قطب العربى

قانون دور العبادة.. فخ أم حق؟

السبت، 21 مايو 2011 06:54 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل حقا سيكون إصدار قانون موحد لبناء دور العبادة نهاية الأحزان وقضاء مبرما على الفتن الطائفية المتعلقة ببناء الكنائس كما يعتقد بعض المسيحيين، وكما يحلو للبعض دائما رفع هذا المطلب فى اعتصامات الشباب المسيحى سواء أمام ماسبيرو أو فى أى مكان آخر؟.

إجابتى هى بالنفى وهذا النفى ليس مبنيا على أسس طائفية، ولا تحيزات سياسية، ولكن على المصلحة القومية العليا للشعب كله بمسيحييه ومسلميه.
وقبل أن أدخل فى تفصيل موقفى أود التأكيد أن العقلاء المسيحيين وكثير من قادة الكنيسة ليسوا متحمسين فعليا لهذا المشروع لأسباب يقدرونها، وقد يأتى ذكر بعض منها فى ثنايا هذا الرد، كما أود التأكيد أن مثل هذا القانون ينبغى طرحه للنقاش العام والانتظار حتى تكوين مجلس نيابى لإقراره لأن ذلك سيمنحه قوة ومصداقية لن تتوفر له فى الظروف الانتقالية الحالية.
أنا واثق أن اللذين يتحمسون بشدة للقانون سواء من بعض رجال الدين أو الشباب المسيحي، هم فى الأغلب يريدون شيئا محددا وهو تيسير بناء الكنائس أسوة بالمساجد، وليس بالضرورة قانون موحد لدور العبادة، الذى قد يكون بمثابة فخ أوقعهم فيه بعض العلمانيين المسلمين والمسيحيين بوهم أنه الحل الوحيد لمشكلة بناء الكنائس.

حين نتحدث عن قانون موحد فإننا نتحدث عن قواعد وشروط موضوعية موحدة تطبق على الجميع سواء مساجد أو كنائس أو حتى معابد يهودية، ومن هذه المقاييس التعدادات البشرية والمساحات المحددة من الأمم المتحدة وهى بين 46 سم بحد أدنى و100 سم بحد أقصى لكل فرد، وحين نسعى لتطبيق هذه المعايير يلزم أولا كشف أعداد المسلمين والمسيحيين وفقا للتعداد السكانى الرسمى، أو إجراء تعداد جديد إذا لم يكن التعداد الحالى متضمنا للحالة الدينية كما أوضح من قبل رئيس الجهاز المركزى للإحصاء، وإذا توفرت التعدادات المعتمدة فلكل واحد أن يتخيل بطريقته الخاصة كم سيكون عدد المساجد وكم سيكون عدد الكنائس، وتفاصيل ذلك بالنسبة لكل طائفة مسيحية بما فيها الطوائف الجديدة التى سيصبح من حقها رسميا المطالبة بكنائسها مثل الأنبا مكسيموس.

وعند تطبيق مبدأ المساحة المحددة لكل مصل فسيدخل فى الحساب كل مساحات دور العبادة سواء كانت مساجد أو كنائس أو أديرة، يتسع بعضها مثل دير الأنبا مقار فقط لما بين 11- 23 مليون مصل حيث تبلغ مساحته 2700 فدان أى 11340000متر مربع تقريبا، وبخلاف دير الأنبا مقار هناك دير أبوفانا بالمنيا ومساحته 600 فدان، ودير مارى مينا 600 فدان أيضا، أى أن الأديرة الثلاثة فقط تقام على مساحة 3900 فدان أى ما يعادل 16 مليون متر مربع تكفى لـ 16 مليون مصل فى الحد الأدنى و35 مليون مصل كحد أقصى، ناهيك عن العديد من الأديرة الأخرى فى المحافظات المختلفة (من دراسة للباحث المستشار حسين أبو عيسى).

قد يقول قائل نحن لا نتحدث عن النسبة والتناسب فى الأعداد والمساحات، ولكننا نتحدث عن شروط البناء وطرق التعامل الإدارى، إذن دعونا نتجاوز هذه النقطة التى تزيد التوتر فى المجتمع، ولكن النقطة القادمة صادمة أيضا، فالقانون الموحد يلزم لتنفيذه جهة موحدة أيضا، وهى هنا ستكون وزارة الأوقاف والتى قد يتغير اسمها إلى "الأوقاف والشئون الدينية" لتصبح هى المشرفة على بناء المساجد والكنائس وعلى ترميمها وعلى تعيين الأئمة والقساوسة وترقيتهم وفصلهم إن لزم الأمر، وسينشأ فى وزارة الأوقاف مجلس أعلى للشئون الإسلامية، ومجلس أعلى للشئون المسيحية، وستعود كل الأوقاف سواء كانت إسلامية أو مسيحية لإدارة وإشراف الوزارة، وهذا يعنى تلقائيا سحب الأوقاف المسيحية من الكنيسة وهى التى استردتها قبل سنوات قليلة من الوزارة بينما ظلت الأوقاف الإسلامية خاضعة للوزارة، وهنا سيصبح دور الكنيسة مشابها لدور الأزهر مركزا على النواحى العلمية والثقافية والروحية، ولن يكون لها أى ولاية على الكنائس فيما يخص البناء والترميم وتعيين الكهنة.

حين نتحدث عن قانون موحد لدور العبادة أيضا يعنى هذا أن تصبح كل الأمور المالية المتعلقة بالكاتدرائية وبالكنائس تحت نظر الجهات الرقابية كما يحدث مع الأزهر والمساجد والأوقاف الإسلامية، وسيكون من واجب الجميع أن يفتح دفاتره لمحاسبى ومفتشى الجهاز المركزى للمحاسبات، ليعرف الإيرادات والمصروفات وطريقة تحصيل أو صرف أى منهما، كما أن على جميع دور العبادة أن تفتح أبوابها لوفود ولجان التفتيش الفنى والإدارى والصحى إلخ إلخ.

بعد أن وضعنا أيدينا على جانب من تعقيدات الموقف، من حق المطالبين بالقانون أن يواصلوا الطلب، ويستعدوا للالتزام بنصوصه، ومن حق البعض الآخر أن يكتفى بطلب المزيد من التيسيرات لبناء الكنائس ونقل قرار الموافقة على البناء إلى المحافظين مع إمكانية الطعن قضائيا على القرار وهو حق مشروع.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة