قطب العربى

إذا الشعب يوما أراد الدستور

الإثنين، 24 ديسمبر 2012 02:47 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر، وإذا الشعب يوما أراد الخروج فلا بد أن تنسحب النخب، وإذا الشعب يوما أراد التعبير عن رأيه بنفسه، فلابد أن تصمت كل الأصوات، قال الشعب كلمته، وحسم التناحر بين القوى السياسية والذى أوقع شهداء ومصابين أبرياء من أبناء مصر، سواء من القوى الإسلامية أو الليبرالية أو اليسارية، أو من رجال الجيش، أو الشرطة، خرج الشعب فى سبتين متتاليين ليتولى أمره بنفسه، فهو السيد وهو مصدر كل السلطات، وحين يخرج الأصيل فلابد أن ينزوى الوكيل، وإذا حضر الماء بطل التيمم، لم يعد لأحد مبرر أن يتعالى على الشعب، أو أن يرفض خياره بالموافقة على دستوره الذى انتظره طويلا. قالت النتائج النهائية غير الرسمية إن الشعب صوت بالموافقة على الدستور بنسبة %64 وهى نسبة كبيرة فى ظل حالة الاستقطاب الشديد التى عاشها المجتمع على مدار الشهور الماضية، بل على مدى العامين وتحديدا منذ الاستفتاء الأول فى 19 مارس 2011، لم تفلح حملات التضليل المدفوعة الأجر والتى تكلفت الملايين فى إثناء الشعب عن وجهته، ولم تفلح حملات الترويع فى منع الناس من الذهاب إلى لجان التصويت، خرجوا فى المرة الأولى بالملايين، ومر اليوم بهدوء، وهذا ما شجع الملايين الأخرى على الخروج فى السبت الثانى، وزاد من طمأنينة المواطنين الحماية التى وفرتها القوات المسلحة، والشرطة للجان الاقتراع، كما ساهم فى هذا التجاوب الشعبى مشاركة القضاء فى الاشراف على الاستفتاء، بعد فشل كل المؤامرات لمنعهم من المشاركة عبر افتعال الأزمات ودغدغة العواطف، وبث الأكاذيب، وتحريض أصحاب المصالح وأذناب النظام المخلوع.

حاولت أحزاب المعارضة الليبرالية واليسارية تعطيل الاستفتاء بدعوى أن الدستور غير توافقى، وركبت هذه القوى «أعلى ما فى خيلها»، ورفعت أعلى الشعارات «الشعب يريد إسقاط النظام»، وحاولت بسذاجة استنساخ ثورة 25 يناير عبر ترديد هكذا هتافات، وعبر نصب بعض الخيام والاعتصام داخلها فى ميدان التحرير، وصعدٍت موقفها بالتحرك نحو القصر مرددة هتافات «النهاردة العصر آخر يوم فى القصر»، وحاول بعض المتظاهرين اقتحام القصر، والإعلان من داخله عن مجلس رئاسى، وهو ما دفع قوى أخرى مناصرة للرئيس للتحرك، دفاعا عن الشرعية، فوقعت الاشتباكات وسقط القتلى والمصابون. كانت خطيئة كبرى لجبهة الإنقاذ أن تنساق خلف أوهام إسقاط رئيس متتخب، ظنا منها أن بامكانها تحقيق نصر سريع، كما حدث مع مبارك من قبل، وكان واجب قادة هذه القوى المخضرمين فى العمل السياسى أن يرشدوا سلوك المتظاهرين الذين لايدركون معنى ما يهتفون به من إسقاط رئيس منتخب، لكن هذه القيادات بدلا من ذلك تساوقت مع هذه الهتفات ولم تنكرها إلا فى الأيام الأخيرة حين بدأت تتحدث أن هدفها ليس إسقاط الرئيس، ولكن فقط إسقاط الإعلان الدستورى، ورفض مسودة الدستور، ولكن هذه القوى أخطأت مرة أخرى برفضها الحوار الذى دعت إليه رئاسة الجمهورية، والذى لم يكن له سقف محدد بما فى ذلك تأجيل موعد الاستفتاء، وكان آخر ما رفضته هذه القوى المشاركة فى الثلث المعين فى مجلس الشورى، لقد فرضت هذه القوى على نفسها عزلة شعبية ظلت تتصاعد يوما بعد يوم، وكان أبرز مظاهرها فى هذا الخروج الكبير للاستفتاء والتصويت بتلك النسبة لصالح الدستور، وهى نسبة لم تكن قيادة جبهة الانقاذ تتوقعها البتة، ذلك أنها حين قررت التراجع عن موقفها المقاطع والمعطل للاستفتاء، وقبلت بفكرة الاحتكام إلى الصندوق، فإنها كانت تقدر أن الغالبية ستصوت برفض الدستور، وبدا واضحا أن المحافظات التى راهنت عليها جبهة الإنقاذ لإنقاذها، تخلت عنها باستثناء القاهرة والغربية والمنوفية، فقد تمردت عليهم بورسعيد والدقهلية والأقصر والشرقية وكفر الشيخ، والسويس والإسماعيلية، والبحر الأحمر، ناهيك عن زيادة التحدى فى محافظات الصعيد، العمل السياسى لايقوم على المقاطعة، بل على الاشتباك الإيجابى، وتقديم البدائل والحلول، والفرصة مفتوحة أمام جبهة الإنقاذ ورموزها لتقديم مقترحاتهم للمواد المطلوب تعديلها فى الدستور حسب الوعد الرئاسى، والفرصة متاحة أيضا للتعاون فى صياغة قانون انتخابات مجلس النواب بما يحقق مصلحة الوطن والمواطنين، رغم أن النتيجة جاءت لصالح القوى الإسلامية بشكل عام فإنها أكدت أن هناك قوى أخرى صاحبة حضور شعبى أيضا، لاينبغى تجاهلها أو التقليل من شأنها، بل ينبغى التحاور معها من موقع الند، والوصول إلى نقاط التقاء، فالحوار إن كان من قبل فضيلة فهو الآن وبعد هذه النتيجة فريضة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة