تتمة لمقالى السابق حول تسليح الجيش اللبنانى من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية والذى فهم القصد من ورائه بأنه معاداة للمقاومة والخط العربى والانحياز إلى الصفوف الأخرى لا بد من توضيح نقاط عدة أولها أن المقال لا يعنى لبنان فقط وجيشه بل يعنى المنظقة العربية بأكملها، إذ أن التوغل الإيرانى فى الجيش اللبنانى بعد أراضيه ما هو إلا جزء يسير من الخطة الإيرانية للتوغل الكبير فى منطقة الشرق الأوسط بشكل عام وفى المنطقة العربية تحديدا.
فقد بات من الواضح أن لإيران خطة توسعية خارج أراضيها المعترف بها دوليا، ويتخطى هذا التوسع المفهوم السياسى العام ليصل إلى الامتداد العسكرى وتسجيل الحضور المباشر من قبل الأذرع العديدة التى تمت زراعتها فى أكثر من بلد عربى.
وقد تنبهت بعض الدول العربية لهذه التحركات التى تقوم بها جماعة الملالى فمنهم من تصدى لها ووضع أمامها الحواجز التى من المستحيل تخطيها ومنها من استغلها لمصالحه السياسية عبر فتح بوابات عواصمه عبر التحالفات الاستراتيجية وبقى لبنان بين المد والجزر بسبب وجود ممثل الحرس الثورى الإيرانى – أى حزب الله – على الأرض وامتداده بطريقة مدروسة فى مختلف الأراضى اللبنانية.
ففى مصر تم الكشف عن المجموعات التى زرعها حزب الله بإيعاز من جمهورية الملالى وتمت محاكمتهم بسبب الضرر الذى كان سينجم عن مخططاتهم من إنشاء جمعيات سرية بتمويل خارجى وصولا إلى التخطيط للاعتداء على السفن العابرة من خلال قناة السويس، أما سوريا فقد استفادت من الخطط الإيرانية وظفت الكثير لصالحها كأوراق ضغط سياسية بعد العزلة التى فرضت عليها بسبب موقفها من الشارع السياسى اللبنانى، ويبدو أن الدبلوماسية السورية نجحت بالتعاطى مع الملف الإيرانى والمتاجرة به بعد المواقف الأخيرة وعودتها النسبية إلى حضن محور الاعتدال العربى المتمثل بالمملكة العربية السعودية ومصر والمملكة الأردنية الهاشمية، ويبقى الأراضى الفلسطينية المحتلة والتى للأسف استطاعت الأذرع الإيرانية السيطرة على قطاع غزة والتحكم بمصيره ومصير أبنائه بعيدا عن مفهوم الدولة الفلسطينية وتثبيت الانشقاق فى صفوف الشعب والقيادات الفلسطينية، أما فى العراق فحدث ولا حرج عن الانقسام الذى حصل بسبب التوغل وتوابعه.
واللافت أن للتوغل هذا ألوانا، فهنا هو ضد الاستعمار الأمريكى والتوسع الصهيونى كما يقول وهناك يكون حليفا لهذا الاستعمار بل متحالف معه ضد هذه الطائفة أو تلك، أما تبعية الأذرع المنتشرة فى المنطقة العربية فهى دائما للولى الفقيه وليس لقادة الجيوش أو لرؤساء الدول التى ينتمون إليها، فكيف من الممكن الاطمئنان إلى سلاحهم ومسلحيهم، وخير مثال ما يجرى فى لبنان وفلسطين والعراق بتوجيه النيران إلى الأخ والصديق والجار بدلا من وجهته الأساسية، وكان آخرها ما قام به حزب الله فى بيروت من اشتباك مسلح مع إحدى الجماعات الإسلامية والتى تم تصويرها على أنها حادث فردى تطور بسرعة، مع التذكير فقط أن جمعية المشاريع الإسلامية هى من الجماعات التابعة للطائفة السنية فى لبنان، و رغم تعارض سياستها مع تيار المستقبل وعلاقتها المميزة مع سوريا إلا أن حزب الله قرر توجيه ضربة لها أو التذكير بوجودها بعد أن قام بما قام به منذ سنتين ضد الوجود السنى المسلح فى بيروت وباقى المناطق.
قد يقول البعض، إن هذا الكلام لا علاقة له بتسليح الجيش اللبنانى وحتى بعنوان المقال، لكن على العكس فكل ما سبق ما هو إلا العواقب المميتة التى ستنتج عن تسليح الجيش اللبنانى بالسلاح الإيرانى، باعتباره تثبيتا لوجود السلاح بيد حزب الله والقضاء بالتالى على أى منافس خصوصا من الطوائف الاخرى التى أصبحت عميلة للمشاريع الأمريكية والإسرائيلية لمجرد المطالبة بسحب السلاح أسوة بباقى الأحزاب، ووضع لبنان من جديد ضمن دائرة الاستهداف الإقليمية باعتباره نقطة الانطلاق الإيرانية بعد دمشق التى تخلت عن هذا الدور مرحليا، وما زيارة الرئيس الإيرانى المرتقبة إلى بيروت إلا خير دليل على المخطط المدروس جدا ويتم تنفيذه بأدق تفاصيله.
* كاتب لبنانى .
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة