◄◄ الوريث استطاع إخفاء ثروته بطرق ملتوية لدهائه فى عمليات الاقتصاد الأسود
> >
ربما يأتى ملف محاكمة الرئيس المخلوع حسنى مبارك من أصعب الملفات الحرجة التى تثير الفتن فى البلاد.. وإذا كانت الثورات كلها تنهى الرئيس الديكتاتور بثلاثة مشاهد فقط.. إما الهروب خارج البلاد، أو السجن، أو الموت تحت أقدام الثوار.. إلا أن المخابرات الامريكية قد أخذت على كاهلها إنقاذ رقبة مبارك وحماية أسرته وعدم محاكمتهم مهما كانت صيحات ومظاهرات ميدان التحرير ولذا ذهب مبارك وعائلته إلى شرم الشيخ.. ويبدو أن توالى الأخبار ورفاهية الحياة فى تلك المدينة العالمية باتت تسبب آلاما نفسية لصناع هذه الثورة النبيلة.. ويبدو أيضا أن التسريبات والشائعات التى يطلقها البعض والتى تروج أن مبارك مازال يدير البلاد وولده مازال يتجول ويتحرك ويعطى أوامره.. كلها أسرعت بأن تكون «جمعة التطهير» فى ميدان التحرير هى الفاصلة والحاسمة فى محاسبة ومحاكمة مبارك حتى يهدأ الرأى العام وتظهر بوصلة اتجاهات مصر داخليا وخارجيا.
ويبدو أن البعض أدار ملف الشكوك حينما بدأت تسريبات تؤكد أن الأيام الأولى عقب «جمعة الغضب» فى 28 يناير كان يديرها الوريث جمال مبارك والذى قال لوالده لا تعطى للشعب كل ما يريده وعليك أن تعطيهم بالتنقيط أو سياسة القطعة.. وبالفعل كان مبارك الأب يخرج علينا مرة بإقالة الوزارة، وأخرى بتعيين نائب رئيس وزراء، وثالثة بأن ولده لن يرث الحكم.. ولكنها طلبات كلها لم تعجب الشعب ولم تهدئ من روعه.. ويبدو أن هناك إحساسا من الثورة أيضا بأن هناك حالة من البطء والتنقيط فى المحاكمات.. فكل أسبوع يهل علينا وجه جديد تتم إحالته إلى المحاكمات، ربما شهد الأسبوع الحالى تصاعدا فى الوجوه السياسية الكبرى أمثال زكريا عزمى، وصفوت الشريف، وفتحى سرور، والوريث جمال مبارك.. لكن جمعة التطهير أكدت مطالبها بأن مبارك الأب هو الهدف الرئيسى فى المحاكمة، لأنه المسؤول الأول عن كل الخطايا.. وجاءت خطبة الجمعة للشيخ صفوت حجازى فى ميدان التحرير واضحة وتؤكد ضرورة محاكمة مبارك فورا ودون تباطؤ.. وهدد حجازى بأن الجمعة القادم سيكون فى مدينة شرم الشيخ وحول القصر الذى يعيش فيه والقبض عليه.. وربما جاءت المحاكمة الشعبية لمبارك والتى ترأسها المستشار محمود الخضيرى ومعه المحامى الكبير عصام الإسلامبولى لتؤكد أنه لا تراجع عن محاكمة الرئيس السابق.. بل وذهبت المحكمة الشعبية لتعدد وتحصر الاتهامات الموجهة إليه بدءا من إفساد الحياة السياسية فى البلاد، حتى قتل المتظاهرين، علاوة على استخدام الجهاز الأمنى لقمع الشعب خلال 30 عاما وهى مدة حكمه للبلاد، ويبدو أن قوات الجيش استشعرت ضرورة أن تلبى طلبات الثورة ولذا فقد كثفت تواجدها فى مطار شرم الشيخ ومراقبة الطائرات الخاصة لأسرة الرئيس المخلوع، تحسبا لأى محاولة للهروب خارج البلاد، وأكدت مصادر أن هناك انتشارا كبيرا للجيش والشرطة العسكرية فى محيط الڤيلا التى يسكن فيها الرئيس، وخرجت تصريحات المستشار محمد الجندى وزير العدل أنه سيتم التحقيق مع مبارك وعائلته عبر لجان قضائية خاصة، مؤكدا محاكمة جمال أولا وإصدار تعليماته إلى لجنة قضائية للسفر خارج البلاد لتتبع أموال عائلة مبارك خارج مصر، وإن كان بعض رجال الدبلوماسية المصرية قد أعربوا عن عدم جدوى سفر لجنة قضائية طالما هناك سفراء لمصر فى كل الدول المشتبه أن يكون للرئيس وعائلته أرصدة بها، ويرى هؤلاء أنه كان يكفى أن يتولى السفراء هذا الملف لأنهم أكثر فاعلية وسرعة أداء من اللجنة القضائية التى ستلاحق أرصدة مبارك وأسرته.
ولكن ما هى الاتهامات التى ينتظرها مبارك والتى يعاقب عليها.. فحتى الآن لم تظهر لنا أرقام محددة عن ثروته التى قالت عنها الجارديان البريطانية إنها 70 مليار دولار، ولم تتحدد الثروة داخل البلاد بشكل قاطع لكى تتم محاكمته بالتربح من منصبه، ويبدو أن ملف أو اتهامات الثروة لم تتحدد حتى الآن نظرا لأن الوريث استطاع أن يخفى أغلبيتها بطرق ملتوية لفنونه ودهائه فى عمليات الاقتصاد الأسود بدءا من مشاريعه فى شراء ديون مصر وبيعها بأسعار فلكية.. نهاية بعمليات استيراد القمح التى كان يتابعها بأسماء وهمية أخرى، غير العمليات القذرة فى سوق العقارات، ولكن هناك ملفات أكثر وضوحا واتهاماتها باتت مرئية لكل شهود العيان.
فمثلا اعترافات وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى بعدم مسؤوليته عن ضرب الرصاص الحى على المتظاهرين وإلصاق التهمة بالرئيس مبارك كافية بأن تحاسب وتحاكم مبارك على دماء الشهداء الذين راحوا فى ثورة 25 يناير دون محاسبات ومحاكمات واضحة حتى الآن.. غير الفساد السياسى فى البلاد الذى وصفه الكاتب الكبير جمال الغيطانى بأن نظام الرئيس مبارك أسوأ نظام على مصر وأسوأ من الاحتلال الأجنبى، فالنظام السابق جرف البلاد ونهب طاقاتها.. ولكن أغلب الظن أن المحاكمة الشعبية وتداعياتها ووجود قامة كبيرة مثل الشيخ حافظ سلامة بجوار الخضيرى والإسلامبولى أشعلت حماس ميدان التحرير، ويبدو أن الخبير الاقتصادى د.عبدالخالق فاروق وتأكيداته على أن مبارك سرق أموال قناة السويس، وثقته أن الفريق أحمد فاضل رئيس الهيئة كان يهرب 500 مليون جنيه لصالح أرصدة وحسابات مبارك خارج البلاد، غير تأكيدات استيلاء مبارك على الغاز والبترول وتفاصيل كثيرة واتهامات متعددة أطلقتها المحاكمة فى صدر مبارك سواء شفهية أو بالمستندات.. ولكن على ما يبدو أن تلك المحاكمة الشعبية وخطاب الشيخ صفوت حجازى اللاذع وانتشار جماعة الإخوان المسلمين فى الميدان كله أرعش وأرعب كل فلول النظام السابق.. أو الفلول المناهضة للإخوان المسلمين فراحوا يلعبون بالورقة الأخيرة فى إثارة الفتنة والفوضى فى البلاد.. ربما لكى يجهضوا شعبية الإخوان، أو ربما ينقذون محاكمة جمال مبارك حيث أكدت مصادر مطلعة أنه ينتظره السجن لمدة 15 عاما فى قضايا متعددة أشهرها التربح وزيادة أرصدته بشكل غير طبيعى، رغم أنه لم يعمل بشكل واضح فى التجارة أو الصناعة، ولكن كان يدير مكتبا خاصا فى ميدان روكسى خلف حديقة ميريلاند وبالتحديد فى شارع نهرو فى عمارة يمكلها أحد رجال الأعمال يدعى أحمد رشوان.. البعض أكد أنه لم يدخل هذا المكتب منذ أكثر من ثمانية أعوام عقب انشغاله بالسياسة ولجنة السياسات وجمعية المستقبل، وعلى ما يبدو أن الأيام التى ستعقب جمعة التطهير ستكون أكثر ضراوة ومواجهة بين كل الأطراف، ويرى المراقبون أن هناك ضحايا سوف يتساقطون، ومواجهات حتمية بين التيارات المناهضة للثورة والجيش.. وربما نجد الكثيرين من فلول النظام السابق سوف ينضمون متخفين فى الثورة لكى يواجهوا الجيش ويشعلوا الفتنة لإنقاذ مبارك الابن ومبارك الأب.. وهذا أقرب السيناريوهات لحماية مبارك من المحاكمة.. لكن المحاكمة الشعبية واللجنة القضائية لوزارة العدل ومجموعة البحث عن الأموال المنهوبة للأسرة الحاكمة التى يقودها د.حسام عيسى.. لن تسكت ولن تهدأ.. وربما يشهد الجمعة القادم مشهدا مختلفا عن الأيام السابقة التى أراها ستكون أيام الحسم ووضوح الرؤية لمستقبل مصر بشكل عام وتحديد موعد المحاكمات وسرعة انقضاء الدعاوى القضائية وقتل الآمال والخيالات التى يروجها البعض فى عودة النظام القديم مرة أخرى إلى كراسى الحكم.
ويبقى سؤال بات أكثر تعقيدا: من وراء محاولا تفكيك شعار «الجيش والشعب إيد واحدة»؟ وما سر الهجمة الشرسة ضد القوات المسلحة رغم المجهودات التى تبذلها لاستقرار البلاد؟ وما هى خطايا الحكم العسكرى فى إنهاء الأحكام القضائية؟ أليست هذه مسؤولية المحاكم والنيابات؟
ولكن يبقى شىء مهم أن محاكمة مبارك سوف تعيد السوق الاقتصادية المصرية لحالتها الإيجابية، لأن الجميع فى انتظار هذا الخبر حتى يطمئن رجال الأعمال والمستثمرون للمستقبل السياسى فى مصر.
ولعلنا نختم كلامنا بما قالته الخبيرة الاقتصادية رانيا نصار بأن أى خبر سلبى سيكون تأثيره قويا على البورصة المصرية، بمعنى أنه سيؤدى إلى تراجع كبير للسوق، نظرا للاضطرابات الموجودة حاليا على الحدود المصرية الفلسطينية مع القوات الإسرائيلية.. ولذا فمحاكمة مبارك حل سحرى لاستقرار الاقتصاد، وزيادة الاستثمارات فى البورصة المصرية.
إنقاذ رقبة مبارك.. المخابرات الأمريكية تعهدت بحمايته من المحاكمة
الجمعة، 15 أبريل 2011 12:08 ص
المحاكمة الشعبية لمبارك فى ميدان التحرير
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة