غادة عبود

حد فيكم شاف خيبتها؟

الإثنين، 24 يناير 2011 08:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى أحد المرات ومنذ أزلٍ ليس ببعيد سأل سمير صبرى، الفنان جميل راتب "ما الفرق بين مسرح عادل إمام ومسرح محمد صبحى؟ فأجاب، الجمهور بيتسابق لمسرح عادل إمام حباً فى مشاهدة عادل إمام كنجم محبوب وتحقيق نجاح كهذا صعب جداً ويحسب للفنان عادل إمام و الجمهور أيضا يتسابق لمسرح محمد صبحى لمشاهدة (عمل) محمد صبحى فهو رجل مسرحى من الطراز الأول".

الكلام ده طبعاً كان أيام العز وأكل الشيبس فى الصف الأول من أى مسرح من المسارح الكبيرة والكثيرة فى القاهرة والإسكندرية، سمير صبرى سأل سؤالا ذكيا فعلاً أيام ما كنا محتارين بين بلح الشام وعنب اليمن، لكن للأسف الشديد جداً لا بقينا طايلين لا عنب و لا بلح. بقينا بنتشّق على خياررياية تبرد عطشنا من السنين العجاف التى أصابت المسرح.

طب أنا هقولكم حاجة مش هتصدقوها، تعرفوا إنى حضرت مسرحية ريا وسكينة فى مسرح السلام فى إسكندرية!!! والله حضرتها! أنا حتى فاكرة إن قبل ما يبتدوا المسرحية النور اتقطع!! ولما النور رجع الجمهور صفّق كلهم فى نفس واحد. أيوة كنت صغيرة جداّ. بس فاكرة تصقيف الناس لشادية. فاكرة المشهد اللى بيطفوا النور لما ريا و سكينة بيكلموا القاضي.

فاكرة إزاى الناس اتفاجئت بالنهاية المأساوية وسمعتهم بيقولوا "لأ مش معقول!! خلصت كدة؟" فاكرة فى نهاية المسرحية تحية الممثلين. و فاكرة كويس جدا الراجل اللى كان بيبيع الكاسيت الخاص بأغانى المسرحية.

فاكرة لما كبرت شوية قد إيه كنت شبطانة وتوسلاتى لوالدتى إنها تودينى أشوف شيريهان وفؤاد المهندس فى "علشان خاطر عيونك." فاكرة لما رجعت المدرسة وحديث صديقاتى عن شيريهان وغنائهم ما يتذكرون من المسرحية. وأتذكر أيضا كيف تقاسموا الضحكات عن ما يتذكرونه من مسرحية أولاد الشوارع لسماح أنور و هالة فؤاد.

أتذكر الصفيق الحاد لأول ظهور لعادل إمام فى مسرحية "الواد سيد الشغال" أتذكر كيف كان يمازح الممثلين على المسرح. تصوروا أنا رحت المسرحية دى مرتين! المرة الأولى كانت البطولة فيه لسوسن بدر، ثم حل مكانها مشيرة إسماعيل. أتذكر أنى حضرت مسرحية اسمها "خشب الورد" ولكنى لا أتذكر من أبطالها فقد كنت مشغولة بالتحديق فى أفيش فيلم "السادة الرجال" الذى غطى البناية المجاورة للمسرح. أتذكر سرعة بديهة سمير غانم على المسرح فى "فارس وبنى خيبان" أتذكر أن كلما قررنا الذهاب لمسرحية لسيد زيان يتصادف أن يشب خلاف بين أمى و أبي!! حتى أصبحنا نتحاشى مسرحياته درءاً للخلافات.

أتذكر كيف كنت أتذمر أن المسرحيات ذات النجوم الكبيرة كلها فى القاهرة بينما نقضى كل صيفنا بالإسكندرية حيث المسرحيات أقل بكثير. طبعاً لم أكن أدرك أن فى ظرف سنوات قليلة لن يكون هناك أى مسرحية لا فى القاهرة ولا فى الأسكندرية!!!

طب انتوا عارفين إن فى الثلاث سنوات الأولى من بدء عرض مسرحية الزعيم للزعيم عادل إمام، كان أصحاب الطبقة المخملية فى السعودية و الخليج ياخدوا طيارة خميس وجمعة عشان يحضروا مسرحية الزعيم ويرجعوا و بقت الحكاية موضة بين الناس!!!! أنا فاكرة بقى لما رحت المسرحية دى كنا جينا متأخرين 5 دقايق بعد فتح الستارة، فالراجل اللى بيقعدنا قالنا إنوا لازم نفضل واقفين لغاية ما عادل إمام يدى ضهره للجمهور عشان يدخلنا. و فعلاً أول ما اتدور جرينا بسرعة علشان نقعد.

طب قبل ده كله، أنا فاكرة إنوا أول ما اتعلّق أفيش "شارع محمد علي" على مسرح السلام، و قبل شهر كامل من بداية المسرحية، الناس كانت واقفة طوابير، والمسرحية كانت كامل العدد، لغاية ما بالعافية لقينا حجز فى الصف الـ36 مثلا. وأول ما شيريهان طلعت الناس اتجننت، وكل ما تبدأ استعراض الناس فى المسرح يهمسوا " لا مش ممكن يكون ضهرها مكسور!! دى بترقص أكثر عشان تثبت للناس إنها ما اتكسرتش." والله يا شريهان إحنا الجمهور اللى اتكسرنا بعد وفاة المسرح إكلينكياً و إسفيكسياً!!! فاكرة كمان ولادة النجم محمد هنيدى فى مسرحية "حزمنى يا" وفاكرة إستعراض الشيشة لفيفى عبده. طبعاً لمّا بقوا يعيدوا المسرحية على التلفزيون بقيت أتحسر وأقول "يا خسارة يا ست!!"

أما مسرح محمد صبحى فمهما كتب عنه، لن يوفيه حقه أبداّ. مسرح محترم و راقى جداً. مسرح يعلمك أن الترفيه ليس معناه الابتذال أو التلميحات الجنسية الرخيصة. مسرح يضحكك من قلبك، ثم تتندر على الحكمة وراء إفيهاته. مسرح أول ما تدخله تحس إنك داخل بيت حد تعرفه، هيطلع دلوقتى و تسلم عليه، و تتأمل فى اللوحات الزيتية المعلقة خارج المسرح لتكون كما السيرة الذاتية و تأريخ للفن الجميل. مسرح يحترم العائلة، لأنه يخرج من عائلة الفن الحقيقى الذى لا يتفزلك عليك و يتشدق بطلاسم. فالضحكات فيه تجمع بين الدبلوماسى و جزار المدبح.

تصوروا أنا رحت "ماما أمريكا" و "وجهة نظر" أما "لعبة الست" فرحتها مرتين. إنتوا عارفين إن الناس كانت بتصفق فى حماس وانبهار بالمستوى الفنى الراقى مع كل تغيير للديكور!! طب تصدقوا إن الناس فى الاستراحة كل ما تعدى جنب حد تلاقيه بيسأل التانى "هو محمد صبحى جايب صوت نجيب اليحانى كدة إزاي؟ تفتكر عامل حاجة فى الميكريفون؟ أصل مش معقول انه جايبه كدة!!" و رحت "سكة السلامة 2000" برضه لصبحي... دى الناس كانت بتضحك بشكل غريب و سقفة الثناء على المجهود الواضح فى العمل كانت الجمهور يبذلها من تلقاء نفسه.

تعرفوا إن "لعبة الست" و"سكة السلامة" خلص عرضهم من تقريباّ عشر سنين!! هو حد حسد مصر على المسرح؟! إزاى إحنا كجمهور سيبنا المسرح يحتضر و يزهق أنفاسه بين إيدينا و احنا مش حاسين؟ إزاى فجأة نصحى نلاقى مفيش مسرح!! ده المسرح كان أحد أهم عوامل الجذب السياحي. فكل النجوم و الممثلين لغاية فترة مش بعيدة قوى كانوا كلهم بيقدموا مسرح!! إيه اللى حصل؟

وإزاى يتوقف آخر أعمدة المسرح العربى محمد صبحى عن تقديم مسرحياته ليتجه للمسلسلات!!! وإيه حكاية أحفاد ولاد عمة ونيس دول؟ مش ناقص غير إن ونيس يطلعله قرايب فى الفلبين عشان يعمل عنهم مسلسل!!! اللى فارسنى و حارق دمى إن صبحى بقاله عشر سنين فى كل لقاء يؤكد إنه بيجهز لمسرحية خيبتها!!! و يمر عام وراء عام آخر لنفاجىء بمسلسل جديد من صبحى ننشغل عن مشاهدته، بينما ننتظر "خيبتها." و لكن لا خبر عنها. المخيف فى الأمر أن فى لقاء لمحمد صبحى مع عمرو الليثي، أعلن صبحى أنه ينوى تقديم 5 مسرحيات أخرى بالإضافة إلى "خيبتها!" فوجدتنى رغماً عنى يعترينى القلق بأن يسارعه القدر فلا يمهله وقتاً كافياً لتقديم مسرحياته، خاصة وأنه على حسب معلوماتى بأن صبحى من مواليد 1949 !!! يعنى اللى جاى مش قد اللى راح!!! ما ربنا عرفوه بالعقل، و انا بصراحة حفظت كل المسرحيات اللى ما حيلتناش غيرهم!!!!

يا أستاذ صبحى ربنا يديك طولة العمر... بس جمهور المسرح مالهوش دعوة بورق العمل اللى قدمته. جمهور المسرح بيحبك فى المسرح. يا ريت ترجع لمسرحك و تسيبلنا رصيد كافى من المسرحيات. أرجوك سيبك من المسلسلات. بتوع المسلسلات أكتر من الهم ع القلب. بس إحنا مفتقدينك فى المسرح. أرجوك تسارع بتقديم "خيبتها" و "غزل البنات" بسرعة قبل ما "خيبتها" تبقى خيبتنا كلنا!!!








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة