أيام قليلة ويصبح لدينا رئيس لمجلس الشعب بعد انتخابات برلمانية، أهم ما يميزها أنها خلت من إدارة الدولة وتدخلها فى عملية التصويت، وانتخاب مجلس الشعب يعقبه فى الجلسة الأولى لانعقاده انتخاب رئيس المجلس والوكيلين، ومنصب رئيس مجلس الشعب هو ثانى أهم المناصب فى الدولة بعد رئيس الجمهورية ويليه فى حكم البلاد حال حدوث أى سبب يمنع رئيس الجمهورية من ذلك، وفقا لآخر دستور فى مصر.
لكن الآن نحن ليس لدينا رئيس جمهورية منتخب، ولكن لدينا مجلس عسكرى يمثل قيادة واحدة من أهم المؤسسات التى تلقى احتراما وتقديرا لدى المواطن العادى، وهى المؤسسة العسكرية، لكن الفارق بين تولى المجلس العسكرى لشؤون البلاد وبين تولى مجلس الشعب لمهامه كبير جدا، قوامه كلمة مؤثرة فى المجتمعات المتقدمة، وهى ميثاق التعامل فى أى مجتمع مدنى ولا يمكن أن يتم الخروج عنها، هذه الكلمة تسمى «الشرعية»، و«الشرعية» هى أن يرجع أى شىء فى الدولة إلى رأى الشعب، أو رأى من انتخبهم الشعب ليمثلوه، وبالتالى فسيتمتع مجلس الشعب القادم بما لا يتمتع به المجلس العسكرى، فشرعية مجلس الشعب أتت من صناديق الانتخاب، ومن ثم له أكبر شرعية، أما وجود المجلس العسكرى فى السلطة، فاعتبره البعض هو حالة إنقاذ للبلاد فى وقت لم يكن لدينا أفضل منهم لتولى هذه المهمة بغض النظر عن إذا اتفقنا أو اختلفنا فى نجاحهم أو فشلهم فى هذه المرحلة.
لكن تبقى لنا فترة زمنية ستكون لدينا قوتان على الأرض، مجلس الشعب، صاحب الشرعية، والمجلس العسكرى، صاحب السلطة الفعلية، والذى يسيّر أمور البلاد بناء على تكليف من الرئيس السابق، أو بناء على إرغام منه للرئيس السابق، الله أعلم.. لا أحد يعلم حتى اليوم حقيقة ما جرى، لكن فى كل الأحوال علينا أن نسأل أنفسنا: كيف سيتعامل رئيس مجلس الشعب القادم صاحب الشرعية مع رئيس المجلس العسكرى المشير طنطاوى صاحب السلطة الفعلية؟
تعالوا نتخيل متى.. ولماذا سيتم الاتصال بين مجلس الشعب والمجلس العسكرى:
الاتصال الأول: يوم 24 يناير، وهو اليوم التالى لانعقاد أولى جلسات المجلس الجديد، وهنا سيدور اتصال بين الأمين العام لمجلس الشعب، وبين المجلس العسكرى فى معرفة ما إذا كان المشير سيأتى إلى رئيس المجلس لتهنئته، أم أن رئيس المجلس هو من سيذهب للمشير، وهنا من الممكن أن يتوصلوا إلى حل وسط.. أن يأتى سامى عنان لرئيس المجلس، ثم يذهب رئيس المجلس لمقابلة المشير.
الاتصال الثانى: وتوقيته بعد انتهاء انتخابات مجلس الشورى، وهنا ستتم دعوة المجلسين، الشعب والشورى، للانعقاد بحضور المشير باعتباره رأس الدولة فى الوقت الحالى، فسيجرى التنسيق على أن يلقى المشير كلمة أمام البرلمان بمجلسيه، أتخيل أن يتكلم فيها عن الصعوبات التى واجهها طوال الفترة الانتقالية.
الاتصال الثالث: وسيكون فيما بين اللواء ممدوح شاهين، عضو المجلس العسكرى، ومهندس التشريعات التى عشنا فيها فى الفترة الانتقالية، وبين رئيس مجلس الشعب، طالبا عقد اجتماع لبحث كيفية اختيار اللجنة المؤسسة للدستور، وهنا سيسأل اللواء شاهين عن إذا ما كان مجلس الشعب والشورى سيبدآن فى اختيار الأسماء من داخل البرلمان أم من خارجه، ثم يطلب إذا ما كان من الممكن أن يضع المجلس العسكرى خمسة أسماء تشارك فى وضع الدستور.
الاتصال الرابع: أتوقع فشل اللواء ممدوح شاهين فى مهمة التوافق مع أعضاء المجلس على وضع أسماء بعينها فى اللجنة المنوط بها وضع الدستور، وهنا سيتحدث سامى عنان إلى رئيس مجلس الشعب ظاهريا وسيتحدث إلى الإخوان من الباطن، طالبا الاجتماع لتحديد تصور معين لوضع القوات المسلحة فى الدستور القادم.
الاتصال الخامس: سيكون بين الفريق سامى عنان وبين رئيس المجلس داعيا إياه للقاء المشير لتحديد كل هذه الأوضاع.
وهنا أتخيل أن يدور الحوار الآتى:
- رئيس مجلس الشعب: يا سيادة المشير الشعب لن ينسى لك أن الجيش وقف بجوار الثورة وحافظ عليها فى بدايتها.
- المشير: طيب لما الشعب لن ينسى ذلك يبقى تقدروا القوات المسلحة اللى عملت كل ده.
- رئيس مجلس الشعب: المشكلة يا سيادة المشير أن بعض الناس اللى صوتهم عالى عندى فى المجلس عاوزين يعنى يتكلموا على الكام حاجه اللى حصلت أثناء الفترة الانتقالية.
- المشير: طيب ما يتكلموا مع الحكومة ويسألوها عن الخطة الاقتصادية للخروج من هذه المرحلة ويشوفوا أهم القضايا اللى بتشغل المواطن العادى زى البنزين وأنابيب البوتاجاز.
- رئيس مجلس الشعب: لا بوتاجاز إيه يا فندم.. دول بيتكلموا فى تشريعات خرجت فى الزحمة تجعل اختصاص القضاء العسكرى وحده بإقرارات الذمة المالية الخاصة بالعسكريين، وبيتكلموا عن أن المجلس العسكرى مسؤول عن الناس اللى قتلوا فى أحداث ماسبيرو وأحداث محمد محمود وأحداث مجلس الوزراء وعاوزين كمان يفهموا إيه اللى حصل يوم 10 و11 فبراير مع الرئيس السابق.
- المشير: هييجى يوم وسيحكى التاريخ كل ده لإخوانا فى الوطن.
- رئيس مجلس الشعب: أصل المشكلة يا فندم أن الكلام بتاع التاريخ هيتحكى، والحاجات دى ما بقاش لها صدى عند بعض الشباب.. والواحد من دول عايز يفهم كل حاجة ويعرف كل حاجة.
- المشير: طيب بالنسبة للى حصل يوم 10 و11 فبراير أنا هاخلى واحد من أبنائنا الصحفيين اللى المؤسسة العسكرية بتعتمد عليهم أنه يخرج فى البرنامج بتاعه ويعمل حلقه ثلاث ساعات يقول فيها شوية تفاصيل عن اللى حصل، أما موضوع الأحداث والناس اللى ماتت ده أمر متعلق بالقضاء العسكرى ونحن لا نعلق على أعمال القضاء ولا نتدخل فيها.
- رئيس مجلس الشعب: ما هو يا فندم السيناريو ده هو نفسه اللى كان بيعملوه بتوع النظام اللى فات والولاد بتوع اليومين دول ما بتدخلش عليهم الحاجات دى ومصممين يعرفوا منك إيه اللى حصل وبرضه يطلبوا معرفة جميع التحقيقات الخاصة بالأحداث اللى مات فيها إخوانهم وعاوزين الموضوعات دى كلها تكون بمعرفة قاضى تحقيق وأن يكون له الحق فى أن يستدعى من يشاء من القادة العسكريين.
- المشير: قصدك من ضباط الشرطة العسكرية اللى كانوا فى الشارع وتعاملوا مع الأحداث؟
- رئيس مجلس الشعب: لا يا فندم أنا بقول لسيادتك مش بس دول ده كمان عاوزين يعرفوا من الذى علم ولم يمنع وندخل بقى فى سكة التسليح ومين اللى أمر بهذا النوع من التسليح والمشاهد المسجلة اللى فيها ضباط جيش بيوجهوا أسلحتهم تجاه المواطنين، ومتى وقع القتيل الأول؟ وهل علمت القيادة بوقوعه؟ وماذا فعلت كى تمنع وقوع الثانى والثالث؟ وندخل بقى فى سكة الاشتراك والتحريض والمساعدة، والجو اللى شغال فى أكاديمية الشرطة من 3 أغسطس الماضى.
- المشير: الكلام ده مش ممكن يحصل احنا حاربنا علشان البلد ولا نسمح أن تهان أى قيادة عسكرية قدمت كل ما لديها للبلاد طوال هذه المرحلة الانتقالية احنا كنا بنواصل الليل بالنهار.
رئيس مجلس الشعب: ما هو المصيبة يا فندم إن اللى فاتوا كلهم حاربوا وانتصروا وقعدوا يذلوا أهالينا 30 سنة ويخلونا نغنى بالعافية على الحاجات اللى عملوها وطلعوا فى النهاية هما اللى بيغنوا علينا، وبعدين هو سيادتك فى العشرين سنة اللى فاتت كنت بتحارب برضه.
وهنا وقف الحوار بين الاثنين.. واحد عاوز يعرف الحقيقة ويحاسب أى شخص أيا ما كان وضعه قام بأى شىء فى حق أبناء وطنه.. والتانى عايز يخرج بشكل آمن ويحفظ لنفسه حياة هادئة ولمؤسسته استقلال دائم وكيان داخل الدولة.
بس للأسف الاثنين نسيوا أهم واحد وهو المواطن، اللى هو أنا وأنت، يا ترى إلى أى اتجاه من الاتجاهين سنذهب؟ شرعية الانتخاب أم سلطة الأمر الواقع؟ ولو اختلفوا هيكون إيه موقفنا، حاول تفكر هنعمل ايه ومتنساش إن مافيش وقت نسكت تانى وتقول خلينى فى حالى لأن ده هو حالك، ولو رجعت ليوم 28 يناير انت كنت قاعد فى الشارع تحمى بيتك علشان قلت طوال سنين كتير، خلينى فى حالى، خلونا نقولهم مجتمعين لا فرق بين حاكم ومحكوم ولا أحد فوق القانون والبلد دى بتاعة الجميع ومستقبل بلدنا احنا اللى هنعمله دلوقتى وبأيدينا.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
Hanet
بكره 17 يناير
عدد الردود 0
بواسطة:
نادين
مقال رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو مريم
اانسان محترم
عدد الردود 0
بواسطة:
مصريه
رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
Rody
نحترمك كثيرا
عدد الردود 0
بواسطة:
د لمياء صبحي
والله تسلم ايدك
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
بصراحة
عدد الردود 0
بواسطة:
elqoreish56
رائع ياخالد ولكن .........؟
عدد الردود 0
بواسطة:
فاروق حماد
تحليل جميل
عدد الردود 0
بواسطة:
ندى احمد
و لكن...