د. هانى أبو الحسن

جلسة فض المظاريف وكشف العذرية!!

السبت، 07 يناير 2012 10:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حوار جدلى رائع ينتابك حين تجلس لأول مرة، وعلى غير إرادة منك أمام أحد هؤلاء المخضرمين من أصحاب الدفاتر والدساتير البيروقراطيين.. وتبدأ فى التساؤل.. من أنا ومن هؤلاء؟.. وما الذى أتى بى لهذا المكان؟.. فقد حلمت لفترات ليست بالقليلة منذ بدايات التحاقى بالعمل الحكومى أن المنصب له بريق يحتمل معه بعض العناء .. ولكننى لم أتخيل ولو للحظة أن تكون جلستى تلك ستنتهى بى إلى هكذا إجراءات.. للدرجة التى تحتاج فيها لمذكرة موقّع عليها من ثلاثة أو أربعة موظفين على الأقل لكى تحصل على ورقة مسطّرة أو حتى فارغة تكتب عليها وقلم جاف (فرنساوى).. وإذا تركت العمل لأى سبب أكتشف أننى استوليت على المال العام للدولة لأننى قبل عامين وقّعت على ورقة من هذا النوع تفيد بأننى تسلمت دبّاسة.. والحقيقة أننى حينذاك تقدمت بطلب دبّاسة ولكن لم يكن بالمخزن سوى خرّامة.. فسلّمونى الخرامة، وقال لى أمين العهدة، إنه لا توجد دبّاسات وسوف نسجّل طلبك حينما يأتى موعد الشراء المركزى.. وما أدراك ما الشراء المركزى!! كل سنة مرّة!!
قيل إن القوانين لم تصدر إلا لتكسر، وغالباً ما يشترك من صنعها فى كسرها أو الالتفاف حولها.. ونحن بلا شك نعانى من تراجع إدارى شديد على كافة المستويات فالقانون الإدارى الذى صدر منذ عشرات السنين وتجرى عليه ترقيعات من أثر ما فعلته به الخرّامة جعلته لا يصلح لأن يكون فاعلاً فينا حتى الآن.. لأنه لا يمكن أن تكتب عشرة مذكرات بعشرة توقيعات وتشكّل عشرة لجان وتستهلك بريداً حكومياً وتدفع راتباً لموظف البوسطة فى أى مؤسسة حكومية من أجل أن تشترى رزمة أوراق!!!!
أما الأدهى من ذلك فهو ما يعرف اصطلاحاً بالمناقصة.. التى لا شأن لأى عملية شراء أو توريد فى الجهاز الحكومى دونما استرضاء (مناقصة هانم وأخواتها)، وتتلخص طلبات سيادتها أولاً فى تحديد الصنف المراد شراؤه والذى لا يتم دون تشكيل لجنة فنية من المتخصصين وتضم فى عضويتها بجانب الفنيين عضواً مالياً وآخر قانونياً.. ورئيساً.. وتنعقد اللجنة ثم يحدد الأعضاء الفنيين المواصفات المطلوبة ويشترط فى الأعضاء الفنيين ألا يكون لهم أدنى علاقة بالصنف المراد شراؤه ولا يفقهون فيه شيئاً.. وإنما هم مفروضون على (لجنة هانم) وفى كل موقع لا يمكنك أن تحصل على أى موافقة دون المرور على الكهنة.. المهم.. تنعقد اللجنة وتتحدد الأصناف.. ثم يتبع اللجنة قيام مندوب المشتريات بإحضار ثلاثة عروض أسعار لتوريد (الأستاذ صنف).. وطبعاً وقطعاً وغالباً ما تكون العروض لنفس الشخص بأوراق ثلاثة أو بالثلاث ورقات.. كل عرض يحمل سعراً يرتفع أو ينخفض عن جاره بثلاثة أو أربعة جنيهات!! وصاحب العرض الثلاثى هو الذى يقرر تنفيذ عملية التوريد بأى اسم من الأسماء التجارية الثلاثة التى يملكها!!! فأين هى المصداقية.. أما الأخت الثانية (لمناقصة هانم) فهى (عطاءات مظاريف مغلقة هانم) وهى تعد الأخت العظمى لكونها تتم بتقديم عروض لتنفيذ العملية المطلوبة فى مظاريف مغلقة ضماناً للشفافية!!.. وبعد انقضاء المدة المعلن عنها لفتح باب التقدم يتم عقد جلسة لفض المظاريف.. ولكن الحقيقة الكامنة تتمثل فى تلك الفترة التى لا تدب فيها الروح إلا قبل إغلاق باب التقدم بدقيقة واحدة.. ولا يتعين على المورّد البريمو – إيّاه - إلا أن يتفق مع أحد (جماعة الخير) من داخل المؤسسة – إيّاها - ليخبره بالأسعار التى تقدم بها من سبقوه من الموردين حتى يتقدم هو فى آخر دقيقة بعرض سعر أقل بخمسة جنيهات من أقل سعر تقدم بمظروفه المغلق من (مستر موّرد منافس) من السابقين!! .. وهكذا تنقضى ثلاثة أشهر ويتم صرف مبالغ ما أنزل الله بها من سلطان وجلسات تنعقد ولجان تقبض وإعلانات تنشر فى الجرائد من أجل شراء شفاف لا يشوبه فساد لرزمة أوراق سواء مسطّرة أو سادة!! وعندما يرسو العطاء بانتهاء العمل فى جلسة فض المظاريف يتم استخراج الإذن (لمستر بريمو) صاحب السعر الأدنى بفارق خمسة جنيهات.. وعندما يتم توريد (صنف هانم) تنعقد لجان الفحص والكشف لتبصم على جودة الأصناف ومطابقتها لما تم طلبه فى اللجنة الفنية للمواصفات التى قام من لا شأن له فيها بتحديد ما لا يعرفه من متطلبات.. وبعد تسلّم الأصناف تفاجأ بأن الأقلام لا تكتب والأوراق تمنع الأقلام من ملامستها حتى بعد أن تم دفع مهرها، وذلك منعاً للفتنة!! وبعد أن تم شراؤها بثلاثة أضعاف ثمنها.. وينتهى الحال بفض عذرية المال العام.. وتقييد الواقعة ضد مجهول!!





مشاركة




التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

مبارك بن شافي

مقالة جميلة

مقالة جميلة و ساخرة

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرية

افتكرتك!

عدد الردود 0

بواسطة:

البهنسى

رهيبة

عدد الردود 0

بواسطة:

gehad ezz el din

قوانين بالية لابد من وأدها

عدد الردود 0

بواسطة:

عاصم سامي عبد العزيز

حسبي الله ونعم الوكيل

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة