معركة المبادئ الدستورية

يبدو أننا مقبلون على معركة جديدة عنوانها «المبادئ فوق الدستورية»، وهى المبادئ التى أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أنه بصدد إنجازها، كما اقترحتها بعض القوى السياسية، واقترحها الدكتور محمد البرادعى، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، غير أن قوى الإسلام السياسى أعلنت رفضها لهذه الفكرة، وعلى نفس خط الرافض سارت شخصيات مستقلة، لكنها قريبة من هذه القوى، مثل الدكتور محمد سليم العوا، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية.

المعركة المتوقعة حول هذه القضية تحددت أطرافها بما ينبئ أننا أمام انقسام جديد سيؤدى إلى استقطاب مجتمعى حاد، قد يضيف بالسلب على مسيرة الثورة، والأسباب التى ستؤهل إلى كل ذلك تأتى من أحكام مسبقة عليها، مثل الزعم بأن الوثيقة المزمع إعدادها ستكون مخالفة للشريعة الإسلامية، وأن الذى سينجزها هو الدكتور أسامة الغزالى حرب، وهو «علمانى»، وبالتالى يجب ألا يتصدى لمثل هذه المهمة.

وبالرغم من أن الدكتور ممدوح حمزة، ومن خلال المجلس الوطنى، حاول جمع كل الفرقاء من أجل إنجاز وثيقة موحد، تجمع كل الوثائق التى تم اقتراحها من البرادعى والبسطويسى والأزهر، بالإضافة إلى محاولته إشراك جماعة الإخوان والسلفيين فيها، فإن هذا الجهد على أهميته ظل مقتصرا على طرف واحد فقط، وبالرغم من أن هذا الطرف أعلن عن الإبقاء على المادة الثانية من دستور 1971، فإن الطرف الثانى يصر على التصعيد بالدعوة لمليونية فى التحرير.

ومع الوضع فى الاعتبار أن هذه المعركة ستكون تعبيرا عن استعراض للقوة، إلا أن حيثيات الخلاف حولها تبدو ضعيفة، وأستشهد هنا بما قاله القيادى الإخوانى البارز كمال الهلباوى الذى انتقد عدم مشاركة الإخوان فى وضع وثيقة المبادئ فوق الدستورية، وقال لبرنامج «العاشرة مساء»، إنه ليس المطلوب أن تأخذ هذه الوثيقة شكل الإعلان الدستورى، وإن الفكرة لا تخالف ما دعا إليه الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان، وقال إن الروح واحدة فى كل الوثائق المقدمة فى هذا الأمر تصب جميعها فى مصلحة المصريين، فوثيقة المستشار هشام البسطويسى تحمل الروح القانونية، بينما تحمل وثيقة الأزهر الروح الإنسانية، وإنه ليس هناك تعارض بين هذه الوثائق.
ويقودنا رأى الهلباوى إلى الاعتقاد بأن الخلاف حول هذه القضية ليس مبدئيا، وإنما خلاف يستهدف استعراض القوة.