حمدى الكنيسى

الكرة فى ملعبك أنت!

الجمعة، 18 نوفمبر 2011 04:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حب الوطن قضية مفروغ منها، ولا تحتاج إلى حديث جديد، ويكفى أن الأغانى والأناشيد - ما شاء الله - «تسدّ عين الشمس»، ويقسم شعراؤها وملحنوها ومطربوها بأغلظ الأيمان عن حبنا لمصرنا الغالية، واستعدادنا لبذل الغالى والنفيس من أجلها، لكن الواقع يقول إن الكلمات والأغنيات لا تترجم وحدها معنى وحقيقة مشاعرنا وانتمائنا اللهم إلا إذا تعرضت مصر لخطر داهم مثل تعرضها للحرب مع الأعداء، كما حدث فى نكسة 67، وما تحقق فى انتصار 1973، والمؤسف والمقلق أن بلدنا الغالى يتعرض الآن لخطر مماثل تقريبا بل قد يفوق الدخول فى حرب جديدة، هذا الخطر - يا حضرات - يسفر عن وجهه المخيف فى أكثر من محور وموقف، أولها: أن مصر معرضة الآن لكى تخسر أعظم وأروع صورة اكتسبتها بعد الثورة، حيث صارت حديث العالم أجمع بسلميتها وتحضرها، بل إنها ألهمت الشعوب فى الدول العربية والأجنبية للاقتداء بها حتى إن المتظاهرين فى أمريكا وأوروبا وحتى إسرائيل وطبعا فى الدول العربية رفعوا ويرفعون لافتات ضخمة تقول: «شكراً لمصر!» و«الفضل لمصر!»، كما استعارت بعض الميادين فى عدة دول اسم «ميدان التحرير».

هذه الصورة الرائعة تكاد تسقط من رصيد مصر التاريخى نتيجة لما حدث ويحدث من فوضى وانفلات أمنى وارتباك سياسى، أليست هذه خسارة فادحة سوف نندم عليها أشد الندم ونكتشف تقصيرنا وتخاذلنا وإساءتنا لمصر التى نتغنى بحبها وعشقها؟!

ثانيا: إلى جانب الخسارة الأدبية والمعنوية الرهيبة، تأتى الخسارة المادية والاجتماعية المذهلة، حيث قد يؤدى سقوط هيبة الدولة، واندفاع القوى السياسية - بشراهة حمقاء - إلى محاولة اقتناص أكبر قدر من «كعكة الثورة» على حساب مسيرتها، وعلى حساب تحقيقها لأهدافها الشاملة حتى لو أدى هذا التهافت إلى وقوع صراعات وصدامات يستعد المتربصون بنا إلى استغلالها أبشع استغلال ليبدأ الصراع العنيف الدموى والانهيار لمقومات الدولة بما قد يعرض الوطن لأسوأ، وأشد المخاطر التى قد تدفعه - لا قدر له - إلى المصير المرعب الذى سقطت فيه العراق والسودان والصومال! وعلى فكرة هذا الكلام ليس فيه أى مبالغة فمخططات التمزيق والتفتيت معروفة!

هذا هو الواقع الأليم الذى يحاصر مصر الآن ويكاد يغتال فرحتها بثورتها المبهرة، ويهدد حاضرها ومستقبلها، ولا بديل إطلاقا عن تحركنا السريع الواعى لكى نترجم ونجسد ما نقوله ونتغنى به عن حبنا وعشقنا لمصرنا، علما بأن الفرصة الأخيرة متاحة لنا الآن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وبدء مسيرة الديمقراطية الحقيقية، وإذا كان الوقت قد فات لمعالجة أنواع القصور والإهمال والبطء الذى بلغ أحيانا درجة التواطؤ، لا يتبقى أمامنا إلا أن نضع كل ثقتنا فى وعى وإخلاص كل مواطن شارك أو رحب بالثورة مدركا ما تسبب فيه النظام السابق من كوارث اجتماعية وصحية وتعليمية وسياسية، نضع ثقتنا فى هذا المواطن أو بلغة الرياضة نلقى بالكرة فى ملعبه، ليقول «الكلمة الفصل» التى تعيد للثورة توازنها وبهاءها وتنقذ مصر من الواقع الأليم الذى يحاصرها ويهددها، هذه الكلمة التى تتمثل فى حرص المواطن على الإدلاء بصوته فى الانتخابات المقبلة بعد أيام مهما كانت الصعوبات والمناورات والشعارات المضللة، ثم عليه أن يساهم بصوته فى اختيار من يمثلوننا فى مجلسى الشعب والشورى بعيداً عن أية انتماءات أو تربيطات لصالح أحزاب أو جماعات كشفت عن نواياها السيئة بالسعى إلى استغلال الثورة فى تحقيق أهدافها الخاصة سواء كانت تلك الأهداف لصالح النظام السابق، أو من أجل السلطة والسيطرة والتحكم فى أمور الحياة بأسلوب لا يختلف كثيرا عن أسلوب الحزب الذى احتكر السلطة طوال السنوات السابقة.

مرة أخرى يا أخى المواطن: الكرة فى ملعبك أنت، وأنت الأمل الأخير لأنك بإصرارك ووعيك وضميرك الوطنى يمكن أن توقف زحف الأخطاء والخطايا التى ارتكبها من ركبوا موجة الثورة بسوء أو بحسن نية! ومن ثم تستثمر مصر ما هيأته الثورة من مناخ وأجواء وطموحات كفيلة بأن تعوضها عما فقدته، وتضعها على طريق البناء والتنمية.. طريق الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، الطريق الذى عندما ترانا مصر قد فتحناه ومهدناه تعرف أننا فعلا نحبها ونعشقها بأكثر مما تقوله الشعارات والهتافات والأغنيات!








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة