هو دائما مثير للجدل وفاتح شهية علامات الاستفهام، فقد فاجأنى نجم الجيل تامر حسنى بقراره الإنسانى بتسفير ثلاثين أم من أسر شهداء ثورة 25 يناير على نفقته الخاصة - لأداء العمرة فى الأراضى المقدسة بمناسبة عيد الأم، هذا القرار جعلنى أرى تامر الإنسان المصرى والمواطن البسيط الذى آمن بثورة الشباب الشرفاء التى جاءت فى موعدها لكى تعيد تصحيح الأوضاع، وتسعى إلى غد أفضل، ولكن المدهش أن هناك تربص بتامر حسنى دائما.. ربما لأنه فى حالة تنافس دائم مع رفاقه الفنانين، وربما أيضا مع انتشار الشللية الفنية، فقد تصاعدت حدة الصراع فى الوسط الفنى، بحيث أصبح الفن يخضع لجداول يضعها البعض، بدون سند من الجمهور الذى هو العنصر الأساسى فى نجومية الفنان، ولكن الذى حدث أن تامر ذهب إلى ميدان التحرير وسط أهله وأخوته المصريين، انطلاقا من هدف قومى وحماى شباب شديد التغيير، ومعنى أنه قوبل بالرفض، طبعا كان وراء ذلك أسباب أساسية،
فهناك لاشك بعض الفئات من المجتمع لا تتفاعل مع أغانيه الشبابية، وهذا حقهم شأن أى فنان.. ومن حقه هو أيضا أن يشارك فى مجتمعات التغيير والإصلاح.. هو يريد أن يكون فى الحدث، لأن عطائه فى الحالات الإنسانية ليس جديدا عليه.. فقد عرف عنه تقديم أعمال الخير على مستوى مصر والعالم العربى تامر كفنان مصرى يريد أن يشارك فى أحداث مجتمعه، وكان من الممكن ألا يذهب فى المظاهرات، ولا يشارك بالسلب أو بالإيجاب، وألا يحدث ما حدث، لكن شيئا واحدا تبقى فى نفسه ولم يستطع أن يتخلص منه سوى بتجاوز الأزمة والبحث عن الخلاص، هذا الشىء هو أنه استنكر ما حدث بينه وبين نفسه، فقد صعبت على ذاته ما حدث لأنه ببساطة هو مواطن مصرى، ومن حقه أن يشارك فى أى تجمع اجتماعى أو سياسى ولهذا فكان قراره سريعا، وبدون إبطاء أن يكون رد، الفعل عمليا..
فقد أكد أنه لا وقت للشعارات.. وإنما العمل هو الهدف الأسمى فحينما بكى تامر حسنى فى أعقاب خروجه من مظاهرات ميدان التحرير، كان بكاؤه عفويا نابعا من بساطة قلب وطفولة إنسان من لحم ودم لم يكن فى هذا الوقت يتعامل بصفته نجم الشباب أو المطرب زائع الصيت وإنما كان مجرد مواطن يعمل فى هدوء وبدون ضجيج، وبدأ بالفعل فى أكثر من مشروع إنسانى.. فقد أعد لأكبر حملة تبرع بالدم موجهة لكل ضحايا أى ثورة على مستوى العالم العربى من خلال رابطة عشاق تامر حسنى والمعروف أن هذه الرابطة هى من أكبر الرابطات الفنية على مستوى العالم.. وقد بدأ بالفعل تنفيذ الخطوة الأولى حين ذهب ألف شاب من رابطة تامر حسنى وتبرعوا بألف كيس دم لضحايا ثورة 25 يناير، جاءت هذه الفكرة انطلاقا من حس نجم الجيل تجاه وطنه الذى يشغل باله فى المقام الأول والأخير، هذا بالإضافة إلى الدعوة لسفر ثلاثة من مصابى الثورة على حسابه الشخصى على نفقته الخاصة للعلاج خارج البلاد.. ورغم أن تامر يرفض تماما الإعلان عن كل هذه المشاريع الإنسانية،
فالهدف عنده الفعل وليس الكلام.. إلا أنه يرى أن الوقت الذى يمر به الوطن لم يعد محل خلاف وفتح نقاش لا يصل إلى شىء أو قد يصل إلى طريق مسدود.. تامر حسنى لم يبحث عن بطولة زائفة حين ذهب إلى ميدان التحرير بل هو أراد أن يقدم شيئا يستطيع أن يقدمه.. فى وقت لابد أن نكثف دعمنا للوطن.. ونستعيد داخل نفوسنا وأجسادنا كل ما لدينا من إخلاص ودماء نقية قومية وضمير.. تامر يرفض الإعلانات وتقسيم الناس إلى جداول فقط هو يريد الفعل وبكل سرعة وبكل إخلاص حتى نستطيع أن نصل إلى أعلى حالات التقدم ونتعالى عل كل ما هو من شأنه تراجع الأمة وتدنى أحوالها..
لابد من تكاتف قوى الشعب، ولهذا كانت دعوة تامر حسنى لتفعيل دوره الإنسانى الاجتماعى، وقد قرر من هذا المنطلق أن يكون فنه من أجل أعمال الخير، فالوقت وقت عمل ولم يعد هناك فرصة لتصفية الحسابات والانقسامات وتبويب الناس على أساس من الانفعالات فليس من المقبول أن نقول إن هذا ضدنا وهذا معنا.. القضية أننا جميعا مصريون ونرفض نظام الوصايا ونرفض نظام الفاشية أو محاكم التفتيش.. فقط أمامنا طريق واحد هو العمل وإصلاح ما فاتنا من كساد وخسائر.. أننى أتذكر الشاعر الفرنسى بودلير وهو يقول: "البداية دائما صعبة.. لأننا أمام أكثر من طريق ولا نعرف كيف نسير ولكن من المحكمة أن ننطلق من وحى ضميرنا".
محمد فودة
محمد فودة يكتب.. تامر حسنى.. ووحى الضمير بعيدا عن المزايدة..!!
الجمعة، 18 مارس 2011 04:44 م
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة