قطب العربى

2011 أفضل الأعوام رغم كل السوءات

السبت، 31 ديسمبر 2011 10:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ليس من المبالغة أبدا القول إن عام 2011 كان أهم عام مر على مصر ربما منذ مئات السنين، ومع كل التقدير والتبجيل لأعوام ماضية خلال تلك الحقب شهدت أحداثا كبرى مثل ثورة عرابى أو ثورة 1919 أو1952 أو جلاء الإنجليز أو تأميم قناة السويس وبناء السد العالى، إلا أن نجاح ثورة 25 يناير 2011 كان هو الحدث الأهم والأكثر تأثيرا فى تاريخ مصر، حيث امتلك المصريون لأول مرة فى تاريخهم الحديث والمعاصر قرارهم وحريتهم واستردوا كرامتهم وهيبتهم.

شهد العام 2011 العديد من المحطات المضيئة التى أعقبت نجاح الثورة، ومن الضرورى أن نتذكر الآن هذه المحطات المضيئة لأن البعض لا يريد لهذه المحطات أن تظهر، ويحرص على نشر فكر التيئيس والإحباط بدلا من ذلك بدعاوى أن الثورة فشلت أو فى أفضل الحالات لم تحقق شيئا يذكر حتى الآن.

دعونى أتذكر معكم بعضا من إنجازات الثورة قبل أن تكمل عامها الأول، فبعد الإطاحة بأكبر ديكتاتور عربى، وبعد القضاء المبرم على مشروع التوريث الذى أرق المصريين كثيرا، وكاد يحول مصر إلى عزبة خاصة لآل مبارك، وبعد وضع مبارك أبناءه وأركان حكمه فى السجون، فتحت أمام المصريين أبواب الحرية، وتحطمت القيود والسدود التى كبلتهم لعقود طويلة، ففى 19 مارس خرج المصريون فى طوابير تمتد لعدة كيلومترات أمام مقرات الاستفتاء للتعبير عن رأيهم بكل حرية ونزاهة لأول مرة فى تاريخهم فى التعديلات الدستورية التى طرحت عليهم فى ذلك الوقت ووضعت نهاية لعقود من القهر، والتى تم تضمينها لاحقا فى الإعلان الدستورى الذى حل محل دستور 1971، وعقب صدور الإعلان الدستورى كانت باكورة قوانين الحرية الجديدة هو قانون الأحزاب الجديد والذى صدر يوم 28 مارس ليزيل القيود السياسية والأمنية تماما عن تكوين الأحزاب، وليصبح تأسيس حزب جديد فى مقدور أى شخص يتمكن من جمع العدد المطلوب من التوكيلات، بعد أن كان هذا الأمر ممنوعا على المصريين إلا من يرضى عنهم جهاز أمن الدولة، وتلا ذلك إدخال تعديلات على قانون الشركات بما يمنع القيود على حرية إصدار الصحف وإطلاق القنوات الفضائية.

هل ننسى ذلك الحدث الكبير يوم 16 إبريل وهو قرار المحكمة الإدارية العليا بحل الحزب الوطنى الذى ظل جاسما على أنفاس المصريين لمدة ربع قرن، وقد كان امتدادا لحزب مصر، ومن قبله الاتحاد الاشتراكى والاتحاد القومى أى منذ الخمسينيات، كان إحراق المقر الرئيسى للحزب فى التحرير وبعض المقار فى المحافظات إيذانا بزوال هذا الحزب من الوجود، ورغم تلكؤ المجلس العسكرى فى حل الحزب إلا أن القضاء قام بالمهمة وأراح المصريين من هذا الحزب الفاسد الذى تسبب فى كل الكوارث التى عانت منها مصر خلال ربع القرن الأخير.

عقب حل الحزب الوطنى بأسبوعين تقريبا شهدت القاهرة والمحافظات حدثا جللا جديدا، ففى يوم السبت 3 مايو قام الثوار الغاضبون باقتحام مقار أمن الدولة التى ظلت تمثل كابوسا لكل المصريين سواء كانوا من السياسيين أو من غيرهم، لقد كان يوما حافلا ومفعما بكل مظاهر الفرحة خصوصا لمن اكتووا بنار ذلك الجهاز اللعين، الذى كان يمثل دولة داخل الدولة، وكان يدس أنفه فى كل تفاصيل الحياة بدءا من تعيين موظف صغير وحتى تعيين وزير، كما أن جبروته تخطى حدود الوطن ليلاحق المصريين فى الخارج، لقد شهدت مع الكثيرين هذه اللحظات الحالمة أمام مقر أمن الدولة فى السادس من أكتوبر وفى مدينة نصر، كانت لحظات ومناظر لا تمحى من الذاكرة عند خروج الزبانية سواء من صغار أو كبار الضباط والمخبرين والأمناء منكسى الرؤوس تلاحقهم أحذية الثوار، ولولا حماية عناصر القوات المسلحة لهلكوا تحت أحذية المتظاهرين الغاضبين الذين قدموا من كل صوب للانتقام ممن سامهم سوء العذاب داخل هذه المقرات، لقد دوت الهتافات فى عنان السماء ''كل الشعب قالها خلاص.. أمن الدولة لازم ينداس''، و''أول مطلب للثوار.. أمن الدولة لازم ينهار''، و''على وعلى وعلى الصوت.. أمن الدولة لازم يموت''، وقد مات جهاز أمن الدولة عبر قرار رسمى بحل الجهاز لاحقا، وتم تشكيل جهاز جديد للأمن الوطنى نتمنى أن يستوعب الدرس ولا يكرر أخطاء أمن الدولة.

نأتى إلى عش الدبابير، وهى المجالس المحلية التى تم تجميد عملها منذ منتصف مايو، هذه المجالس التى ضمت أكثر من 50 ألف عضو بين مجلس محلى قرية أو حى أو مدينة أو محافظة كانت هى موطن الفساد والإفساد، وكانت أداة النظام لتسويق سياساته فى الأوساط الشعبية، وكانت هناك مخاوف من الاقتراب منهم حتى لا ينشروا شرورهم فى كل مكان، وقد تم تشكيل مجالس مؤقتة حتى يتم تحديد مواعيد لانتخابات جديدة للمحليات.

لا يمكن أن ننسى فى هذا الاستعراض المنظر الأهم خلال العام وهو مثول مبارك ونجليه ووزير داخليته وكبار معاونيه أمام المحكمة داخل قفص الاتهام يوم 3 أغسطس، كان مشهدا تاريخيا ظن الكثيرون فى الداخل والخارج أنه لن يحدث، وتكهن الكثيرون بالعديد من الاحتمالات لتجنب هذا المشهد، لكنه حدث، وجاء مبارك محمولا على سرير متحرك ليرد على نداء المحكمة "أفندم" ولتتوالى الجلسات بعد ذلك له ولكبار أركان حكمه.

أخيرا لا يمكننا أن نتجاهل العرس الديمقراطى بإجراء أول انتخابات برلمانية نزيهة فى تاريخ مصر الحديث والمعاصر والتى انتهت جولتيها الأولى والثانية وتنطلق جولتها الثالثة والأخيرة يومى الثلاثاء والأربعاء المقبلين.

هذه بعض المحطات المضيئة والإنجازات الأولية لثورة 25 يناير قبل أن يكتمل عامها الأول، وهذا لا ينسينا المشاكل الأمنية التى يعانيها المصريون حاليا وعانيت منها بشكل شخصى حين تعرضت لسرقة سيارتى وبعض محتويات بيتى، ولا تعطل عجلة الإنتاج، ولا العديد من المطالب الأخرى التى لم تتحقق بعد وأهمها الانتهاء من محاكمة قتلة الثوار، وإنصاف ذوى الشهداء، والأهم من كل ذلك نقل السلطة فعلا لحكم مدنى وعودة العسكر إلى ثكناتهم.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة