الآن نقولها وبصوت عال.. لقد ضحينا بالثورة ومصر من أجل أن يثبت السلفيون والكنيسة قوتهم ونفوذهم، وأن وراءهم ميليشيات تستطيع أن تحرق وتقتل وتخرب البلد فى أقل من 10 دقائق، ولا توجد قوة فى مصر قادرة عليهم لا شرطة ولا شعب ولا حتى جيش، فهم يتحدثون باسم الله أو الرب ولدى الطرفين من الحجج ما يمكن أن يشعلوا بها مصر بنيران الفتنه فى أى وقت، فإذا تم حل موضوع كاميليا فعبير هى البديل، المهم أن تظل الحرب مشتعلة وشعارهم «تموت مصر والثورة وتحيا الفتنة».
وما حدث مؤخراً فى كنيستى مار مينا والعذراء بإمبابة، خير دليل على أن الشارع الآن يحكمه «بلطجية الفتنة» من خلال استخدام الطرفين ميليشيات غير مرئية، تستخدم كل أنواع السلاح لتقتل وتذبح وتثير الرعب فى كل مكان بعد تحريضهم من قيادات السلفيين والكنيسة ليكونوا ستارا لهم، والدليل أنه بعد سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى فى معركة بين المسلمين والأقباط بإمبابة، تبرأ كل من السلفيين والأقباط مما حدث، وكأن هناك شياطين قد خرجوا من باطن الأرض ليشعلوا نار الفتنه فى كنائس ومساجد مصر.
لقد كنا وما زلنا مع الثورة، ولم ندخر جهداً فى المشاركة فيها وتأييدها والدعوة لها حتى قبل أن يخرج الملايين يوم 25 يناير، تطالب بإسقاط النظام، ولهذا لن يزايد أحد علينا فى أننا نؤمن بالتغيير والثورة على نظام عفن اسمه نظام مبارك، والحمد لله نجحت الثورة وبدأت سلسلة التحقيقات والمحاكمات الكبرى مع مبارك وجميع أركان نظامه، وصدر أول حكم على الطاغية حبيب العادلى، وستتوالى الأحكام ويكفى الثورة فخراً أنها نجحت فى إسقاط نظرية التوريث التى كانت تدبر بليل لصالح الوريث جمال مبارك، وشلة الفاسدين التى حولت البلاد إلى عزبة كبيرة لهم، كل هذا حدث فى أقل من شهر، ولكن التداعيات التى تلت نجاح الثورة والتى يقودها السلفيون والكنيسة الآن ضد المجتمعو تساهم فى حاله الفوضى والبلطجة، وأصبحنا الآن كمن نضحى بالأم من أجل إنقاذ الجنين، وهو شىء خطير يؤدى بنا إلى طريق واحد هو أننا جميعاً نشارك فى اغتيال مصر.
الآن علينا أن نؤكد أن مشهد العنف الآن يسيطر عليه طرفان لا ثالث لهما الأول هم السلفيون ويرفعون شعار «ارفع رأسك أنت مسلم» وفى المقابل فإن الكنيسة ترفع شعار «ارفع رأسك أنت قبطى» ومابين الشعارين تحترق مصر فى إمبابة وفى التحرير وأمام ماسبيرو، والحقيقة أننا فرطنا فى مصر مقابل الفوضى، لأنه لايعقل أن يعنى التخلص من النظام البوليسى القديم أن نتصرف دون ضوابط أو حدود، أو أن التعامل الراقى من الجيش لشعبه، جعل البعض يعتقد أنه فوق القانون، والحقيقة أننا لن نلوم إلا أنفسنا إذا ظلت رؤيتنا لمصر والثورة كرؤية الجراح الفاشل، عندما يضحى بالأم والطفل لكى تنجح العملية، لن نلوم إلا أنفسنا إذا ظلت مصر حتى الآن بدون درع وسيف يحمى الأغلبية من هذا الشعب الطيب لن نلوم أنفسنا إذا استمر اعتمادنا على حل الفتن الطائفية بالجلسات العرفية، والدية، وتقبيل الرؤوس، وسلام كاميرات التلفاز، وخطب أصحاب العمائم البيضاء والسوداء بأننا شعب واحد، وأن الفتنة صناعة خارجية، وأن فلول الوطنى هم من ينفخون فى النار فالرؤية الآن تؤكد أن مصر الآن فى طريقها إلى المجهول.
انظر الآن إلى تركيبة من يتحكم فى الشارع تجدهم ثلاثة أنواع، هم سلفيون يقولون أن الحكم لله، وأن مصر تحتاج لحكم إسلامى كامل، وأن من ليس مسلماً فهو ذمى، بينما النوع الثانى هم الأقباط الذين يحكمون بشرع الكنيسة، مستخدمين نظرية الاستقواء بالغرب، خاصة أمريكا لتوجيه ضربة للتيار السلفى، وظهر ذلك واضحاً بالمظاهرات الحاشدة التى جرت أمام السفارة الأمريكية الأحد الماضى للمطالبة بتدخل أجنبى لحمايتهم دولياً، تعقيباً على ما وقع فى إمبابة مستخدمين هتافات عنصريه تقول «بالروح.. بالدم.. نفديك يا صليب»، و«مهما جرالى ومهما حصللى.. عالكنيسة رايح أصلى». أما النوع الثالث فهم البلطجية ومثيرو الشغب، وأغلبهم يقوم باقتحام السجون والأقسام لتهريب المساجين فى تحد واضح لسلطة الدولة، والتعدى على رجال الشرطة وأحياناً الجيش.
هذا الثالوث هو الذى يحكم مصر الآن و يعمل أعضاؤه بخطط مدروسة ويتلقى دعماً خارجياً سواء أمريكيا أو خليجيا وإسرائيليا، وظهر ذلك واضحا فى حوار لرئيس الموساد لإحدى القنوات الإسرائيلية عندما سئل عن جمعة الزحف ضد السفارة الإسرائيلية، فرد ببرود «إن الفتنة الطائفية فى مصر ستؤجل كل شىء» هذا التصريحات أكبر دليل على ان إسرائيل تلعب فى الأمن القومى المصرى، حتى ولو لم يكن بشكل مباشر إذا الكل تحالف ضد مصر من دول «العقال والبغال حتى أولاد العم سام» فالجميع لا يصدق أن تنتصر الثورة الشعبية فى مصر بشكل هادئ كما أن البعض يحاول أن يورط الجيش فى معارك جانبية هو قادر على حلها باستخدام القوة، وهو مايرفضه الجيش لتظل صورته النقية أمام الشعب المصرى ونجح فى ذلك، ولكن الأمر الآن اختلف والقبضة الحديدية اصبحت مطلبا جماهيريا من الجميع، والجيش الآن هو الجهة الوحيدة القادرة على تطبيق هذه السياسة، خاصة بعد الانهيار النفسى الذى مازال جهاز الشرطة يعانيه منذ اختفائه المريب والغامض من جميع الأقسام والسجون والشوارع فى جمعة الغضب، الجيش يجب أن يضرب بكل عنف كل من يحاول أن يهز النسيج الوطنى، لأن ضرب الوحدة الوطنية عمل تخريبى، ويضرب الأمن القومى فى العمق والجيش الوحيد القادر على حماية الجبهة الداخلية والخارجية معاً.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة