حمدى الكنيسى

«هو».. أو.. «الفوضى»!

الجمعة، 23 ديسمبر 2011 07:51 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما اندلعت شرارة ثورتنا المجيدة وجه لنا الرئيس السابق إنذاراً وتحذيراً صاخباً فقال لنا: «أنا أو الفوضى»، وقد سخر بعضنا من هذا الإنذار الذى وضح أنه يستهدف التوقف فوراً عن استكمال الثورة مع الخضوع والركوع عند قدميه طابين العفو والمغفرة حتى لا تنقظ علينا «الفوضى» البديل الوحيد له، والتى حذرنا منها، والمثير أننا - ربما لسذاجتنا - لم نستوعب جيداً معنى ومخزى ذلك الإنذار «المباركى»، ولم ندرك أن ضمير «أنا» لا ينحصر فى الرجل وحده ولكنه يعنى «النظام القائم»، أى «أنا (النظام).. أو (الفوضى)» وبالتالى لم ندرك أن فروع وجذور نظامه الحاكم قد امتدت وتغلغلت فى الكثير من الوزارات والمؤسسات والهيئات، ولم ندرك أن المليارات التى يمتلكها هو وأسرته ومساعدوه كفيلة بتحريك قوى الثورة المضادة حتى وهم داخل «سجن طرة»، «وإيه يعنى التضحية بمليار جنيه أو خمسة فى سبيل العودة إلى الحكم وتأديب من ثاروا؟!»، أيضاً لم ندرك أن ثمة أحداثاً وشواهد كانت تنذر بتحرك ماكينة الفوضى المتربصة لكننا اندمجنا فى الفرحة والسعادة بسقوط رأس النظام وبعض أقطابه، خاصة مع ما حظيت به الثورة من إعجاب العالم وتقديره وانبهاره! وقد تمثلت تلك الشواهد والأحداث فى فتح السجون والمعتقلات وانطلاق اللصوص والمجرمين ليعيثوا فى الأرض رعباً وفساداً، بينما اختفت الشرطة من الشوارع وأقسام البوليس التى تعرضت للحرق والتدمير.

وهكذا اهتز الأمن بصورة مزعجة، ثم لم ننتبه إلى أن محاولات إشعال فتيل «الفتنة الطائفية» بحرق بعض الكنائس كان مخططاً آخر لإثارة الفوضى اللعينة، ولم ننتبه أيضاً إلى أن تسلل البلطجية وأطفال الشوارع وصبيتها بين صفوف الثوار فى ميدان التحرير وشارع محمد محمود وشارع مجلس الوزراء وميادين الثورة فى مختلف المحافظات يمكن أن يشعل الصدام مع الشرطة والقوات المسلحة، وهذا ما حدث فعلاً وسقط آلاف الضحايا من شهداء ومصابين برصاص الغدر الإجرامى، بل مهد ذلك الطريق لوقيعة أخطر بين الشعب والجيش، وبدلاً من هتاف «الشعب والجيش إيد واحدة»، تضاربت التصريحات والبيانات والفيديوهات التى يدين بها كل طرف الطرف الآخر.

هكذا أطلت «الفوضى» بوجهها القبيح الخطير، لكننا نغفل الواقع والمنطق لو تصورنا أن النظام السابق امتلك كل أدوات إثارتها، فقد ساعده فى ذلك - بحسن نية أو بسوئها - أكثر من طرف ممن شاركوا وشملتهم الثورة، وهم كالتالى:

أولاً: القوى السياسية: إذ بتنافس محموم على اقتناص أكبر قطعة من كعكة الثورة تراجعت وحدة الصف والموقف والهدف وحلت محلها - للأسف الشديد - الخلافات والانشقاقات مما أربك مسيرة الثورة نحو تحقيق أهدافها الأصلية وخلق مناخاً مواتياً لتسلل عناصر الفوضى.

ثانياً: القوى الخارجية: من البديهى أن نجاح الثورة واتساع آفاق الإصلاح والتنمية والتقدم قد أثار قلق من يريدون مصر ضعيفة «منكفئة» على نفسها كما أزعج من خافوا أن تنتقل إليهم عدوى الثورة، وهكذا عملت قوى أجنبية وعربية على إطلاق الفوضى لإجهاض الثورة!

ثالثاً: المجلس الأعلى للقوات المسلحة: لا ينكر إلا جاحد القيمة التاريخية لقرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالانحياز إلى الشعب وحماية الثورة، ولا ينكر إلا غافل أن المجلس بدأ من اللحظة الأولى خطوات تحقيق أهداف الثورة، لكن بعض المستشارين والفقهاء الدستوريين أشاروا بآراء وفتاوى ضللت قادة المجلس فكانت القرارات التى تم التراجع عنها بعد رفض الثوار لها، وكان البطء فى الإجراءات والتحقيقات التى لم تعلن نتائجها مما أثار الهواجس والشكوك، وخصم من الرصيد الرائع للمجلس لدى الشعب.

رابعاً: شباب الثورة: لا ينكر إلا جاحد فضل شبابنا فى إطلاق الثورة وما قدموه من تضحيات غالية لنجاحها، لكنهم وقد افتقدوا «قيادة موحدة» انزلقوا إلى الخلافات والاختلافات فى الرؤى والمواقف حتى تكاثرت الائتلافات وتناسلت المليونيات التى فقدت وحدة الشعار والهدف فنجح المغرضون فى الوقيعة بينهم وبين الشارع، خاصة من الذين أضيرت مصالحهم بسبب المظاهرات والاعتصامات والذين أزعجهم ما يرتكبه البلطجية وصبية الشوارع المتسللون بينهم من جرائم بلغت حد إحراق المبانى بما فيها المجمع العلمى التاريخى، إلى جانب أعمال القتل وترويع المواطنين وإشعال المعارك مع الشرطة والجيش، وهكذا أخذت الثقة فيهم تتآكل وظهرت تجمعات تعمل ضدهم، وتغذى الوقيعة بينهم وبين الشعب، وكذا بينهم وبين الأمن والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، حتى إن منهم من ينشر عبارة «فين أيامك يا مبارك؟!»

خامساً: الإعلام: ويكفى ما ينشر ويقال كل يوم عن أخطاء أو خطايا لبعض الصحف والفضائيات التى انزلقت نحو الإثارة التى انطوت على التحريض فى مختلف الاتجاهات وذلك بحسن نية أو بسوئها!

والآن: هل نستسلم فعلاً لمخططات الفوضى التى كشفت عن أنيابها السامة أم نعمل جميعاً على إجهاض هذه الفوضى قبل أن تجهض هى ثورتنا النبيلة وتذبح آمالنا وأحلامنا؟ ثم هل تكون الخطوة الأولى هى الكشف فوراً عن المخططين والمدبرين والضالعين فيها أم نكتفى بالحديث عن «اللهو الخفى» أو الطرف الثالث بسلامته؟!








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة