حمدى الكنيسى

صفعة أشد على هذه الوجوه!!

الجمعة، 09 سبتمبر 2011 03:54 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان التاسع من شهر يوليو 2011 أسوأ يوم فى تاريخ السودان والأمة العربية، حيث شهد انهيار الأحلام العربية الكبرى التى كانت تدغدغ مشاعرنا وتفتح أبواب الأمل فى تحقيق الوحدة العربية، وإذا بهذا اليوم الأسود يعلن بداية تفتيت وتمزيق السودان بقيام «جمهورية الجنوب» التى ارتفعت فيها منذ اليوم الأول لقيامها أعلام إسرائيل!! والمعروف أن ثمة علاقة سرية نشأت بينهما فى عام 1995 عندما تولت إسرائيل تدريب قوات التمرد فى الجنوب ومدها بأحدث الأسلحة، انتهازا للفرصة المتاحة، وتنفيذا للمخطط الإسرائيلى الذى بدأه «بن جوريون»، حين أكد على ضرورة تأمين المصالح الإسرائيلية فى المحيط الأفريقى فى مواجهة المحيط العربى!!
هكذا شهد ذلك اليوم المشؤم توجيه «صفعة قاسية» على وجوه كل من أهملوا، وكل من أخطأوا، وكل من تقاعسوا، لتصل الأمور إلى ما وصلت إليه من تمزيق للسودان، وتمهيدا لتمزيقات أكثر، ليس فقط فى السودان ولكن فى معظم الدول العربية.
ويبدو أن تلك الصفعة - رغم قوتها - لم تكن كافية ليشعر من تلقوها بمسؤوليتهم التاريخية، حتى بدا أن وجوههم قد تبلدت، ومشاعرهم الوطنية والقومية قد ماتت، لكن القدر أمهلهم فرصة أخرى، حيث جاءتهم صفعة جديدة أشد وأعنف بالإعلان السريع عن تطبيع العلاقات بين جنوب السودان وإسرائيل، وإنشاء سفارة للجنوب فى القدس التى ترزح تحت نير الاحتلال، ولعلك - عزيزى القارئ - تنتظر أن أستعرض معك تلك «الوجوه» التى شاركت وتشارك فى المأساة السودانية والعربية، وهأنذا أعرضها بحقيقتها:
أولاً: الرئيس عمر البشير الذى واصل منذ تولى الحكم فى يونيو 1989 تبنى الشعار الذى رفعه سلفه «جعفر النميرى» فى 1983 عندما دعا إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، متجاهلا بحماقة ما بعدها حماقة معارضة ذلك من ملايين المسيحيين السودانيين وغيرهم، خاصة فى الجنوب، وكانت تلك الدعوة «النميرية» بمثابة وضع بذرة الصدام والانفصال التى تلقفها على الفور المتربصون بوحدة السودان لينطلقوا فى مخططهم الجاهز، والمثير للأسى أن «البشير» بدلا من أن يعيد النظر فى تلك السياسة، ويسارع إلى تحقيق مصالح الجنوبيين آثر أن يستخدم أسلوب القمع الدموى الذى أشعل مزيدا من الحماس للانفصال، ترى مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية أن من الأسباب المباشرة لانفصال الجنوب: «والطريف أن (الدكتور حسن الترابى) الذى أيد (النميرى) فى دعوته للحكم الإسلامى هو نفسه الذى وجه لنا نصيحته لدى زيارته لمصر قائلا: (تجنبوا خطايا الحكم الإسلامى بالسودان)».
ثانيا: الرئيس السباق حسنى مبارك: لأنه تجاهل ما يتعرض له السودان من مخطط إسرائيلى أمريكى، ولم يعبأ بما يعكسه ذلك على الأمن القومى لمصر، وبالتالى ترك أحداث الانفصال تتراكم إلى أن وقعت الواقعة وانفصل الجنوب، وهذا ما ذكرته السفيرة منى عمر، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، حيث قالت بالحرف الواحد: «إن مبارك كان يمثل نقطة الضعف فى سياسة مصر بأفريقيا»، ويرجع موقفه الذى ساهم فى مأساة الانفصال إلى أنه ظل يعتقد أن السودان شارك أو خطط محاولة اغتياله فى إثيوبيا فى عام 1995، وهكذا خلط بين مشاعره الخاصة ومسؤوليته الوطنية والقومية، وأهدر دور مصر الحيوى فى إنقاذ الدولة الشقيقة مثلما أهدره على الساحة الأفريقية كلها، والتى كان لنا فيها رصيد هائل فى عهد الزعيم جمال عبدالناصر، والغريب أن الراحل العظيم «المشير أبوغزالة» كان قد حذر أكثر من مرة من تجاهل ما يحدث للسودان، لكنه اصطدم بموقف الرئيس الذى يملك وحده القرار.
ثالثا: جامعة الدول العربية: صحيح أنها تتحرك فى الإطار الذى تسمح به الأنظمة العربية، إلا أنها تشارك فى المسؤولية لأنها لم ترفع صوت السودان الذبيح كما يجب، ولم تعلق جرس التقاعس حول رقبة الدول المتجاهلة لما يحدث.
رابعا: الأمم المتحدة: التى لم تعد «متحدة» إلا إذا أرادت لها أمريكا ذلك بما يتفق مع مصالحها ومصالح ربيبتها إسرائيل، وقد لعبت دورا مباشرا دينئا فى تدعيم تمرد الجنوبيين، وتحجيم دور حكومة الشمال، ومازالت - للأسف - ترعى أحداث «دار فور» تمهيدا لانفصال آخر.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة