بدأت الصهيونية الإسرائيلية تمارس دورها فى محاصرة مصر بعد سقوط النظام المصرى الحليف والصديق لها بقيادة الرئيس المصر المخلوع "محمد حسنى مبارك"، فمنذ قيام الثورة المصرية بدأ الشك والخوف يتسلل إلى قلوب المسئولين الإسرائيلين بعدما أدركوا أن مصر لم تعد كما كانت، وأن ثورة 25 يناير وضعتها على الطريق الصحيح، وبدأت تعيد إليها قوتها وإرادتها ومكانتها وهذا ما تخشاه ولاتتمناه إسرائيل.
لذا بدأت إسرائيل ممارسة الضغط على مصر من عدة اتجاهات سواء بتحريك قواتها العسكرية إلى الجنوب فى خطوة تحمل الكثير من الدلالات، وخاصة أنها المرة الأولى منذ توقيع إتفاقية السلام التى تعيد فيها إسرائيل تمركز قوتها العسكرية تجاه حدودها الجنوبية.
فى الوقت نفسه عملت إسرائيل على تفعيل نشاطها فى القارة الأفريقية بشكل علنى ومكثف، فقد أعلنت عن عدة زيارات لمسؤولين إسرئيلين إلى دول حوض النيل سيبدأها الرئيس الإسرائيلى "شمعون بيريز" إلى أثيوبيا وغانا الشهر المقبل فى زيارة وصفتها صحيفة "معاريف" بأنها تاريخية، وتعد الأولى من نوعها لرئيس إسرائيلى إلى هاتين الدولتين.
لاشك أن هذا التحرك فى ظاهره تخفيف حدة القلق من التواجد الإيرانى الملحوظ فى القارة الأفريقية وتعزيز الاستثمارات، وفق ما يدعيه الإعلام الإسرائيلى، ولكن فى باطنه العذاب لمصر من خلال محاصرتها والضغط عليها، بل إن إسرائيل تحاول أن تضرب عصفورين هما مصر وإيران بحجر واحد، وخاصة أنها تخشى من حدوث تقارب مصرى إيرانى فى المستقبل القريب.
هذا الحجر الذى تضرب به إسرائيل هو الذى شجع أثيوبيا وغيرها للتطاول على مصر بعد أن مهد لها النظام السابق الطريق بضعفه وتخاذله، حتى ظنت الكثير من الدول أن مصر أصبحت بلا كيان ولاتقدر على فعل أى شىء ،وأنها غدت مسلوبة الفعل والإرادة.
لقد كثف الإسرائيليون جهودهم تجاه مصر على أكثر من جبهة بعد أن دب الخوف فى قلوبهم لفقدان أهم حلفائهم فى المنطقة وحاميهم "مبارك"، وأيقنوا تماماً أن عصره انتهى إلى الأبد وأن ثورة 25 يناير المجيدة لن تدع الصهاينة يختارون خليفة لمبارك على هواهم وأن الشعب سيكون سيد قراره بعدما أغلقت الثورة كتاب الفساد والاستبداد وفتح صفحة جديدة لبناء مصر القوية المهابة المكان والمكانة.
فالجميع يعلم أن أثيوبيا وغيرها من دول منابع النيل لاتجرؤ على التطاول على مصر ولاتملك الأموال لبناء سدود تتكلف المليارات، بل إنها طيلة الوقت كانت تتطلع إلى مصر وتنتظر منها المساعدة والدعم والتواصل والتفاعل معها، ولكن النظام المصرى السابق لم يكن لديه الوقت ولا يملك الفكر لذلك، حيث كان غارقا فى الفساد والبحث عن العمولات من الشركات والمستثمرين.
إن المخطط الصهيونى دفع أثيوبيا لتنفيذ السيناريو الذى خطط له مكتب استصلاح الأراضى الأمريكى خلال الخمسينات للسيطرة على النيل، عبر بناء 33 سداً للتحكم فى مياه روافد نهر النيل بالهضبة الأثيوبية، فبعد الإعلان عن وضع حجر الأساس لسد الألفية خلال الأيام الماضية، قررت أثيوبيا بناء سدين إضافيين لتوليد الطاقة الكهربائية على نهر النيل.
بل وصل الأمر أن أصبحت أثيوبيا تستفز مصر بشكل واضح فقد ربطت بين إطلاع مصر على بناء سد الألفية لمعرفة الأخطار التى يمكن أن يُلحقها بمصر بالتوقيع على الإتفاقية الجديدة التى وقع عليها حتى الآن 6 دول.
إن أثيوبيا بدعم وتوجيهات إسرائيلية بدأت تسرع الخطى نحو تنفيذ مخططها فى محاولة لاستغلال الأوضاع الداخلية لمصر، ولكنها لم تدرك أن مصر تغيرت إلى الأبد ولن تسمح لأحد بأن يتحكم فى مصيرها وحجم النمو بها وشربة الماء لشعبها.
نحن لا نمانع فى استغلال أثيوبيا وغيرها من دول خوض النيل فى الاستفادة من المياه بالشكل الأمثل بما يعود عليهم بالخير والنفع ولكن دون قتل شعب مصر وإزلاله والتحكم فى مصيره.
لذا فإن الحكومة المصرية أمام اختبار صعب وخاصة أن النظام السابق ترك لها ميراث ثقيل وأخطاء جسيمة فى كل القضايا الداخلية والخارجية، ولكن الحكومة برئاسة الدكتور "عصام شرف" مطالبة بالتحرك الفورى والذهاب إلى أثيوبيا لإفشال المخطط الصهيونى والتواصل مع الأثيوبين بحيث يمكن أن يتم التفاوض على بناء سد الألفية بمشاركة مصرية من خلال توفير المهندسين والأيدى العاملة مقابل إجراء التعديلات المطلوبة على التصميم بما لايؤثر على حصة مصر، وأن يتم إمداد مصر بالطاقة الكهربائية بالمجان فى حال مشاركتها فى التمويل والسماح لها بالمشاركة فى الإشراف على بناء سد الألفية وغيره من السدود الأخرى التى يمكن أن تُقيمها أثيوبيا وغيرها من دول الحوض.
أما إذا أصرت أثيوبيا على الاستقواء بالصهيونية والعبث بأمن مصر المائى فيجب أن تكون هناك خطط بديلة سواء من خلال التحرك الأمنى الذى يتطلب التنسيق والتواصل مع السودان وخاصة أن سد الألفية يبعد عن الحدود السودانية بما لايزيد عن 40 كيلو متر على أقصى تقدير.
كذلك يمكن أن يتم محاصرة أثيوبيا وتضييق الخناق عليها عبر جيرانها من خلال التواصل والتفاعل معهم بالشكل الأمثل، بالإضافة إلى كسب ود بعض الشخصيات الفاعلة والمؤثرة فى أثيوبيا من خلال الدبلوماسية والمخابرات والكنيسة المصرية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة