كيف ينتخب الأمريكيون الرئيس؟

الجمعة، 02 نوفمبر 2012 03:11 م
كيف ينتخب الأمريكيون الرئيس؟ باراك أوباما
إعداد - رباب فتحى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
538 شخصاً فقط يختارون الرئيس الأمريكى ونائبه رغم بلوغ عدد السكان 314 مليون نسمة
17 انتخابات رئاسية لم يحصل فيها الفائز بالرئاسة على غالبية الأصوات الشعبية بحسب صناديق الانتخابات

تعتبر الانتخابات الأمريكية واحدة من بين أكثر العمليات الانتخابية تعقيدا فى العالم، ولم يدخل عليها أى تغيير منذ القرن الثامن عشر، وتحديدا عام1787 ولا يزال الأمريكيون ينتخبون بشكل غير مباشر، مما يجعل كثيرا منهم غير مهتم بالتصويت لشعوره بأن صوته غير مؤثر ولن يحدث فارقا، ورغم بلوغ عدد سكان الولايات المتحدة 314.639.879 نسمة، حسب آخر تعداد سكانى هذا العام، فإن أصحاب الحق الفعلى فى انتخاب الرئيس لا يتجاوزون 538 شخصاً، بل إن نجاح أى من المرشحين لا يعتمد إلا على 270 صوتا من أصوات الهيئة الانتخابية.

ما هى الهيئة الانتخابية؟
الهيئة الانتخابية هى موروث دستورى تم تطبيقه لأول مرة فى القرن الثامن عشر، وتتشكل من 538 عضوا، ينتخبهم سكان الولايات، وتملك كل ولاية نفس العدد فى هذه الهيئة ما يماثل العدد فى مجلس الشيوخ ومجلس النواب «هناك اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ من كل ولاية، إلا أن العدد فى النواب يعتمد على سكان الولاية فى التعداد الأخير»، ورغم أن مقاطعة كولومبيا، التى توجد بها العاصمة واشنطن، ليست ولاية إلا أنها تشارك فى الانتخابات الرئاسية ولديها حاليا ثلاثة مندوبين فى الهيئة الانتخابية، وفقا لتقرير نشرته شبكة «سى. إن. إن» العربية.

والمعتاد فى كل ولاية أن يصوت الناخبون على اختيار المندوبين فى الهيئة الانتخابية، وفى معظم الولايات، كما فى مقاطعة كولومبيا، يحصل الفائز على كل شىء، فإذا صوت مثلا الناخبون فى الولاية للديمقراطيين يصبح كلّ أعضاء الهيئة الانتخابية من هذه الولاية من نصيب الديمقراطيين.

وما يزيد هذه العملية تعقيدا وإرباكا، أنه برغم أن تصويت الهيئة الانتخابية نادرا ما يأتى مختلفا عن نتيجة الانتخابات بالتصويت الشعبى، فإنه أمر وارد الحدوث، بل شهدت الولايات المتحدة 17 انتخابات رئاسة لم يحصل فيها الرئيس الفائز على غالبية الأصوات الشعبية المثبتة فى صناديق الانتخابات، فمن يحصل من المرشحين على غالبية الأصوات الشعبية فى أى من الولايات يحصل على مجموع الأصوات الانتخابية كاملة لهذه الولاية، لهذا قد يحظى مرشح للانتخابات الرئاسية بغالبية الأصوات الشعبية فى الولايات الخمسين، بينما يخسر الانتخابات الرئاسية لأن غريمه قد حصل على أصوات أعلى فى الهيئة الانتخابية لتلك الولايات، وحدث ذلك فى انتخابات عام 2000، حين فاز المرشح الديمقراطى آل جور بمجموع الأصوات الشعبية، فيما حصل المرشح الجمهورى جورج بوش الابن على مجموع الأصوات الانتخابية ليكون هو رئيس الولايات المتحدة.

كيف تقوم الهيئة الانتخابية بعملها
يقوم الناخبون المسجلون فى الولايات المتحدة الـ«50» وفى مقاطعة كولومبيا «العاصمة» بالإدلاء بأصواتهم لرئيس الجمهورية ولنائب الرئيس، فى أول يوم ثلاثاء يعقب أول يوم اثنين فى شهر نوفمبر فى سنة الانتخابات الرئاسية.

يجتمع أعضاء الهيئة الانتخابية ويصوتون رسميا لرئيس الجمهورية ولنائب رئيس الجمهورية فى أول يوم اثنين فى أعقاب ثانى يوم أربعاء فى ديسمبر من أى سنة انتخابية، ولكى ينتخب مرشح ما فإن الأمر يتطلب حصوله على أكثرية الأصوات.

وإذا لم يحصل أى مرشح لمنصب الرئيس على أكثرية أصوات الهيئة الانتخابية، فإنه يجب على مجلس النواب أن يقرر الفائز من بين الثلاثة الذين حصلوا على أعلى الأصوات من الهيئة الانتخابية، ولهذا فإن أعضاء مجلس النواب يصوتون على أساس انتمائهم الحزبى، بحيث إن كل عضو فى مجلس النواب من أعضاء الهيئة الانتخابية يدلى بصوت واحد.

وإذا لم يحصل أى مرشح لمنصب نائب الرئيس على أكثرية أصوات الهيئة الانتخابية فإن على مجلس الشيوخ أن يقرر الفائز من بين الاثنين اللذين حصلا على أعلى الأصوات فى الهيئة الانتخابية. ويؤدى رئيس الجمهورية ونائب رئيس الجمهورية اليمين ويتوليان منصبيهما فى العشرين من شهر يناير الذى يعقب الانتخابات.

الشروط التى يجب توافرها فى المرشحين
لكل منصب فيدرالى منتخب شروط مختلفة، محددة فى المادتين الأولى والثانية من الدستور الأمريكى، فالمرشح لمنصب الرئيس، على سبيل المثال، يجب أن يكون مواطنًا أمريكيًا مولودًا فى الولايات المتحدة، ولا يقل عمره عن 35 سنة، وأن يكون مقيمًا فى الولايات المتحدة لمدة 14 سنة على الأقل، وفقا لما جاء فى تقرير نشره موقع السفارة الأمريكية بالقاهرة، ويتعين على نائب الرئيس أن يستوفى الشروط نفسها. وطبقا للتعديل الثانى عشر للدستور الأمريكى، لا يجوز لنائب الرئيس أن يكون من الولاية نفسها التى ينتمى إليها الرئيس.

ويجب ألا تقل سن المرشحين لمجلس النواب الأمريكى عن 25 عاما، وأن يكونوا مواطنين أمريكيين لمدة سبع سنوات وأن يكونوا مقيمين قانونيين فى الولاية التى يسعون لتمثيلها فى الكونجرس، ويجب ألا تقل سن المرشحين لمجلس الشيوخ الأمريكى عن 30 سنة، وأن يكونوا مواطنين أمريكيين لمدة تسع سنوات على الأقل، وأن يكونوا مقيمين قانونيين فى الولاية التى يرغبون فى تمثيلها، ويتعين على الأشخاص الذين يسعون للترشيح لمنصب فى الولاية أو منصب محلى أن يفوا بالمواصفات المحددة فى مناطقهم السياسية.

طرق التصويت
يستطيع الأمريكيون أن يصوتوا مبكرا، إذ يفتح باب التصويت رسميا فى الانتخابات الرئاسية من 27 أكتوبر حتى يوم الانتخابات فى السادس من نوفمبر، كما تفتح مراكز الاقتراع أبوابها لاستقبال الناخبين فى مقاطعات الولايات المختلفة كل يوم من العاشرة صباحا وحتى الثامنة مساء باستثناء أيام الأحد، ويمكن للأمريكيين المسجلين أن ينتخبوا بعدة طرق، فهم ينتخبون إلكترونيا، أو عن طريق البريد الإلكترونى، ويقومون بالإدلاء بأصواتهم من خلال ماكينات إلكترونية مذودة بشاشة كمبيوتر عليها أسماء المرشحين، ويقوم الناخب بتحريك قرص يشبه قرص التليفون لاختيار مرشحه.

ورغم حداثة هذه الماكينة التى صوت الكونجرس لصالح تخصيص مبلغ أربعة مليارات دولار من أجل تغييرها واستعاضت عنها الولايات المتحدة بطرق التصويت القديمة التى كانت تعتمد على إحداث ثقب فى ورقة التصويت والتى أدت إلى الكثير من المشكلات فى ولاية فلوريدا فى انتخابات عام 2000، فإنها لا تخلو من المشاكل المتعلقة بدقة التصويت. ووفقا لمنظمة «ترو ذا فوت»، فإن هذه الماكينات ساعدت فى ظهور حالات كثيرة من التزوير، خاصة أنه لا توجد سجلات يمكن الإطلاع عليها لأن أرقام شفرة أجهزة الكمبيوتر التى تخزن عليها الأصوات تعد من الأسرار التجارية التى لا يمكن الإطلاع عليها. لذا فهناك توقعات بوجود مشاكل قانونية فى الانتخابات القادمة.

مشاكل التصويت
برغم أن الولايات المتحدة بين أكثر الدول الديمقراطية بالعالم، بل أكثرها دعما للديمقراطية وإرساء مبادئها حول العالم، فإن عدد المصوتين فى الانتخابات الأمريكية ليس كبيرا، فهو يتراجع على مر الأعوام، وحاول الرئيس الأمريكى باراك أوباما عام 2008 إحلال بعض التغييرات فى خارطة الانتخابات، وذلك من خلال محاولاته لجذب أصوات غير معتادة متمثلة فى فئة الشباب والأقليات.

«الشباب»، فئة لا يعتمد عليها الكثير من المرشحين للرئاسة، نظرا لأنهم لا يهتمون بتسجيل أسمائهم والمشاركة فى عملية معقدة لا يستطيعون استشعار تأثيرها فى نتيجتها النهائية. إلا أن الرئيس أوباما غير كل ذلك، فكان أول رئيس أمريكى يغازلهم ويطالبهم بالتصويت، فهو رئيس شاب استطاع التحدث بلغتهم والتواصل معهم عبر الأدوات التى يستخدمونها مثل المواقع الاجتماعية كالـ«فيس بوك»، و«تويتر»، ورغم نجاح أوباما، لكنهم عانوا كثيرا فى عهده، إن لم يكونوا بين أكثر المتضررين، بسبب الوضع الاقتصادى، فكلفة التعليم زادت كما ارتفعت نسبة البطالة، فبعد أن كانوا يبدءون حياتهم العملية فى سن 20-22، باتوا يبدءونها الآن من سن 25-27، الأمر الذى له تأثير بالغ على صحتهم النفسية، فضلا عن أن سن انتقالهم من المنزل تأخرت، الأمر الذى لا يقبله الكثير من الآباء، وفقا لجوسلين كيلى، الخبيرة الأمريكية فى مركز «بيو» الأمريكى.

هذا الأمر استغله جيدا خصم أوباما، المرشح الجمهورى، ميت رومنى بل جعله أساس حملته الانتخابية، فهو لم يتوقف عن انتقاد الأول بسبب تدهور الوضع الاقتصادى وبدأ هو الآخر فى مغازلة فئة الشباب، إلا أنها على ما يبدو لا تزال تفضل الرئيس الأسود.

أما الأقليات، فأبرز المشكلات التى تواجههم متمثلة فى عدم تسجيل أسمائهم للانتخابات. وبما أن الولايات المتحدة تمثل بوتقة تضم فيها جميع الأطياف الثقافية تتفاوت بين الإسبان والعرب والمسلمين والصينيين والفلبينيين والهنود وغيرهم، فيحمل صوتهم أهمية كبيرة بالنسبة للمرشحين. إلا أنه نظرا للتعقيد الذى تتسم به قوانين الهجرة، فالكثير من الأقليات ليس لديهم صوت انتخابى، كما أن العديد منهم لا يوجد بالبلاد بشكل قانونى، فيخشى أن يذهب للتصويت فيتم ترحيله.

وسائل جذب الناخبين
ربما لا تحظى العملية الانتخابية باهتمام الشباب فى الدول النامية باعتبار أن صوتهم لن يكون ذا أهمية كبيرة فى تحديد مسار الانتخابات، إلا أن ما يدعو للدهشة أن الشباب والأقليات فى الولايات المتحدة الأمريكية، يشعرون بالتهميش وأن صوتهم لن يحدث فارقا كبيرا، لذا لجأ النشطاء الأمريكيون إلى إيجاد طريقة بسيطة تشجع الناخب الشاب على الاقتراع وأن يكون له دور سياسى فى البلاد.

روك ذا فوت، أو زلزل التصويت، منظمة أمريكية أسست قبل 22 عاما لا تهدف للربح ولا تؤيد أيا من الحزبين الجمهورى أو الديمقراطى، وتعد من أبرز الهيئات التى تروج للعملية الانتخابية، وتهدف إلى تشجيع الشباب على الاهتمام بأن يكونوا جزءا من المشهد السياسى من خلال المشاركة إما بالتصويت أو بالتطوع لمساعدة الغير على التصويت.

والمميز فى هذه المنظمة هو الطريقة المبدعة فى جذب الناخب، فالموسيقى وثقافة البوب أو الثقافة الشعبية والتكنولوجيا الحديثة، أبرز أدوات «روك ذا فوت» لحشد الشباب بهدف تمكينهم من خلق تغيير سياسى واجتماعى حقيقى يستشعره المجتمع بأكمله، وحقيقة الأمر، الموسيقى كانت السبب وراء إنشاء هذه المنظمة، عندما حاولت الحكومة الأمريكية فرض قيود على الموسيقى التى يسمعها الشباب، فما كان من الطرف الأخير إلا أنه يقوم بحملة تسمى «الرقابة ليست أمرا أمريكيا»، مما فتح المجال لإنشاء روك ذا فوت.

وبالفعل كان لصوت الشباب الصدى الأكبر فى انتخابات 2008، بعدما وحدوا صفوفهم وراء الرئيس الأمريكى الديمقراطى، باراك أوباما.

وتقول كريسى فاسين، نائب رئيس المنظمة: إن المنظمة نجحت خلال العقدين الماضيين فى مساعدة أكثر من خمسة ملايين ناخب شاب لتسجيل أسمائهم للانتخاب، حتى أنها باتت مصدرا موثوقا لجميع المعلومات المتعلقة بالانتخابات فى جميع أنحاء البلاد.

وبما أن الشباب بات لا يقرأ الصحف اليومية، ويعتمد اعتمادا كليا على الإنترنت والهواتف المحمولة، عكفت المنظمة على إيجاد وسائل أكثر فاعلية لجذب الشباب، منها الذهاب إلى المدارس وإعطاء حصص للشباب من سن الـ16-17 لا تتجاوز العشرين دقيقة، يستمعون خلالها إلى أغان وموسيقى عالية تشجعهم على الاهتمام بالتصويت وتحفزهم ليكونوا جزءا من المجتمع من خلال تذكيرهم بمدى أهمية صوتهم. بالإضافة إلى الاستعانة بكبار النجوم، مثل مادونا وليدى جاجا، لنشر اللوجو المعروف الذى يحمل اسم spin the vote فى محاولة للتشديد على أهمية المشاركه، حتى أنهم عكفوا على استخدام رقصة أطلقوا عليها «رقصة التصويت».

ووفقا لفاسين، فإن أكبر العوائق التى واجهت الشباب كان الروتين فى تسجيل أسمائهم، وهنا جاء الدور الأساسى للمنظمة والمتمثل فى مساعدتهم على تبسيط عملية الاقتراع وإزالة الغموض عنها، وذلك من خلال الذهاب إلى أماكن تجمع الشباب، سواء كانت مهرجانات أو حفلات أو أحداث رياضية، أو مناسبات اجتماعية أو الحرم الجامعى، وجعل الانتخابات أمرا يخصهم، وإقناعهم وتحفيزهم.

وعن استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة، تقول فاسين إنهم يستخدمون مواقع الفيس بوك وتويتر وجوجل وحتى الهواتف المحمولة لتذكير الشباب بأهمية تصويتهم، فهم يرسلون رسائل قصيرة قبل يوم الانتخابات، ويصنعون مسابقات على المواقع الإلكترونية.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة