د. رضا عبد السلام

الثورة لم تصل بعد إلى سفاراتنا ومكاتبنا فى الخارج!!

الجمعة، 22 يوليو 2011 10:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مؤكد أنك عزيزى القارئ تتفق معى على أن الفساد - خلال العصر البائد - عم وطم وغطى، ليس فقط أرض المحروسة، بل امتد إلى كل ما ينتسب أو يمثل مصر، وأقصد هنا سفاراتنا ومكاتبنا التجارية والثقافية...الخ. فلا يستطيع مصرى - محب لهذا البلد - أن يدعى أن عملية اختيار ممثلى ومبعوثى وموظفى مصر فى الخارج، كانت تتم بشفافية ونزاهة نحاكى بها "حتى" بوركينا فاسو أو موزمبيق!! ولهذا لم يكن غريباً أن تشكل هذه المكاتب الثقافية والتجارية والسفارات والعاملين فيها – فى الغالب - معول هدم، وحجر عثرة، أمام كل ما هو مصرى أصيل.

فما بنى على باطل فهو باطل، وكل بئر بما فيه ينضح. ولهذا لم يكن منتظراً من أشخاص متسلقين ومنتفعين أن يقوموا بعملهم لخدمة مصر والمصريين فى الخارج بالمستوى الذى يعكس طموحات مصر وشعبها، مؤكد أن هناك حالات استثنائية محترمة، ولكن الأحكام تبنى على الكثير الغالب وليس القليل النادر.

فمَن مِنا لم يسافر، ولم يلاقى الأمرين على أيدى أشخاص ليسوا أهلاً للمكان الذى وصلوا إليه، وإنما وصلوا إليه – فى الغالب – بحكم النسب والقرابة والمصاهرة والحظوة والقدرة على الدفع....الخ. بل مَن مِنا لم يتنفس الصعداء وهو مغادر إلى الخارج هروباً من جحيم الفقر والبيروقراطية، وإذا به يصطدم بصوت موظف أو موظفة مترهلة فى السفارة تقول له "كلمنا بكره"، هذا إذا كانت موجودة أصلاً على مكتبها!!

فانهيار النظام المصرى لم يكن من قبيل الصدفة، وإنما كان نتاج لمقدمات منطقية. فالمكاتب والبعثات الدبلوماسية والتجارية والثقافية هى أداة الدولة للتواصل والتفاعل مع باقى دول العالم، وتقديم الصورة المشرفة للبلاد، وفى نفس الوقت خدمة المصالح الاقتصادية والتجارية وتيسير المبادلات لمصر مع باقى دول العالم.

ولكن أنى يتأتى التطوير والإبداع من جهلاء أو وصوليين. فهؤلاء لم يكن لهم من هم سوى السفر إلى الخارج، والاستمتاع بخدمات ومرتبات ومزايا مغرية، جميعها تم تحصيلها من دماء هذا الشعب المنكوب!!

السؤال الآن، إذا كان هذا هو الوضع قبل الثورة، وهو لم يكن استثناءً على باقى الأوضاع المذرية التى عاشتها مصر وعايشها شعبها، فهل تغير أو سيتغير الوضع بعد ثورة التطهير؟ هل سيتعامل المصريين العاملين والدارسين والمتاجرين فى الخارج معاملة تليق بطموحات ثورتنا العظيمة، بحيث ترقى بكرامة الإنسان المصري؟ على أى أساس سيتم اختيار سفيرنا فى الخارج؟ بل على أى أساس سيتم اختيار الممثل التجارى أو الثقافي....الخ؟ وعلى أى أساس سيتم اختيار موظفى سفاراتنا فى باقى بلاد الله؟ وإذا قيل لنا بأنه سيتم الاختيار بناءً على أسس موضوعية وعلمية ومنطقية: السؤال وما الذى يضمن صدق هذا الكلام أو حتى تحقيقه؟

الشفافية؛ هذه هى كلمة السر فى نجاح الأنظمة الحديثة. فمن خلال شفافية عملية الاختيار، واطلاع العامة وكافة المؤسسات المعنية، سيتصرف الجميع بموضوعية، تقود فى نهاية الأمر إلى اختيار أكفأ العناصر، بحيث تكون بحق سفيرة جديرة بتمثيل مصر فى الخارج. أما أن نواصل رحلة التعتيم والتغييب، فعندها سنقول "كأنك يا أبوزيد ما غزيت". فمصر تذخر بعشرات الآلاف من شبابها الأكفاء، فى كافة ميادين العلم، ومؤهلون تماماً لتمثيل مصر فى كل محفل. هم فقط بحاجة لأن تعطى لهم الفرصة أو إشارة الانطلاق، وعندها سنرى الفرق. عندها ستُقَدم مصر بالصورة التى نحلم بها. عندها سيعامل المصرى فى الخارج المعاملة المثلى، ومن يخرج عن النص، يعود على الفور ويؤتى بمن هو أفضل منه. عندها أيضاً ستكتمل منظومة التطوير التى تقودنا فى النهاية إلى نهضة مصر الجديدة. فهل ستطال شرارة الثورة السفارات والمكاتب والبعثات الدبلوماسية والثقافية والتجارية؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام.

• وكيل كلية الحقوق – جامعة المنصورة









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة