خالد أبو بكر

بالقانون.. مكتب الإرشاد يحكم مصر

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2011 09:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أتعجب إطلاقا من النتيجة التى حصل عليها الإخوان المسلمون فى انتخابات المرحلة الأولى فهم يطبقون أعلى النظريات الحديثة فى العمل والتى تنتهجها المجتمعات الأوروبية وإن كانت هذه النظرية فى الأصل إسلامية.. تقول «من عمل منكم عملا يجب أن يتقنه»، هكذا تقدمت الدول الأوروبية التى تجد فيها كل شىء قوامه العمل الجيد المنظم.

وهذا ما فعله الإخوان، فعلى الرغم من الحرب الشعواء التى كانوا يلاقونها فى العهود السابقة فإنهم استطاعوا أن يكونوا رصيدا كبيرا فى الشارع المصرى، وتنظيمهم بهذا الشكل يعطى أملا فى الإنسان المصرى إذا ما تولدت لديه الإرادة الحقيقية ونظمت صفوفه فيخرج منه مارد الإبداع فى العمل.

والواضح أن رجال الحكم الماضى والإخوان اشتركوا فى خبرة المعرفة بنسيج الشارع المصرى، فكلاهما يجيد التعامل مع رجل الشارع البسيط فى القرى وفى المدن المصرية البسيطة شرقها وغربها، إلا أن الإخوان وصلوا مبكرا إلى حقيقة مؤكدة، هى أن صوت المواطن الكادح الغلبان يتساوى فى الصندوق مع صوت أستاذ العلوم السياسية، فتركوا المثقفين وأساتذة السياسة يتشاجرون أثناء النقاش فى وسائل الإعلام وذهبوا إلى رجل الشارع البسيط، وسألوه ما هى المشكلات التى تعانى منها؟ فأجاب بأنه يريد أنبوبة بوتاجاز، والآخر كان عنده مشكلة فى الزيت والسكر، والثالث كان بالنسبة له الذهاب إلى صندوق الانتخاب سيكلفه بعض الجنيهات لزوم المواصلات.

فقرروا أن يخاطبوا كل هؤلاء، وهم جالسون معهم فى نفس الأماكن ويلبسون نفس ما يلبسون ويتكلمون كما يتكلمون هم، قرروا أن يحلوا مشكلة أنابيب البوتاجاز ويعطوا الزيت والسكر للمحتاج ويحضرون وسائل مواصلات لمن تمثل هذه التكلفة بالنسبة له إرهاقا ماديا، «هاتقول لى كل ده بفلوس مين؟ الموضوع ده محتاج بحث»، إلى جانب أننا كلنا بنحب كل ما هو مرتبط بالدين والكلام اللى بيقولوا الشيخ فى خطبة الجمعة فى كثير من القرى ما زال محل احترام من عدد كبير من الناس، وهذه الشرائح كثيرة جدا فى المجتمع، وللأمانة الإخوان يفعلون كل ذلك بتواضع وبأخلاق سمحة تجبرك على احترام أشخاصهم.

وعلى الجانب الآخر رجل أعمال سخر أمواله وأدواته الإعلامية واتصالاته فى دعم مجموعة من الشباب لكى يحصدوا أماكن فى البرلمان، وهذه إشارة فى شكلها محترمة، إلا أنها أيضا تمثل تدخلا لرأس المال فى السياسة، وهو أمر خطير، فإذا فتح هذا الباب على مصراعيه لوجدنا ممثلين لرجال الأعمال داخل البرلمان والصورة العامة هى تشجيع الشباب والوجوه الجديدة، لكنى أعول هنا على الأسماء الجديدة التى وصلت إلى البرلمان حتى بمساعدة هذه الأموال لأنهم مطالبون بكسب احترام الشارع المصرى بالعمل للمواطن العادى والبعد عن الاهتمام بالإعلام، ولا يخفى على أحد أيضًا وجود لمسة طائفية فى الانتخابات الأخيرة، حيث وقع المواطن العادى فريسة سهلة لمشاعره الدينية.

ثم بدأ الإخوان فى الدخول فى معارك تليفزيونية مع النخبة المثقفة، كسبوا فيها تارة وخسروا تارة أخرى، فكان بعضهم يظهر على الإعلام ولا تملك إلا أن ترفع له القبعة احتراما له، وهنا أشير إلى الدكتور محمد مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة الذى أعتقد أن كلامه به هدوء وموضوعية وأدب وتمكن، ولكن للأسف وجدنا غيره من الإخوان يظهرون للإعلام بالصوت العالى ومحاولة الدخول فى مشادات أعتقد أنها سحبت من رصيد الإخوان خاصة لدى الفئة المثقفة من المجتمع.

إلا أنه فى كل الأحوال لم يكف الإخوان يوما عن العمل الجاد المنظم، فى الوقت الذى اكتفى فيه بعض النخبة بمحاولة التفوق الإعلامى على الإخوان والبعض الآخر اعتمد على أموال رجال الأعمال فى عمل دعاية له فى الانتخابات.

فكانت النتيجة فوز بعض الذين يمتازون بكثرة وشطارة خطابهم الإعلامى وأيضًا علاقتهم المتعددة مع رؤساء التحرير ومقدمى البرامج، وأيضًا فوز بعض الذين استخدموا أموال رجال الأعمال فى الدعاية.

لكن ما هو معيار تحديد المصرى الواعى الذى يؤتمن على صوته الانتخابى؟ لا أعرف.. وهل كل من يذهب إلى صندوق الانتخاب يفهم الحكمة والرسالة والهدف من أن يدلى بصوته؟ أشك تماماً.

أولا بالعمل الجاد وثانيا بالقراءة الجيدة للأمر الواقع لثقافة المصريين السياسية ومدى أهميتها بالنسبة لاحتياجاتهم المعيشية، بهذين السببين معا استطاع الإخوان المسلمون أن يفوزوا بأغلبية كبيرة فى المرحلة الأولى من الانتخابات وأعتقد أن الأمر سيكون هكذا أيضاً فى باقى المراحل.

وبقراءة بسيطة جداً تستطيع أن تؤكد أن العلاقة بين أفراد الإخوان وبين مكتب الإرشاد هى علاقة السمع والطاعة، يقابلها رعاية وتواضع من قبل أعضاء مكتب الإرشاد لكل فرد من أفراد الجماعة.

وعليه.. إذا ما أراد نائب إخوانى تقديم استجواب أو طلب إحاطة ونصحه أو وطلب منه أو أمره مكتب الإرشاد أن يعدل عنه فالنتيجة الحتمية أنه سيستمع إلى كلام مكتب الإرشاد.
فما بالكم فى حال اختيار لجنة إنشاء الدستور أو مناقشة مواد الدستور أو فى التشريعات الأساسية المنظمة للدولة، هل سيترك مكتب الإرشاد أعضاء الإخوان فى البرلمان بلا خط واحد ومنهج متفق عليه؟ الإجابة بالقطع لا.. لأننا تعودنا منهم حسن التنظيم وانهم جميعا على قلب رجل واحد.

وبناء على ما تقدم وبلغة بسيطة تستطيع أن تؤكد أن مكتب الإرشاد سيكون له دور كبير جداً فى الحياة السياسية المصرية فى المستقبل القريب، تشريع ماشى، إقالة حكومة شغال، اشتراط تعيين أسماء فى حكومة وارد، وحدث ولا حرج، وكله بالقانون ولو حد مش عاجبه يشتغل زيهم، ويكسب رصيد فى الشارع، ثم فى البرلمان وبعدين يسمعنا صوته.

ولا تنسوا أن الجهة الشرعية الوحيدة التى ستكون قائمة فى مصر هى مجلس الشعب، وبالتالى فالحديث مع ممثلى الشعب حتى وإن أتى من المجلس العسكرى فلابد أن يراعى فيه أنه حديث موجه لمن اختارهم الشعب وأغلبيتهم من الإخوان المسلمين.

بس خلوا بالكم مشكلة المصريين إنهم خلاص بقى عندهم أزمة من أى حد يحاول يخنقهم أو يحسسهم إنه لوحده هو اللى يقدر يتحكم فى مصيرهم ساعتها - وافتكروا الكلام ده كويس - لا هيبقى فيه برلمان ولا قانون وإنما هتبقى ثورة تانية ضد الاحتكار والإحساس بالقوة، ومثال الحزب الوطنى لم ينس.

وخلونا نشوف ونساعد الإخوان الذين انتخبوا بديمقراطية عشان يطبقوا سياساتهم الاقتصادية والاجتماعية لنهضة مصر ونصفق لهم إن أصابوا وننتقدهم إن لم يصيبوا، وهذا هو الاختبار الحقيقى.

لكن لو عايز تنجز قرار أو مشروع أو تعرف ما هو آت فى البلاد الكلام من هنا ورايح يكون مع مكتب الإرشاد، وبكده تبقى الثورة المصرية نجحت وكانت صاحبة الفضل فى إيصال الإخوان المسلمين إلى حكم مصر وفشلت فى حاجات تانية كتير هانروح مكتب الإرشاد عشان يحققهلنا.

ولنا سطور أخرى الأسبوع القادم إن كان فى العمر بقية..








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة