خالد أبو بكر

لا يملك أحد أى شىء يعرض النائب العام للمساءلة.. لكن نسأل بعض الأسئلة حول منصبه وطبيعة وضعه القانونى

النائب العام وأسئلة حائرة

الخميس، 25 أغسطس 2011 03:49 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى بلادنا العربية دائما ما تجد عبارات التمجيد للمسؤولين بشكل كبير جدا، وأحيانا بعض المناصب ساعد البعض فى أن تأخذ حصانة من النقد بشكل يجعل هناك حاجزا نفسيا تجاه الاقتراب منها، وتسمع عبارات غريبة مثل مصدر قضائى رفيع المستوى، أو جهة سيادية عليا، وأشياء غريبة مما اعتاد الإعلام البائد على نشرها فى الشارع المصرى.
والحقيقة التى يجب أن نعرفها ونعلمها لأبنائنا أن أى شخص يشغل منصبا عاما فى الدولة ليس بعيدا عن النقد مهما كان منصبه، فجميع المسؤولين فى النهاية هم لا يملكون قوة معينة أو لديهم تميز معين - أبداً- هم فقط أشخاص عهد إليهم أن يتولوا إدارة مؤسسة ما فى المجتمع، سواء كانت أمنية أم قضائية أو رئاسية يخضعون فى عملهم للقانون، وإذا خالف أحدهم يحاكم مثله مثل باقى أفراد المجتمع.
وأحيانا يعطى القانون صلاحيات معينة أو ميزات معينة لبعض المناصب، وذلك بهدف وحيد، وهو مساعدة من يتقلد هذه المناصب على القيام بالأعباء والتبعات الملقاة على عاتقه، وتجعل له هذه الميزات نوعا من الحماية والاستقلال فى منصبه، وذلك فى إطار عمله، ولا تمتد هذه الميزات إطلاقا إلى حياة المسؤول الخاصة.
فى عام 2006 تولى النائب العام الحالى منصبه بترشيح من وزير العدل السابق ممدوح مرعى، بعد أن عمل لفترة فى نيابة أمن الدولة، وقدم هذا الترشيح إلى رئيس الجمهورية السابق ووافق عليه وعين المستشار عبدالمجيد محمود نائبا عاما، وظل النائب العام الحالى فى منصبه منذ تاريخ تعيينه، وحتى كتابة هذه السطور.
والحقيقة أنه لا يملك أى شخص فى مصر إقالة النائب العام، وهذا أمر له وجاهته وشىء يطلبه كل قانونى ويحترمه، لأن حصانة النائب العام من الإقالة أو العزل أمر يدعم سيادة القانون فى الدول المحترمة.
لكن أن يتم ترشيحه من قِبل وزير فى الحكومة وأن يكون لرئيس الجمهورية أن يوافق أو لا يوافق على هذا الترشيح ويصدر أمر التعيين من رئيس السلطة التنفيذية، كل ذلك أمور لا تقبل فى مثل هذه المناصب، وأعتقد أن اللجنة المنوط بها تعديل قانون السلطة القضائية تضع كل هذه الاعتبارات على رأس أولوياتها.
أما بالنسبة لشخص النائب العام الحالى فلا يملك أى شخص فى مصر أى شىء يدينه أو يعرضه للمساءلة، لكن نحن نسأل بعض الأسئلة التى تحتاج إلى إجابات، وكنا فى الماضى نسأل ولا أحد يجيب، أما الآن فلابد من أن يجيب أى مسؤول وإلا فسيجد نفسه مخلوعا ثم محاكما، والمثال الأكبر رأيناه يوم الثالث من أغسطس الجارى، وهكذا أصبحت مصر ما بعد الثورة بلدا لا يخشى فى تطبيق القانون لومة لائم ، والأسئلة التى أوجهها للنائب العام:
> أين كان من حجم هذا الفساد الهائل الذى ظهر بعد الثورة؟
> لماذا ظهرت قرارات النيابة العامة الآن ضد كل من يوسف والى ومحمد إبراهيم سليمان بعد الثورة، علما بأن البلاغات مقدمة ضدهم منذ سنوات مضت؟
> لماذا لم تبادر النيابة العامة فى التحقيق فى جرائم قتل الثوار وانتظرت وقتا طويلا حتى تبدأ التحقيق؟
> لماذا لم تكن قرارات النيابة العامة سريعة ومتوافقة مع الأحداث قبل تهريب الملايين من أموال الشعب المصرى بعد الثورة مباشرة؟
> لماذا لم تأت تحقيقات النيابة العامة فى قضية قتل المتظاهرين بالشكل الذى يرضى عنه الجميع، وإذا كانت هناك جهات لم تؤد العون للنيابة العامة، فلماذا لا نعرف ما هى هذه الجهات؟
> لماذا تم سؤال حبيب العادلى بعد شهر كامل من تاريخ جريمة قتل المتظاهرين؟
> لماذا تم الإفراج عن سوزان مبارك بعدما صدر أمر بحبسها احتياطيا؟ وعلى أى أساس قانونى صدر أمر الإفراج؟ وهل يمكن لباقى المتهمين اتباع نفس الإجراءات مثلها؟
كل هذه الأسئلة وغيرها تحتاج إلى إجابة من النائب العام الحالى، والاجابة هنا ليست اختيارية، بل إجبارية، حيث إن تصرفات أى مسؤول تؤثر سلبا وإيجابا على حياتنا اليومية وعلى مستقبل أبنائنا، ولابد أن يعلم الجميع أنه بعدما قتل من قتل، وفقد أبنائنا أعينهم لن نبقى على أوهام زرعت فى عقول المجتمع المصرى عن طريق بعض وسائل الإعلام التى كان يستخدمها النظام السابق.
نحن لن نتدخل فى عمل النيابة العامة، ولا نسأل عن الكيفية التى كان يتم بها اختيار أعضائها فى الماضى وما إذا كان هناك دخل لرموز النظام السابق فى ذلك من عدمه، وهل كان - مثلا - مبارك أو زكريا عزمى أو سوزان مبارك يستطيعون التدخل فى اختيار أعضاء النيابة العامة، لن نسأل هذه الأسئلة وسنترك إجابتها لمجلس القضاء الأعلى، فالقضاة أولى بشؤونهم.
لكن وبكل أدب، ألم يكن من اللائق أن تكون حقبة مبارك بكل رجالاتها هى ماض ذهب وتترك الفرصة للكوادر المصرية الصاعدة فى كافة المجالات فى تولى المسؤولية؟
(ومفيش حد يقوللى طيب والمجلس العسكرى؟ لأن كل شىء جاى فى وقته).
ألم يكن من اللياقة أن تكون بعض المناصب الحساسة فى الدولة بعد الثورة محل تغيير من أجل أداء يتماشى ومتطلبات الإصلاح؟
ألا يوجد فى مصر أسماء تصلح لتولى المناصب العليا حتى نبقى على بعض الأسماء مهما مر من زمن ومهما تغيرت أنظمة؟
على حسب معلوماتى، أن مصر لم تصب بعد بالعقم، وإنما كانت ومازالت تملك أكبر سلاح فى المنطقة العربية، وهو سلاح الإبداع البشرى، فنحن من نصدر للدول العربية، بل لبعض الدول الأوروبية العقول المحركة التى ساعدت وخططت فى بناء نظم الحضارة فى هذه المجتمعات.
لن أكون متجنيًا، وأعرف تمام المعرفة ما لمنصب النائب العام من إجلال، وأنا أول من يحرص عليه، إلا أننى أقدم له الشكر على جهوده فى المرحلة الماضية فى ضوء ما كان متاحا له من معطيات، وأنتظر أن يترك الفرصة لغيره من قامات القضاء المصرى المحترم، حتى نبدأ فى بناء دولة القانون، وحتى يشعر شهداؤنا أن دماءهم لم تضع هباءً.
ولنا سطور أخرى الأسبوع المقبل إن كان فى العمر بقية..








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة