شكرا للإنترنت، شكراً للفيسبوك والتويتر، شكراً للتقنية الحديثة التى لم تسلم من بطش السلطة المصرية ونالت نصيبها من الإقصاء، مثلما فعلت السلطة مع كل المعارضين لسياستها على مدار ثلاثين عاماً.
لقد خلق الإنترنت حزبا جديدا فى مصر "حزب الشباب" إن جاز لنا أن نطلق عليه هذا الاسم، بعد أن تم وأد كل الأحزاب التقليدية ولم يبق منها سوى مكتب وصحيفة تعبر عن وجهة نظر رئيس الحزب فقط، أما حزب شباب الإنترنت فقد تمرد على كل القيود وتحرر من كل الحواجز وتخلص من الخوف الذى زرعته الحكومة والنظام فى نفوس وعقول البشر على مدار سنوات. إن حزب شباب الإنترنت والفيسبوك لا يجامل الحكومة والسلطة ولا يطلق شعارات جوفاء ولا يعرف سوى الأفعال والتغير الحقيقى بعد أن أصبح يقود مصر نحو المستقبل بفضل ثورته المجيدة ويتسابق الجميع الآن للحاق به والركوب فى قافلته وقطف ثمار ثورته.
إن ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة تتفوق على كل الثورات التى مرت عبر تاريخ مصر وخاصة أنها ذات طبيعة مغايرة لكل الأحداث التاريخية فى مصر، وربما تعد أنجع من ثورة 1919 على اعتبار أن الأخيرة كانت ضد الاستعمار الخارجى أما ثورة 25 يناير فإنها ضد الفساد والطغيان الداخلى، ولاشك أن الثورات الداخلية تكون أصعب وأشد مرارة وجسارة.
كما تميزت ثورة الشباب بمظهرها الحضارى الذى أذهل العالم ولكن البعض استكثر على مصر أن تظهر بهذا المظهر الراقى، فقرر ضرب المتظاهرين بالخيول والجمال ليعيد مصر إلى العصور الوسطى.
لقد كشف شباب مصر أن أسطورة الحزب الوطنى أسطورة ورقية اشتعلت فيها النار بيسر وسهولة دون أن يدافع عنها أحد وكأن المنتمين إليها ليسوا مؤمنين بها وكانوا يسيرون فى جلبابها من أجل الانتفاع بخيراتها ونهب ثروات الوطن فقط، بعد أن سقطوا جميعاً فى براثن الخوف والرعب.
إن ثورة شباب مصر أكدت أن صوت الشعب كان لا يصل إلى السلطة فى السنوات الماضية، لأن الأحداث الأخيرة أثبتت أن السلطة فاقدة الإحساس ولا تشعر بما يدور حولها إلا بعد مزيداً من الإعادة والتكرار مثل الطالب الغبى فى الفصل الدراسى، فقد ظلت السلطة بدءا من الرئيس مبارك ورئاسة والوزراء والحزب يتفرجون على ثورة الشباب ولا يحركون ساكناً لمدة أربع أيام متتالية، وكأنهم يشاهدون فيلما للمخرج خالد يوسف أستاذ أفلام العشوائيات.
لقد أثبت شاب مصر أنهم أكثر ذكاء من شلة الأغبياء التى تقيم فى القرية الذكية وأنهم أكثر قدرة على قراءة الأشياء من النظام الذى لازال يرتدى جلباب أبيه ويعيش فى عصور الظلام والفساد والانحطاط، وظن أن كل شىء يمكن أن يتم معالجته بالأمن، وأن قطع الإنترنت والهواتف وكل التقنية الحديثة عن مصر ستقضى على إرادة الشعب وتحميهم من ثورة الغضب دون إدراك إنهم يعيدون مصر لعصور الظلام والفوضى.
إن مشكلة السلطة على مدار التاريخ وحتى اليوم فى المنافقين الذين ما زالوا يمارسون نفاقهم على الشعب والسلطة، أما مشكلة ثورة الشباب المجيدة فتكمن فى المتربصين بها والمحاولين الصعود على أكتافها، نتمنى أن تنجو ثورة شباب مصر من محاولة السرقة والسطو عليها سواء من السلطة أو المنافقين أو الاحزاب التى لا تملك سوى مكتب وصحيفة حتى تؤتى الثورة ثمارها ولا يذهب دماء شهدائها هباء.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة