خالد أبو بكر

عمر سليمان.. كلمة السر فى دفاع مبارك

الثلاثاء، 24 يناير 2012 09:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا شك أن حضور محاكمات الرئيس السابق مبارك هو تاريخ كبير، تستطيع أن ترى فيه وبوضوح نماذج وأمثلة ومفارقات وعبر كثيرة، وأيضا تستطيع أن ترصد بسهولة كيف كانت تُدار مصر طوال السنوات الماضية.
عندما تنظر إلى قفص الاتهام، وترى من هم فيه تشعر أن الدنيا زائلة ولا ضمان لها وتقول من كل قلبك سبحان المولى يعز من يشاء، ويذل من يشاء بيده الملك، وهو على كل شىء قدير.
كذلك من المفارقات أن يأتى أحد أبناء المتهمين من مساعدى وزير الداخلية الأسبق العادلى، ويتحدث إليك بهدوء وأدب، ومعظمهم من أصحاب الثقافات العالية، ويناقشونك فى كيف أنك تقف لتطالب بإعدام والدهم، إحساس غريب وتجربة متفردة، فقد كان هؤلاء يتعاملون على أنهم أسياد المجتمع فى الماضى القريب، وكان الكثيرون يسعون إلى التقرب منهم، أما الآن فقد اختلف الوضع، وهم ينظرون إلى المجتمع نظرة أخشى من عواقبها.
إلا أن الشىء الأهم هو أنك كنت تسأل نفسك كيف سيدافع مبارك عن نفسه؟ كنت أتخيل أن يأتى مبارك واقفا على قدميه وأن يدخل إلى المحكمة، ويناقش بنفسه جميع الاتهامات الموجهة إليه، ولا يحاول بأى شكل من الأشكال أن يظهر بمظهر الضعيف أو أن يوصفه دفاعه بأنه الرجل المريض العجوز، فالحقيقة لم أكن أتخيل أن الصورة ستكون هكذا.
وإذا كنت تريد أن تعرف ماذا قال دفاع مبارك لكى ينفى التهمة عنه، أستطيع أن أجمل لك مرافعة أربعة أيام فى اسم واحد، وهو - عمر سليمان - نعم. كان عمر سليمان وما قاله أمام المحكمة هو نقطة الارتكاز الأساسية التى اعتمد عليها مبارك فى دفاعه، فأخذ يستشهد بكل كلمة جاءت على لسان عمر سليمان فى المحكمة، ولم يلتفت أو يشير إلى أقواله التى جاءت فى تحقيقات النيابة العامة، والتى ومن حسن حظ الشعب المصرى بأكمله أدانت مبارك تماما.
فعمر سليمان هو من قال لنا إن مبارك هو من اقترح إسناد تصدير الغاز لإسرائيل إلى شركة حسين سالم، ووصف العلاقة فيما بينهما بأنها علاقة صداقة، قوامها عشرون عاما، وعندما واجه المحقق مبارك بأقوال عمر سليمان قال: لا من قام بذلك هو عاطف عبيد.. فاستدعت النيابة عمر سليمان مرة أخرى وقالت له ما قولك فى أن الرئيس السابق يقول إن من قام بذلك هو عاطف عبيد قال للمرة الثانية: الرئيس السابق هو الذى أوصى بإسناد هذه العملية إلى حسين سالم.
وتكتشف من دفاع مبارك ونجليه مفارقات غريبة قد تستفز كل من يسمعها، فعلى سبيل المثال قال مدافعا عن جمال مبارك إن القسط الأول المدفوع من جمال مبارك إلى شركة المقاولون العرب للقيام بأعمال تشطيب للفيلا المتهم بأخذها جمال من حسين سالم ثمن هذا القسط ستة ملايين جنيهات - وهو يتحدث هنا عن قسط أول - وهذا الرقم حقيقة يجعلنا نسأل: ماذا كانت وظيفة جمال مبارك، وأى نوع من الأعمال فى هذه السن كان يمتهن كى يتمكن من أن يدفع فى أولى مراحل تشطيب منزل ساحلى للترفيه وليس للمعيشة ستة ملايين جنيه؟ والأغرب من كده إيه علاقة المقاولون العرب بتشطيب الفيلا الخاصة بجمال مبارك؟ الحقيقة حاجة تخلى الواحد يسأل هى كانت بلد ولا كانت عزبة؟
وتعود لتسمع أيضا اسم عمر سليمان عندما يستشهد به دفاع مبارك لكى يروى لنا أن مبارك أرسله إلى رابين بحكم الصداقة التى كانت تجمع مبارك برئيس الوزراء الإسرائيلى، وطلب منه رفع سعر الغاز المصدر لإسرائيل، كى يبين للمحكمة حرص مبارك على المال العام وبالتالى ينفى التهمة عنه.
لكن المشكلة الرئيسية فى مصر فى السنوات الأخيرة من حكم مبارك أنك تشعر أن هناك فئة من البشر كانت تحكم، وبينها مصالح متداخلة ومتشابكة ولا يمكن اختراقها، وطلب من المواطن المصرى العادى بعد الثورة إذا ما أراد أن يأخذ حقه أن يأتى للمحكمة بدليل من داخل هؤلاء على أن فيما بينهم فسادا أو على اشتراكهم فى ارتكاب جرائم، والحقيقة أن هناك الكثير من جهات الرقابة لديهم الكثير من الأقوال والوقائع يمكن أن تكشف لنا عن الكثير إلا أن الأمر مازال قيد البحث حتى يومنا هذا، أو قيد التأجيل، أو قيد التطنيش، أو خايفين يتكلموا لتشابك المصالح مع بعض أصحاب القوى الحالية.
لكن السؤال: ماذا يفعل المواطن العادى عندما يفسد كل من هم فى سدة الحكم ويتفقون اتفاقا قوامه المصالح المشتركة، ويقترفون جرائم فى حق هذا الشعب؟ والمصيبة والهم أن أى إثبات لابد وأن يكون بالقانون ووفقا لأحكامه وبنفس الشروط والضوابط العادية التى يحاكم بها المواطن العادى.
وحتى نستفيد من تجربة الماضى يجب أن نضع إجابة عن هذا السؤال حتى لا تتكرر هذه المأساة مرة أخرى، علينا أن نراقب قدر استطاعتنا، وكل منا فى مجال عمله، وعلينا أيضا أن نعطى الدعم كل الدعم لنواب البرلمان القادم، وننتظر منهم أن يقوموا بدورهم الرقابى الحقيقى.
يجب أيضا أن يكون الولاء للبلد - لمصر - بالفعل وليس بالقول، ولا يكون الولاء للمصالح الضيقة والشخصية، علينا أن نفكر وندقق فى كل من حولنا من الشخصيات التى تتولى زمام الأمور أو الشخصيات الشهيرة التى تؤثر فى الرأى العام ونحكم على كل تصرفاتهم، ولا نتركهم يتحججون بأنهم أصحاب تاريخ فى خدمة الوطن، كل ذلك محل احترام إلا أنه لن يكون ذريعة فيما بعد كى يقوم صاحب التاريخ بالاعتداء على مقدرات هذا الشعب.. لكن يجب أيضا أن نسقط من تاريخنا هذه المؤامرة التى تمت على الشعب المصرى وألا يكون هناك ولو اسم أو أى ذكر أو إشارة لأى شخصية ساهمت فى طمس الحقيقة عن الشعب المصرى أو أى جهة تعمدت تبرئة شخص على حساب مصالح أمة، يجب أن نذكر دائما أن هؤلاء كان ولاؤهم لمصلحتهم ولمصلحة من حولهم، ولن أنسى أنا شخصيا ما رأيته رؤية العين أن من هؤلاء من حلفوا يمين الله وكذبوا وضللوا لتبرئة شركائهم.. بس الشىء الأكيد اللى لازم نكون كلنا متأكدين منه، إن هذه الحقبة الزمنية التى كنا نعيش فى ظلامها لن تعود مهما كانت التضحيات أبى من أبى وشاء من شاء.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة