د. رضا عبد السلام

حصيلة حرب تكسير العظام بين التيارات الدينية والليبرالية!

الإثنين، 22 أكتوبر 2012 11:26 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحقيقة المؤكدة، التى يدركها كل مصرى مهتم بالشأن العام، هى أننا بصدد حرب تكسير عظام فيما بين التيارات الدينية من جهة، وعلى رأسها الإخوان، وبين التيارات المدنية والليبرالية من جهة أخرى. فكل طرف يبحث عن كسب أرض جديدة على حساب الطرف الآخر. وكلُ يتصيد الأخطاء للآخر، خاصة وأننا قاب قوسين أو أدنى من انتخابات مجلس الشعب، ومن ثم تشكيل حكومة جديدة...الخ!

ولم يعد السباق مقتصراً فقط على التيارات الإسلامية والتيارات المدنية، فقد دخل السباق بقايا الحزب الوطنى، الذين يبحثون أيضاً عن المصائب ليبرهنوا على صحة وصدق وسلامة نظامهم البائد. فقد أعيدت الحياة لهؤلاء بعد تراخى الدولة فى قفشهم وفضحهم، وبعد تبرئة كبار رجال مبارك من قتل المتظاهرين فى موقعة الخيل والبغال والحمير!

على صعيد آخر، مَن الله على مصر – والحمد لله – بآلة إعلامية تبحث عن جنازة وتختلق الأحداث والمشكلات، وموضوع النائب العام ليس عنا ببعيد، سواءً بشأن إقالته أو تسجيل مكالمته، فضلاً عن الحرب الكلامية بين مجموعة من رموز الإعلام وقيادات الجماعة "الحاكمة". فكما أقول دائماً وعن قناعة أن كلا يبكى على ليلاه، ولتذهب مصر وأحلامها وليذهب استقرارها وشعبها البائس إلى الجحيم!!

ربما كانت هناك رموز تحظى بتقدير المواطن قبل الانتخابات الرئاسية، بل وقبل خلع مبارك ونظامه، ولكن بعد عملية الفرز التى دامت نحو عامين، والممارسات الخاطئة لكافة الرموز الموجودة على الساحة حالياً، أستطيع القول إن الشعب فقد ثقته فى الجميع!! نعم... فقد ثقته فى الجميع. سبق وأن كتبتُ مقالاً على صفحات هذه الجريدة وعنوانه "من فيكم سيدنا يوسف"، حيث يحاول كل فصيل الظهور بمظهر الملاك، الذى يكيل الاتهامات للفصيل الآخر، وكأنه هو منزه عن الخطأ.. وهذا خطأ فادح لم ينج منه الجميع.

فقد بدا واضحاً أن جميع من هم على الساحة عيونهم على كرسى السلطة اللعين! لا يزال يبهرهم بريق السلطة، رغم ما أصابها من عوار ودمار! فرغم محاولاتهم التجمل وإخفاء هذه المشاعر التواقة للسلطة، إلا أنهم وقعوا فى الفخ واستطاع الشعب كشف حقيقتهم جميعاً!

الآن، ونحن على أبواب انتخابات برلمانية جديدة، أستطيع القول إن نسب المشاركة فى تلك الانتخابات لن تصل إلى النسبة التى شهدتها، سواءً الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية. فقد بات لدى الناس خيبة أمل كبيرة وريبة فى الجميع، خاصة وأننا لسنا ذلك المجتمع المتحضر، سواءً على صعيد النخبة أو على صعيد المواطن العادى، وأعتقد أن حلبة المنافسة على الرئاسة فى أمريكا ليست عنا ببعيد. ومع هذا، فهذه هى السياسة، وهذا هو عالمها المظلم، وعلى كل من قبل على نفسه الدخول فى هذا النفق أن يتحمل عواقب خطواته!

فالإخوان ومعهم التيار السلفى لم يكن أداؤهم طيباً خلال الفترة الماضية، بل كان فى غاية السوء فى الكثير من الأحيان، حيث تكرار الأخطاء وعدم الاعتراف بالخطأ بل التمادى فيه، والسعى لإقصاء الآخرين، تماما كما كان يفعل النظام البائد. أما التيار المدنى أو الليبرالى فقد أثبت هو الآخر عدوانية كبيرة، وسعيا دءوبا وضرب تحت الحزام للنيل من التيار الآخر، بل تصيد الأخطاء واختلاق المشكلات وإشعال الحرائق. فالمعارضة عندنا فى مصر هى معارضة من أجل المعارضة لا من أجل الإصلاح! للأسف الشديد، يتعامل كل طرف مع الآخر، وهو يفترض فيه الغباء، وهذا هو الغباء بعينه! فالحكمة تقول "تعامل مع الآخرين وأنت تفترض فيهم الذكاء حتى تأخذ حذرك، ومن الغباء أن تفترض فيهم الغباء". كما أن كلا الطرفين (الدينى والليبرالى) يفترضان فى هذا الشعب الغباء. إذاً، على نفسها جنت براقش. لقد خسروا جميعاً احترام وتقدير الشعب لهم.

وسيكتب التاريخ مصر - التى حلم شعبها بمصر حضارية بعد الثورة، بل حلمت الأمة العربية بعودة مصر الكبيرة - تداعى عليها حفنة من مشتاقى وهواة السلطة، سواءً فى التيارات التى تاجرت بالدين (وما أبخسها من تجارة)، أو فى التيارات المسماة بالليبرالية أو المدنية التى تحاول لى ذراع هذا الشعب! لذا، فإن نهجهم جميعاً لم يختلف قيد أنملة عن نهج النظام البائد. فلم يكن قلب أى منهم على مصر أو شعب مصر.

ربما تكون مصر بحاجة إلى وجوه لا صلة لها بالماضى، سواءً كانت مع النظام أو ضده. نعم مصر بحاجة إلى وجوه وعقول جديدة لم يلوثها الانتساب للنظام البائد أو الاحتكاك به والتلطخ بسوءاته.

* أستاذ بحقوق المنصورة










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة