اللجنة العليا للانتخابات هى الكيان القانونى المنوط به الإشراف على العملية الانتخابية فى كل مراحلها، وهذه اللجنة تشكل من قضاة أصحاب خبرات طويلة فى العمل القضائى، وتكون برئاسة المستشار رئيس محكمة استئناف القاهرة ولها ميزانية مستقلة.
ولأول مرة يخرج الشعب المصرى للتصويت فى الانتخابات البرلمانية، وهو يشعر بسعادة كبيرة، ولا أبالغ إذا قلت إن الكثير من الذين ذهبوا للإدلاء بأصواتهم، كان هدفهم المشاركة، بغض النظر عن ترشيح أو انتخاب مرشح بعينه، فقد كانت تظاهرة فى السباق للمشاركة فى شىء لصالح الوطن، وعلى أساتذة الاجتماع السياسى استغلال هذا الشعور الجارف لدى المصريين، فى حثهم على المشاركة فى مشروع قومى موحد لخدمة المرحلة الاقتصادية التى نمر بها.
وانتظر المصريون يوم الانتخاب وتواعد الأصدقاء كى يتقابلون أمام اللجان، وقد استعدوا للوقوف لساعات فى طوابير، دون تزاحم أو احتكاك بل بالعكس، كانت تدور حوارات نقاشية بين الواقفين المنتظرين دورهم فى التصويت، وبسلوك راق جداً ظهر المصريون حريصين على مستقبل بلادهم، ونقل العالم كله أول انتخابات برلمانية مصرية حرة الإرادة بعد الثورة.
الكلام اللى فات ده كان كلام من اللى بيقال فى وسائل الإعلام، لكن تعالوا نتكلم بالطريقة نفسها اللى بنتكلمها فى البيت أو بين أهالينا وأصدقائنا.
بقى يا ناس مصر البلد الكبيرة دى لما تتحرر إرادتها، تعجز وتغرق فى عملية تنظيم انتخابات تجرى على ثلاث مراحل؟ يعنى الهم التقيل انزاح وهو إرادة التزوير من قبل الدولة، لكن الهم اللى فضل هو خيبة التنظيم من قبل اللجنة المشرفة على الانتخابات؟؟ الشكاوى أتت من كل من شاركوا فى هذه العملية، وإذا كان المرشحون لازم يشتكوا - وده بيحصل فى كل الدنيا - نقول عادى، لكن لما القضاة المشرفين على الانتخابات هم اللى صوتهم راح من الشكوى، يبقى لازم نعمل وقفة، ولما أوراق الانتخاب يتم العبث بها ويتم الإلقاء بها ليتلقفها المواطنون ويجرون بها على وسائل الإعلام، يبقى فى حاجة غلط، ولما الصناديق تترك دون إشراف قضائى طول الليل، يبقى الانتخابات لم تكن تحت إشراف قضائى كامل، مثلما اشترط القانون، وتسمع حكاوى من القضاة على وسائل الإعلام تشعرك بالإحباط، اللى الصندوق فى لجنته امتلأ ويطلب صندوقا آخر، فلا يجاب لطلبه ومن ثم يوقف عملية التصويت، واللى يقول إن الأماكن المعدة للفرز لا تصلح، وإنهم يقومون بعد الأصوات بطرق بدائية، وهم جالسون على الأرض فى جو بارد، وإنهم يعملون لمدة 48 ساعة متواصلة دون انقطاع، وإن الموظفين المساعدين أتوا بهم من كل مكان دون أن يعرفوا ما هو العمل المفروض أن يقوموا به إلا فى صباح يوم الانتخاب، واللى يقولك بطاقات التصويت فى بعض اللجان طبعت غلط.
كل ده سمعناه فى المرحلتين الأولى والثانية، لكن المصيبة الكبيرة هى خطأ اللجنة العليا مرتين فى تحديد نسبة التصويت، مرة ستين ومرة خمسين وبعدين يقولك كنا مرهقين ومعرفناش نجمع نسبة التصويت، طيب عملية الخطأ المعترف بها من قبل رئيس اللجنة العليا، والتى بررها بالإرهاق، أليس من الممكن أن تكون تلك الأخطاء تكررت فى حالات فرز الأصوات لصالح أحد المرشحين؟؟ الله أعلم.
وكمان الشىء اللى لفت نظرى هو المؤتمرات الصحفية للسيد المستشار الجليل عبدالمعز إبراهيم رئيس محكمة استئناف القاهرة، ورئيس اللجنة العليا للانتخابات، للوهلة الأولى تشعر أن الرجل صادق وطيب القلب، ويتحدث إليك كما يتحدث والدك أو عمك يوم الجمعة، بعد الصلاة، لكن مع احترامنا لكل ذلك فإن المهمة المكلف بها سيادة المستشار، لها طبيعة قانونية وتاريخية وتمس حاضر ومستقبل المصريين، وأيضا تنقل صورة للمجتمعات الأجنبية عن طريقة أداء المصريين فى الانتخابات، والعالم كله ينقل كل هذه المؤتمرات الصحفية التى يعقدها رئيس اللجنة بما فيها من أخطاء، سواء فى الأرقام أو فى لغة الحوار بين رئيس اللجنة والصحفيين.
طيب ممكن تقولى ليس بالضرورة أن يكون المسؤول متحدث جيد لوسائل الإعلام، المهم أن عمله يكون منظم، الحقيقة إحنا افتقدنا الحاجتين، وفى كثير من الدول توجد فكرة المتحدث الرسمى، وهو الشخص المحترف الذى يمثل الدولة أو الجهة القضائية أمام العالم، ويجيد مخاطبة وسائل الإعلام والرد على جميع الأسئلة بشكل لا يخل بالمضمون.
وحيث إن الأخطاء تكررت وللأسف كلها تنظيمية، وحتى لا ننتقد دون أن نوجد حلولا، فما المانع أن يتم التأكد قبل المرحلة الثالثة من توافر وسائل مواصلات كريمة لكل قاض، وأيضا وجبة غذائية تضمن له أن يقوى على هذا العمل المتواصل، وعدد كاف من صناديق الانتخاب، ولماذا لا يقوم القاضى فى اليوم الأول للانتخاب بنقل الصناديق إلى مقر اللجنة العليا، وبالتالى يظل الإشراف القضائى كاملا وصباح اليوم التالى يتم التصويت فى صناديق جديدة، وأن يكون هناك مرور ميدانى من قبل أعضاء اللجنة العليا على اللجان، ووجود خط ساخن بين كل قاض على مستوى الجمهورية وبين غرفة عمليات تقيمها اللجنة العليا، ينضم لها أعضاء من الجيش والشرطة، وفى النهاية توفير أماكن وآليات للفرز ترقى لأهمية هذه العملية الانتخابية وتعطى للموظف تقديره الآدمى، حتى لا يكون إعياؤه وإرهاقه الشديد سببا فى أخطاء مادية، قد تنتهى بنا إلى نتيجة غير مقصودة وهى تغيير إرادة الناخبين.
أما المستشار رئيس اللجنة الذى أعتقد أنه زار وحج بيت الله من قبل، أدعوه واستحلفه بأن يستعين بشباب القضاة للعمل معه ومساعدته فى المرحلة المقبلة، واستحلفه بأن يراعى فى خطابه الإعلامى دقة الأرقام، وتنظيم جيد للمؤتمرات الصحفية والإجابة على جميع الأسئلة دون إحراج لصاحبها، ويا أخونا مش ممكن مصر اللى شبابها بيشتغلوا فى أوروبا وأمريكا فى أكبر الوظائف وأهمها، تعجز عن تنظيم عملية انتخابية، لكن فى النهاية كلها أخطاء وليست منهجا أو نية سيئة للتزوير وإن كنا ننتقد كل ذلك لأننا نتمنى أن تكون بلادنا دائماً فى المقدمة...
وإذا كنا ننتقد المستشار عبدالمعز إبراهيم، إلا أننا نقر ونثق تماماً فى أنه حر الإرادة، لكن ماتزعلش يا سيادة المستشار احنا بس بنفكر بعض بأخطائنا عشان نصلحها وكمان أكيد سيادتك عارف إن الثمن اللى اندفع عشان نوصل للحرية دى كان غالى جداً.
ولنا سطور أخرى الأسبوع المقبل إن كان فى العمر بقية.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
alaa kaoud
مقال رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
د لمياء صبحي
كلامك مؤدب ويصل للمعني
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
كلام جميل
عدد الردود 0
بواسطة:
z-yahya
ولنا تعليق زي حضرتك كده بس علي ا لمصطبه مع اهالينا برضه
عدد الردود 0
بواسطة:
عماد عبد الملك بولس
الانتخابات إجراءات
عدد الردود 0
بواسطة:
yasser osman
العنوان ينتقص من قيمه المقال
عدد الردود 0
بواسطة:
m salah
من الاخر بقى
عدد الردود 0
بواسطة:
ابراهيم محمد محمد محمود
والله هذا الرجل محق في مقاله
احسنت القول وعسى ان ربنا ينفعنا بكلامه
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد بدر الدين
معك حق.. الا