مخاطر التمييز الإيجابى" نشره منذ أيام فى صحيفة الشروق "ويمكن الرجوع إليه".

تزايد السلطة البابوية فى مصر لا يجب أن يصرف أنظارنا عن حقيقة وضع غالبية مسيحيى مصر باعتبارهم مواطنين مصريين يعانون مما نعانى منه جميعا من فساد وضعف وإهمال حكومتنا الرشيدة، لقد وضع الدكتور البرادعى، مؤسس الجمعية الوطنية ‏للتغيير، يده على هذه الحقيقة حينما قال "علينا أن نفهم أن بعض المواطنين المسيحيين ‏والمسلمين يخرجون الكبت الداخلى لديهم نتيجة سوء الحالة السياسية والاقتصادية"، مضيفا أن التعامل مع الملف القبطى سيئ منذ سنوات وعقود.

لقد توحد الشعب المصرى بمسلميه ومسيحييه فى المعاناة من فساد السلطة، ولكنه تحرر الى حد كبير من فزاعة واشنطن، وتبقى الديمقراطية السبيل الوحيد لتحرر الحكومات من فزاعة وحضانة ماما أمريكا.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة