يوسف والى

يظل الدكتور يوسف والى وزير الزراعة الأبرز فى عهد مبارك، واحدة من الشخصيات التى تحمل أسرارا هائلة عن فترة وجوده فى كواليس الحكم، فلم يكن مسؤولا عن زراعة مصر فقط، وإنما شغل موقع الأمين العام للحزب الوطنى، بالإضافة إلى مسؤوليته عن ملف العلاقة مع السودان، بعد تولى البشير للسلطة، وانتقال المعارضة السودانية إلى القاهرة، والأهم من كل ذلك أنه كان داعيا وبامتياز لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وأرسل وفودا من وزارة الزراعة إليها، وبلغ حماسه لهذه العلاقة درجة تبنيه صراحة السوق الشرق أوسطية التى كان يروج لها الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز، وتعهده بالعمل على نشر اللغة العبرية، وكان نصيبه فى ذلك هجوما ضاريا من المعارضة التى وصلت إلى حد زعمها أنه من أصول يهودية، وهو ما نفاه مؤكدا أن عائلته من أصول عربية تنتمى إلى الجزيرة العربية.

أمس الأول ألقت الإدارة العامة لمباحث الجيزة القبض عليه، للتحقيق معه فى مسؤوليته عن إدخال مبيدات مسرطنة إلى مصر، وإهدار 200 مليون جنيه على الدولة فى بيع أرض لرجل الأعمال الهارب حسين سالم، وإذا كانت هذه الاتهامات جزءا من ملف واحد تولى والى مسؤوليته هو الزراعة، فإن باقى هذا الملف فيه سياسات أدت إلى ضرب محاصيل مهمة مثل القطن والقمح، وكذلك اتباع سياسة إغراق الفلاح المصرى فى الديون الهائلة عبر بنك الائتمان الزراعى، والتخلى عن حمايته وذلك بتركه فريسة لغلاء أسعار مستلزمات الزراعة والتى جعلت الفلاح البسيط يشعر بعبء الزراعة، بدلا من أن تدر عليه رزقا يعينه على مواجهة قسوة الحياة، وفى المقابل كان كل الاهتمام يتوجه إلى كبار الملاك القدامى، والجدد الذين امتلكوا مساحات شاسعة من أراضى الاستصلاح.

الملفات الأخرى التى تولى مسؤوليتها والى رتبت أضرارا بالغة على الشعب المصرى، فأثناء توليه موقع الأمين العام للحزب الوطنى، شهدت مصر تخريبا متعمدا للحياة السياسية بالإضعاف المتعمد لأحزاب المعارضة، والتزوير الفاضح لكل الانتخابات، سواء لمجلس الشعب أو الشورى أو المحليات.

ومع مسؤوليته عن كل هذه الكوارث سواء فى الزراعة والتطبيع مع إسرائيل، أوفى تخريب المعارضة، يأتى السؤال، هل من الطبيعى الاكتفاء باتهامه بإدخال مبيدات مسرطنة إلى مصر، وإهدار 200 مليون جنيه فى بيع أرض لحسين سالم؟