حمدى الكنيسى

لماذا «منصور حسن»؟!

الجمعة، 30 ديسمبر 2011 03:57 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التقيت - فى لندن، حيث كنت مستشارًا إعلاميّا - مع «منصور حسن» الذى كان قد شغل - بجدارة - موقع «وزير الإعلام» ثم موقع «وزير رئاسة الجمهورية»، والذى كان الرئيس أنور السادات قد أعفاه من منصبه بما يشبه العقاب له لأنه كان الوحيد الذى اعترض على قرارات سبتمبر الشهيرة باعتقال العشرات من رموز مصر، ولأننى كنت أعلم مدى مفاجأة ذلك القرار العقابى لأنه كانت هناك تكهنات وتوقعات بأنه سوف يتم تعيينه نائبًا للرئيس «بدلاً من النائب حسنى مبارك»، فقد وجدتنى أسأله فى ذلك اللقاء قائلاً له: «ألم تندم لأنك أعلنت رأيك المعارض فى تلك الاعتقالات بينما المحيطون بالسادات من صحفيين ومسؤولين «بينهم نائبه مبارك» رحبوا كلهم بقرار الرئيس؟!»، وهنا رد على منصور حسن بقوله: «إطلاقًا، لم أندم على ذلك، ولو تكرر الموقف لأبديت نفس الرأى، ثم ما رأيك فى أننى لو وافقت ورحبت مثل الآخرين، وبالتالى ظللت فى موقعى؟ كان من الطبيعى أن مكان جلوسى فى يوم «المنصة» خلف الرئيس مباشرة، ولك أن تتصور ما كان سيحدث لى!!».

هكذا كان رده الذى انطوى على مزيد من اقتناعه بقيمة الرأى الموضوعى الذى لا يتلون بالرغبة فى إرضاء أكبر مسؤول، والمعروف للقاصى والدانى أنه لم يهتز لما تعرض له خاصة أن النظام السابق حاصره تمامًا طوال الثلاثين سنة بسبب الحساسية التى كانت قد نشأت بينه وبين مبارك الذى لم يغفر له أنه كان سيحل محله لو سارت الأمور كما كانت تؤكد الإرهاصات ذلك، لولا أنه اعترض على قرارات سبتمبر فكان استبعاده «ولو بشكل مؤقت»، ثم كان حادث المنصه الذى قلب الموازين، ولم يحفظ لمبارك موقع النائب فقط، بل وضعه فى منصب الرئيس!!

لذلك لم يفاجئنى اختيار منصور حسن - بعد الثورة - «رئيسًا للمجلس الاستشارى»، ولم يفاجئنى موقفه المتعقل عندما لم يستسلم لمشاعر الرفض القاطع لما يحدث للمعتصمين فى قصر العينى وأمام مجلس الوزراء وسقوط القتلى والمصابين بالمئات، وبالرغم من أنه كان على رأس الرافضين والمنتقدين لممارسات وتجاوزات الشرطة العسكرية، فقد آثر عدم الاستقالة كالآخرين موضحًا أن بقاء المجلس الاستشارى صار أكثر أهمية لأنه يمثل الحلقة الوحيدة التى يمكن من خلالها الحوار مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والاقتراح بضرورة الاعتذار للثوار، وإيقاف الاشتباكات فورًا، وقد استجاب المجلس الأعلى فعلاً، وأطل الأمل فى إمكانية الحل العادل للأزمة الطاحنة، ولم يكتف «الاستشارى» بهذا الدور الإيجابى، بل تحرك على طريق علاج حالة الانقسامات التى أصابت المجتمع، وكادت تجهض ثورتنا النبيلة، فكانت الدعوة لجميع القوى السياسية لاجتماع عاجل من أجل التوافق فيما بينها على كل الترتيبات الخاصة بالفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية، وناشد منصور حسن جميع هذه القوى باستعادة روح الثورة العظيمة التى أوجدت حالة عظيمة من الوحدة الوطنية سادت فيها علاقات التسامح وقبول الآخر، والتوحد لتحقيق مصلحة الوطن، ثم كان اقتراح المجلس الاستشارى الذى تبنى فكرة إجراء انتخابات الشورى فى يناير للتعجيل بانتخابات الرئاسة وبالتالى تقليل مدة الفترة الانتقالية، واستعادة الثورة لتوازنها وزخمها وبهائها، وتحقيق أهدافها التى نرى الآن مقدمة أحدها وهو قيام الديمقراطية «بالانتخابات البرلمانية».

وهكذا - ومع مزيد من التحرك المنطقى العقلانى الوطنى للمجلس الاستشارى - تأتى الإجابة عن السؤال: «لماذا منصور حسن رئيسًا للمجلس الاستشارى؟» وقد يظهر سؤال آخر: «لماذا منصور حسن مرشحًا لرئاسة الجمهورية مع بقية المرشحين المحتملين؟».








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة