ليبرالية وعلمانية وسلفية

فى الإسكندرية وأسوان حدث فى الأيام الماضية الآتى:
تعرض الداعية الدكتور أحمد منصور سبالك لمحاولة اعتداء من قبل أحد المصلين داخل مسجد أنصار السنة بأسوان، وذلك احتجاجا على تحامل الداعية على الليبراليين، ووصفه للعلمانيين والليبراليين بأنهم وصوليون يحاربون أهل السنة لمنع تطبيق الشريعة، وحسب ما نشرته الزميلة «المصرى اليوم» يوم الاثنين الماضى، فإن سبالك اتهم من قبل الزعيم الراحل سعد زغلول بأنه هو الذى استورد الليبرالية المطلقة من إنجلترا بتأسيسه حزب الوفد ذى النزعة الليبرالية.

وفى الإسكندرية، قام عدد من المحامين بتقديم بلاغ بقسم العطارين ضد الشيخ حاتم فريد، إمام مسجد القائد إبراهيم، والسبب -كما قالت الزميلة جريدة الشروق، فى عددها الصادر يوم الاثنين الماضى- هو قيام الشيخ بالدعاء على الليبراليين والعلمانيين أثناء إمامته لصلاة التهجد يوم 24 أغسطس الماضى قائلا: «اللهم عليك بالليبراليين والعلمانيين فإنهم لا يعجزونك».

الحادثتان فى الإسكندرية وأسوان أى فى شمال مصر وجنوبها، والمؤكد أنه، خلال المسافة بين الاثنين، حدثت -فى تجمعات للصلاة- وقائع مشابهة، لكن لم يتم تسليط الضوء عليها، وفى العموم نحن أمام أجواء تذكرنا بما حدث منذ عشرات السنوات، حين تم إسقاط المفكر والأستاذ الجامعى أحمد لطفى السيد فى الانتخابات البرلمانية، بعد أن جند خصمُه أناسا تحدثت بين الناخبين عن أن أحمد لطفى السيد ديمقراطى، والديمقراطية ضد الدين، ورغم اختلاف الظرف فإننا أمام واقع يتم فيه توظيف الدين -من البعض- ضد الآخر، وتحويله من هذا البعض إلى سلاح للتشهير وتصفية الحسابات، وقد بلغت هذه المسألة خطورة بالغة فى سبعينيات القرن الماضى على يد الرئيس الراحل السادات، حين تم إشهار سلاح التكفير للتيارات اليسارية، وذلك فى محاولة منه لتصفية هذه التيارات شعبيا، والتى كانت تعارضه جذريا وبضراوة، وبلغ الأمر برجل مثل خالد محيى الدين زعيم حزب التجمع ومؤسسه، أن يحرض أنصاره فى دائرة كفر شكر قليوبية على ترديد اسمه مقرونا بلقب «الحاج»، كمحاولة للرد على سلاح التكفير.

ما يحدث الآن هو محاولة تصوير الخلافات السياسية، وكأنها خلافات حول الدين الإسلامى، وهذا هو الخطر الذى لو تم إهماله وعدم مواجهته بحسم، فربما يؤدى إلى عنف قد ينفجر على المدى الطويل.